كشف الجيش (الإسرائيلي) خلال رده على التماس للمحكمة العليا (الإسرائيلية) يطالب بدمج المجندات الإسرائيليات في سلاح المدرعات عن وجود نقص كبير في عدد الدبابات وذلك بفعل تضرر جزء منها بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبحسب موقع "واينت" الإلكتروني فإن الجيش (الإسرائيلي) يعترف لأول مرة منذ بدء الحرب عن افتقاره للدبابات والذخيرة، وهذا يفضي بنا إلى تساؤل عن تعتيم الجيش الإسرائيلي على خسائره البشرية والمادية.
وحول الكشف عن الخسائر الحقيقية للجيش (الإسرائيلي) يقول الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت ، "هناك تعتيم على الخسائر الحقيقية ولكن مجرد التصريح بهذه الخسائر هو يُشير إلى طبيعتها بسبب اختلاف هذه الحرب عن كل الحروب السابقة التي خاضتها إسرائيل".
ويتابع، "هناك مبدأ في العقيدة الأمنية الإسرائيلية هو أنها تحتاج فقط لخوض حروب قصيرة لأن جيشها يعتمد أكثر من أي جيش آخر على قوات الاحتياط، وهذه القوات لا تستطيع إسرائيل أن تستخدمها لفترات طويلة لأن هذا يؤثر على معنويات الجيش وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي الحرب الطويلة على ما يبدو أن لها تداعيات في تاريخ كل الحروب الإسرائيلية السابقة".
ويقول، "ما أعلن بخصوص الدبابات سبق أن جرى الإلماح إليه عبر وسائل الإعلام أن هناك نقص بالدبابات المطلوبة من أجل خوض الحروب البرية، فإسرائيل في هذه الحرب تخوض لأول مرة ما يسمى المناورة البرية التي كانت تعتقد أنه يمكن الاستغناء عنها، وكان هناك تحذير من القادة العسكريين السابقة أن إسرائيل بحاجة لمثل هذا النوع من الحروب وأنها لا يمكن أن تعتمد فقط على أسلحة مثلا سلاح الجو والاستخبارات وأنها لا تزال بحاجة للحروب البرية".
ويضيف، "الإعلان عن نقص في الدبابات يأتي لتوضيح ما هي التحديات الماثلة أمام الحرب البرية".
وبدوره، يقول المحلل السياسي أمير مخول ، "قضية الدبابات موضوع آخر لم يتحدثوا عن ذلك كثيرا، ولكن بقضية العتاد والذخيرة يستطيعون المناورة وإخفاء المعلومات، الكشف عن النقص في الدبابات أتى من مكان بعيد جدا عن الموضوع المباشر وهو حرية النشر، فهناك قضية النسوية العسكرية الإسرائيلية أن النساء معنيات أن يشاركن بكل وحدات الجيش ومنها وحدة المدرعات والدبابات وهناك كُشف عن النقص الكبير في الدبابات والمدرعات ولم يعد هناك عتاد احتياطي ليتدربوا فيه".
ويقول، "هذا يكشف أن هناك محاولة تعتيم حول المواقع والمعارك الجوية ثم يخرج الجيش ويقول ان المستهدف بلدة أو مكان مدني ويكون غير ذلك وتتضح الصورة بعد أيام أنها مواقع عسكرية، ولذلك التعتيم دارج في زمن الحرب لرفع المعنويات بشكل كبير".
الخسائر البشرية ومدى التعتيم عليها
ويقول شلحت ، "بالنسبة للخسائر البشرية، هناك ما يُشبه الشفافية بالواقع الإسرائيلي بالنسبة للجنود القتلى، ولكن الملف الأصعب في هذا الشأن ملف الجنود الجرحى، هذا لا يُعلن عنه كثيرًا، ولكن في الفترة الأخيرة أُعلن أن هناك نحو 10 آلاف جندي يعتبروا مشوهي حرب، وعندما يقال في الخطاب الإسرائيلي عن جندي أنه مشوّه حرب يعني أنه لا يستطيع العودة لصفوف الجيش، وبالتالي يوجد هناك فراغ، وينشأ عن ذلك أن الجيش بحاجة لهذه الأعداد التي أصيبت بجروح أثرت على قدرتهم للعودة إلى قوات الجيش لخوض الحرب، وهذه الأخبار الآن تعلن لأن هناك جدل في "إسرائيل" حول قانون التجنيد وأن الجيش بحاجة لجنود والمخزون البشري الوحيد الذي يمكن من خلاله تجنيد جنود هو مجتمع الحريديم المتشددين دينيًا ومعروف أن هذا المجتمع لا يتجند في الجيش".
