يدخل العدوان (الإسرائيلي) شهره العاشر على التوالي، استخدم الاحتلال أشكال حرب الإبادة، من بينها الحرمان من الحصول على المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي، في خطوة أخرى تهدد حياة المدنيين العزل في دير البلح وسط قطاع غزة.
وتفاقمت أزمة المياه الصالحة للشرب في المدينة، نتيجةَ توقف معظم الآبار عن العمل، على خلفية نفاد الوقود المُخصص لتشغيلها، كذلك قصف الاحتلال معظم الآبار التي تغذي المحافظة بالمياه.
إذ فاقم شح المياه الصالحة للشرب صعوبة الأوضاع المعيشية للنازحين الفلسطينيين في وسط القطاع، لأكثر من نصف مليون نازح في مدينة دير البلح، في ظل موجة الحر التي تضرب غزة.
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، مطلع يونيو/ حزيران الماضي، من تداعيات توقف عمل محطات لتحلية المياه في قطاع غزة.
*** شح المياه
المواطن صالح أبو عجوة الذي يقف على باب مخيم ما يعرف بـ"الست أميرة" للنازحين جنوب دير البلح وبجانبه "جالون مياه"، يقول :" أنتظر منذ الساعة السادسة صباحاً شاحن المياه من أجل الحصول على مياه صالحة للشرب للعائلة".
ويضيف أبو عجوة والذي يبلغ من العمر ( 54عامًا) وهو من سكان تل الهوا جنوب مدينة غزة، وقد دمر الاحتلال منزله المكون من خمسة طوابق: "منذ 3 أيام ونحن نعاني هنا في المخيم من شح المياه الصالحة للشرب خاصة في ظل حاجة النازحين للمياه مع اشتداد درجات الحرارة".
ويتابع في حديثه لـ"الرسالة": "تتكون أسرتي من 15 فردًا وبالكاد يوميا نحصل على مياه صالحة للشرب، فما بالك في هذا الوقت ونحن نفتقدها.. من وين نروح نعبي مياه، كيف نحصل عليها".
ويكمل أبو عجوة: "احنا إلنا أكثر من 9 شهور في حرب الإبادة والعالم كله بتفرج علينا، حتى المياه الصالحة للشرب الاحتلال بحرمنا منها بدهم يموتونا!.. العالم يلي بدعي الإنسانية وين هو عن يلي بحصل في غزة".
وفي وقت سابق، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع لأكثر من مرة، من خطورة وتداعيات شخ المياه الصالحة للشرب، التي تهدد حياة النازحين والمواطنين في جنوب قطاع غزة.
***اشتداد أزمة المياه
وعلى امتداد شارع البركة وسط محافظة دير البلح تتواجد أكثر 10 مراكز لإيواء النازحين يتواجد بها أكثر من 150 ألف نازح من شمال قطاع غزة، أجبرهم الاحتلال على الخروج من مناطقهم تحت القصف.
هذه المخيمات، هي عبارة عن "قطعة أرض متوسطة الحجم ينصب بها المواطنون خيامهم ويعملون على إنشاء إدارة ناطقة باسم المخيم، من أجل التواصل مع المؤسسات الخيرية لتوفير الاحتياجات للنازحين".
أبو سعيد الحمارنة وهو متحدث باسم مركز إيواء للنازحين يتواجد فيه ما يقارب 5 آلاف عائلة، يقول: "منذ 4 أيام ونحن بالمخيم لا نستطيع توفير المياه الصالحة للشرب للمقيمين في هذا المخيم".
ويضيف الحمارنة في حديث لـ"الرسالة" :"كثير من المؤسسات الخيرية اعتذرت لنا خلال اليومين الماضين لعدم قدرتها على توفير المياه الصالحة للشرب بسبب توقف محطات تحلية المياه عن العمل لعدم توفر الوقود".
ويشير إلى أن أزمة المياه اشتدت على النازحين في ظل ارتفاع درجات الحرارة والحاجة للمياه. ويتابع :"بالكاد نستطيع توفير المياه الصالحة للاستخدام الآدمي.. أغلب النازحين يضطرون لقطع مسافات طويلة والذهاب لشاطئ البحر للاستحمام وتعبئه جالوناتهم ونقلها لمراكز النزوح لاستخدامها في الغسيل".
ويختم المتحدث باسم مركز إيواء النازحين حديثه قائلًا:" أغلب النازحين لا يملكون الأموال لشراء المياه الصالحة للشرب أو للاستخدام الآدمي بشكل يومي، خاصة أن سعر الجالون أصبح بـ 5 شيكل، لذلك هم يعتمدون على المؤسسات الخيرية بالحصول على المياه".
ووفق مؤسسات دولية، فإن حصة الفرد الفلسطيني في قطاع غزة، تراجعت من المياه بنسبة 96.5 بالمئة خلال الحرب، حيث بالكاد تستطيع عائلة مكونة من 7 أفراد من الوصول إلى ما بين 3-15 لترا من المياه يومياً في ظل الحرب المتواصلة.
** توقف عمل آبار المياه
بدوره، قال إسماعيل صرصور رئيس لجنة الطوارئ في بلدية دير البلح، :" إن جميع الآبار وخزانات المياه في المحافظة وسط القطاع توقفت عن العمل، جراء نفاد الوقود المخصص لتشغيل هذه الآبار".
وأضاف صرصور في حديث لـ"الرسالة": "أزمة المياه الصالحة للشرب تهدد حياة أكثر من 700 ألف نازل مواطن في المحافظة من خطر العطش وعدم الحصول على المياه، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة بفصل الصيف".
وحذر من مخاطر وتداعيات صحية وإنسانية جراء نقص المياه في المحافظة، مشيرًا إلى أن الاحتلال أقدم على تدمير الآبار وخطوط المياه منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة".
وأكد صرصور أن المياه الصالحة للاستخدام الأدمي انخفضت خلال الأيام الماضية جراء توقف خط مياه شركة ميكروت القادم من الداخل الفلسطيني المحتل، بعد وقفه من الاحتلال، وتضرر جزء كبير من الخط بسبب القصف الإسرائيلي على المحافظة الوسطى.
**آثار كارثية
وفي وقت سابق، قال بيان مشترك صدر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة المياه، "إن إجمالي المياه المتوفرة يقدر بحوالي 10-20 بالمئة من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان في قطاع غزة".
وأضاف البيان، :"إن الحرب خلفت آثارا كارثية على البنية التحتية للمياه، وشبكات المياه ومصادر الإمدادات بشكل عام، إذ تم تدمير أكثر 40 بالمئة منها، وتعطلت المضخات الرئيسية بسبب القصف أو بسبب نفاد الوقود".
ويواصل الاحتلال (الإسرائيلي) حرب الإبادة متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.