يتوجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال الأيام القليلة المقبلة إلى الولايات المتحدة، لإلقاء كلمة أمام الكونغرس الأمريكي في 24 تموز/ يوليو الجاري، دون أن يكشف رسمياً عن الخطوط العريضة لخطابه المرتقب، إلا أنه من المتوقع ان يسعى إلى كسب دعم المشرّعين الأمريكيين من خلال استعراض بطولاته في حربه الإجرامية المتواصلة على قطاع غزة، وتكرار "أسطوانة محاربة قوى الشر والحفاظ على القيم".
وسيُغادر نتنياهو وهو في وضعٍ يمكن وصفه بـ"المريح"، بالرغم من ما يواجهه من ضغوط ومن معارضة شديدة متعددة الأقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية، حيث نجح في المماطلة في موضوع صفقة التبادل حتى اقترب موعد بدء عطلة الكنيست الصيفية، وهو ما سيضمن له تمديد حربه الوحشية على قطاع غزة لمدة ثلاثة أشهر دون الخوف من "حجب الثقة"، ما يعني شراء الوقت بإراقة دماء المزيد من الفلسطينيين، وهو ما سيضمن له إطالة فترة بقائه في الحكم دون قلق.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون بالشأن الإسرائيلي، في أحاديث منفصلة مع "القدس" دوت كوم، أن نتنياهو يحاول عرقلة إبرام الصفقة المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، من خلال إضافة شروط جديدة تهدف إلى تخريب الوصول إلى اتفاق، والتي تتزامن مع زيارته إلى الولايات المتحدة، وإلقاء خطاب أمام الكونغرس، حيث سيسعى إلى تجنيد المزيد من الدعم الأمريكي لتحقيق أهدافه في الحرب، فيما يأمل نتنياهو عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لاستعادة العلاقات الذهبية بين إسرائيل والولايات المتحدة.
عرقلة الصفقة بإضافة شروط جديدة
وقال الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحاول عرقلة إبرام الصفقة المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن من خلال إضافة شروط جديدة عليها، تهدف لتخريب الوصول إلى اتفاق.
وأضاف شلحت: "نتنياهو يعتقد أن زيارته إلى الولايات المتحدة يمكن أن تجند المزيد من الدعم الأمريكي لتحقيق أهداف الحرب، وهناك توقعات بأن تتم ممارسة ضغوط عليه للوصول إلى الصفقة، ومع ذلك، لا توجد مؤشرات قوية حتى الآن على قرب إبرام الصفقة".
نتنياهو يتطلع إلى عودة ترامب
وأشار إلى أن نتنياهو يتطلع إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، حيث يأمل أن تؤدي نتائجها إلى عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واستعادة العلاقات الذهبية والقوية بين إسرائيل والولايات المتحدة. وبطبيعة الحال هذا لا يعني أن العلاقات بين الجانبين الآن سيئة، ولكن تعترضها أزمات ناجمة عن وجود ملاحظات من الإدارة الأمريكية الحالية على سير الحرب وبعض ممارسات إسرائيل.
وفيما يتعلق بعطلة الكنيست وتأثيرها على الصفقة، قال شلحت: إن هذه العطلة ستزيد من تفرد نتنياهو بالقرارات، وتمنع المعارضة من تعطيل عمل الحكومة، ليس فقط فيما يتعلق بالصفقة، بل أيضًا في قوانين أخرى مثل قانون التجنيد.
وأوضح أن الأزمات الداخلية تهدد الائتلاف الحكومي في اسرائيل وتفاقم المشاكل، إلا أن عطلة الكنيست تمنح نتنياهو فرصة للتهرب من هذه الأزمات والتفرد بالقرارات وتنفيذ خططه السياسية أو الشخصية. ومع ذلك فهي لا تحُول دون تفجر هذه الأزمات في المستقبل، ارتباطاً بعدم قدرة إسرائيل على حسم الحرب لصالحها.
نتنياهو سيُحمّل أمريكا مسؤولية الإخفاق في الحرب
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي د. رائد نعيرات: إن جميع الأنباء والتصريحات الإسرائيلية تشير إلى وجود تأثير سلبي لزيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، وعطلة الكنيست، على إبرام الصفقة المقترحة، مشيراً إلى أن أهالي المحتجزين الإسرائيليين رفعوا شعار "زيارة الولايات المتحدة تحتمل، لكن حياة أبنائنا لا تحتمل".
وأوضح نعيرات أن نتنياهو يحاول، بشكل غير مباشر، من خلال زيارته الولايات المتحدة، الإيحاء بأنّ سبب الإخفاق في الحرب وعدم تحقيق أهدافها هو قلة الدعم الأمريكي، على الرغم من أن ذلك غير صحيح، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يخشى أن يستغل دونالد ترامب هذه النقطة في دعايته الانتخابية.