ويقول "لا شك أنه مع استمرار الحرب وإطالة أمدها سيكون هناك المزيد من الكشوف عن هذه الخسائر سواء ما يتعلق بالذخيرة والقوى البشرية".
ويضيف، "حول عدد الجنود القتلى، البيانات الإسرائيلية عادة تحاول أن تقدم الصورة الحقيقية، لأن المجتمع الإسرائيلي يضغط والرأي العام يضغط والعائلات تتكلم، وحتى الآن بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية غير واضح أنه يوجد تعتيم على عدد القتلى ويحاولون أن يوحوا أن المعلومات تُنشر بشفافية. ومثل هذه الأمور ربما ستتضح على نحو واضح عندما تنتهي الحرب، فقضية الخسائر المادية والذخيرة أو الخسائر البشرية تخضع للرقابة العسكرية ووسائل الإعلام تنشر عما يصدر عن الجيش من بيانات رسمية".
ويردف "الصورة ستتضح أكثر بعد انتهاء الحرب، حتى بحسب وسائل الإعلام الأجنبية لا يوجد تركيز أن عدد القتلى أكبر مما يُعلن عنه، يمكن أن يكون أكبر ولكن ليس كثيرًا، الصورة غير واضحة، ونحن لا نمتلك الوسائل الكافية للوصول إلى هذه الصورة الواضح ولذلك لا علينا سوى الانتظار".
ومن جهته، يقول المحلل السياسي أمير مخول، "بشكل عام لا يوجد تعتيم على الخسائر، ولكن من الممكن التعتيم على الخسائر المادية أو المواقع الاستراتيجية لكن بأعداد الجنود القتلى من الصعوبة بمكان التعتيم على ذلك إلا إذا كان هناك قرار بحالات أمنية بمنع نشر اسم الجندي أو صورته أو تفاصيل عنه وهذا ممكن ولكن بشكل عام هذا ليس من أجل حرية نشر المعلومات وإنما لأن العائلات تطلب ذلك".
ويقول أمير مخول ، "كل شيء يمكن التعتيم عليه ولكن هناك نوع من العقد الاجتماعي الإسرائيلي أو المفهوم الصهيوني للجيش والشعب أنه لا يتم حجب معلومات من هذا النوع (أعداد القتلى) وإنما يتم التلاعب أكثر بعدد الاصابات، فلا تخرج للإعلام إلا في فترات متأخرة، كعدد الإصابات النفسية لا يتم الحديث عنه هناك ألوف من الجنود مصابين، ولا يعود الجندي قادر على الخدمة مستقبلا، وهناك معطيات من مراكز التأهيل النفسي أنها لم تعد تستوعب أن هناك كميات كبيرة من الطلبات من الإسرائيليين الجنود لتأهيلهم ولم تعد قادرة على تأهيلهم".
ويضيف، "الكشف عن الإصابات وأعدادها يأتي من مناحي أخرى صحية وقضائية واجتماعية، ولكن لا يتم الحديث عن عدد الجرحى في الجيش ولا نوعية الإصابات بالمشافي أو التي خرجت، فهناك نوع من التعتيم".
ويتابع ، "عندما بدأ الحديث عن تجنيد الحريديم الجيش قال إنه بحاجة لـ 10 آلاف جندي بدلا من الذين خرجوا من الخدمة، وهكذا تم الكشف عن النقص، والنتيجة أن الحديث عن الأعداد يتم بشكل جانبي ولكن لا يتم النشر عنها بشكل واضح".
الجنود المرتزقة
ويوضح المحلل السياسي أنطوان شلحت أن، "إحدى السيناريوهات التي تتداولها وسائل الإعلام الأجنبية أن هناك جنود من الخارج في الجيش الإسرائيلي وهناك ظاهرة تسمى ظاهرة الجندي المنفرد وهذا الجندي يكون بالأصل يهودي يعيش في الخارج ويقرر أن يترك عائلته ويأتي لكي يتنظم في صفوف الجيش الإسرائيلي من خلال كما توحي وسائل الإعلام الإسرائيلية التعطف للدولة اليهودية ومحاربة من يوصفون بأنهم أعداؤها".