فرصة للتلاعب بموضوع الصفقة
أما بخصوص عطلة الكنيست في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فأكد نعيرات أن ذلك يمنح نتنياهو فرصةً أكبر للتلاعب بموضوع الصفقة والضغط على المقاومة لتقديم تنازلات أكبر.
واستبعد نعيرات إبرام الصفقة قبل الانتخابات الأمريكية، لأنّ نتنياهو لا يرغب في إتمامها حالياً.
ولفت إلى أن المطلوب لإبرام الصفقة هو موقف عربي وكذلك من السلطة الفلسطينية للضغط على الولايات المتحدة لتضغط بدورها على إسرائيل، مؤكداً أهمية هذا الموقف، خاصة بعد قرار الكنيست شرعنة عدم الاعتراف بدولة فلسطينية.
سمّور: ترامب يبيع الكلام ويبخل بالمال والسلاح
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لتمديد حالة الحرب القائمة على قطاع غزة حتى الانتخابات الأمريكية، أو ربما الوصول إلى مرحلة أولى من الصفقة قبل تلك الانتخابات.
وأوضح سمور أن نتنياهو يعتقد أنّ عودة دونالد ترامب إلى السلطة مضمونة بسبب تراجع شعبية جو بايدن، إلا أنه يتناسى أن ترامب يركز على المواقف السياسية والخطاب الشعبوي، ويبخل بالتمويل ودعم السلاح.
استعراض بطولاته أمام الكونغرس
وأشار سمور إلى أن نتنياهو يهدف من زيارته إلى الولايات المتحدة إلى استعراض بطولاته أمام الكونغرس الأمريكي وشيطنة إيران وحركة حماس، وأن هدفه هو الدفاع عن القيم والحضارة في الشرق الأوسط.
ولا يُرجّح سمور إمكانية إبرام الصفقة قبل الانتخابات الأمريكية، إلا إذا تعرضت حكومة نتنياهو لضغطٍ كافٍ من خلال إضرابات وخطوات كبيرة، وليس مجرد تظاهرات.
وأوضح سمور أن "عطلة الكنيست ليست عقبة حقيقية، حيث يمكن قطع العطلة لعقد جلسات إذا لزم الأمر".
ولفت إلى أن نتنياهو يواجه ضغوطًا كبيرة في اسرائيل، لكنه تمرد على الجيش بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ويحاول قلب النظام السياسي في إسرائيل، كما أن استمرار نتنياهو في هذا النهج قد يقود إسرائيل نحو الهاوية.
وأشار سمور إلى أن الجيش صار يعلن مؤخراً خسائره بشكل أكبر، للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب، وفي الوقت ذاته توجد أقلام تكتب في الصحافة أن هناك إنجازات واغتيالات لقادة المقاومة، وتدمير بنيتها، من أجل الاستمرار في الحرب.
نتنياهو وائتلافه يدعمون ترامب علانية
أما الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، فاعتبر أن الانتخابات الأمريكية لا تزال بعيدة، حيث تبقّى ثلاثة أشهر ونصف حتى موعدها، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير معني بتقديم أيّ هدية للرئيس جو بايدن قبل الانتخابات، حيث إن نتنياهو وائتلافه يدعمان دونالد ترامب علانية، وينتظران صعوده بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقال أبو غوش: إن نتنياهو يريد زيارة واشنطن ليبدو كأنه مع الصفقة ولكن بشروطه، وهو في الحقيقة غير معني بها.
ولفت إلى أن خطاب نتنياهو المرتقب أمام الكونغرس الأمريكي يهدف إلى كسب التأييد من خلال التأكيد على مواجهته "قوى الشر" وحفاظه على القيم، متوقعاً أن يُلاقي نتنياهو دعماً من الكونغرس، نظراً لوجود انحياز ونفوذ كبيرين لأعضاء الكونغرس في مراكز القرار.
وبشأن دعم ترامب لإسرائيل، لفت أبو غوش إلى أن ترامب شخص غريب الأطوار، وقدّم الكثير لإسرائيل، وقد يفاجئ نتنياهو بمواقف على عكس ما يريده، بالرغم من أن الأرجح أنه سيدعمه.
إبرام الصفقة وخطر الانتخابات المبكرة
وفي ما يتعلق بابرام الصفقة وتأييدها إسرائيلياً، قال أبو غوش: إن هناك أغلبية واضحة في الكنيست والكابينت والحكومة والقيادة العسكرية الإسرائيلية تدعم إبرام الصفقة، لكن نتنياهو يعارض ذلك، لأنّ إبرام المرحلة الأولى منها يعني الهدوء والتوجه إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل، وهو ما لا يريده.
وأضاف أبو غوش: "نتنياهو نجح في تمديد الحرب حتى دخول الكنيست في عطلتها، ما يعني تمديد الحرب لثلاثة أشهر أخرى، بعيدًا عن حجب الثقة عن الحكومة، حيث تعقد الكنيست جلساتها فقط في حالات طارئة وبشروط محددة".
المصدر: جريدة القدس