ويتابع "هناك تقارير في وسائل إعلام أجنبية تتحدث عن وجود جنود مرتزقة من دول مختلفة، ومن الصعب الحديث عن هذا الأمر بيقين كامل لأننا لا نملك الأدوات للوصول للحقيقية، والاعتماد فقط على ما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية والاحتمال أن التعتيم على عدد الجنود القتلى يأتي من هذه الزاوية، وإذا كان هناك فعلا جنود قتلى يقتلون خلال الحرب، لا يُعلن عنهم على رؤوس الأخبار، ويكون فعلا هذا هو الرقم الذي يتم التعتيم عليه وإن تم كشف النقاب عنه لزادت أعداد الجنود القتلى التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ولكن مع ذلك حتى وسائل الإعلام الأجنبية عندما تتحدث عن الجنود الذين يتم التعتيم على مقتلهم هي تتحدث عن أعداد قليلة وليس عن أعداد مثل الأعداد التي تتحدث عنها مصادر أخرى".
الهدف من التعتيم
ويُشير أنطوان شلحت أن "الهدف من التعتيم هو رفع المعنويات، لأن هذه الحرب مختلفة عن كل الحروب التي خاضتها إسرائيل، وحتى الآن المزاج الإسرائيلي العام متشائم لأن الحرب لم تحقق أهدافها حتى الآن، ولم تحقق الهدف الرئيسي في الأشهر الأخيرة وهو إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة، وكلما طالت الحرب كلما أصبح التشاؤم هو سيد الموقف أكثر فأكثر".
ويقول "التعتيم على الخسائر يأتي لرفع معنويات الرأي العام الإسرائيلي الذي بدا واضحا في الآونة الأخيرة أنه عندما كان يتظاهر من أجل تحرير المحتجزين، ولكن الآن قسم يطالب بوقف الحرب وقسم يطالب بسقوط الحكومة، فهذا التعتيم يأتي لكي يرفع من معنويات الرأي العام كي يصرفوا النظر عن هذه المطالب".
ومن جهته، يقول المحلل السياسي أمير مخول، "يتم التعتيم على المعلومات والأعداد لرفع المعنويات ولمنع تراجعها، والآن هناك حالة تذمر في الجيش فهناك من يؤمن أن إنهاء الحرب غاية وجودية وغير مبررة واستمرارها حرب سياسية لا يوجد إجماع عليها، ويضاف على ذلك وجود خسائر بشرية ليس فقط بالأرواح وإنما الإصابات الشديدة هذا يضرب اندفاعية الجنود وبطبيعة الحال ويدفع نحو رفض الخدمة لأسباب مختلفة".
ويضيف "لذلك هناك يتم التلاعب بموضوع الأرقام في أي مكان آخر بعيدا عن عدد القتلى، فمثلا موضوع الذخيرة تم نشره عندما حدث إشكال مع الإدارة الأمريكية لذلك يتم كشف الأرقام من مسارب جانبية والتفافية فتخرج المعلومات ولكن لا توجد معلومات تندرج ضمن حرية نشر المعلومات إلا بعد نهاية الحرب".
الكشوفات بعد انتهاء الحرب
ويختم مخول ، "إمكانية الكشف عن تفاصيل ووثائق مستقبلا بعد انتهاء الحرب أمر وارد وهو وارد أيضا في كل حرب، وحتى الآن يتم الكشف عن وثائق لما حدث في حرب النكبة، مع أن التوثيق كان أقل ولكن الدولة أغلقت وثائق لمدة 99 عاما وبعد هذه المدة ربما تمدد إغلاقها أيضا أو ربما تمدده لـ 50 عاما وربما تكون وثائق عسكرية أو سياسية مثل قرارات الطرد الجماعي في النكبة وقضية النهب في البلدات الفلسطينية ووثائق التي توثق السياسات التي كان يعمل بها مكتب الحاكم العسكري وبعدها المستشار للشؤون العربية".
المصدر: الجرمق