بات معلوما لدى سكان شمال غزة، أن صمودهم في مناطق سكناهم وعدم التوجه إلى جنوب القطاع، يفشل مخططات الاحتلال (الإسرائيلي) في تكرار النكبة مجددا.
ولعل المار بين السكان في شمال غزة، يجد أن لسان حالهم يقول إننا باقون رغم الدمار والقتل والتجويع.
وتنتهج (إسرائيل) حربا شعواء ضد سكان شمال غزة منذ 10 شهور، دفعت بعدد منهم للنزوح قسرا نحو الجنوب، في وقت يصر الباقون على التشبث بأرضهم رغم تحذيرات الإخلاء المتكررة.
** صمود رغم التجويع
فارس عليان من سكان مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، والذي اضطر للنزوح في شهر ديسمبر الماضي إلى مدينة رفح جنوب القطاع بعدما انهالت القذائف المدفعية بشكل كثيف نحو الحي الذي يسكنه بمنطقة الفاخورة والتي أدت لانهيار أجزاء من منزله.
يقول عليان في حديث ل "الرسالة": " أعتبر قرار نزوحي من شمال غزة إلى جنوبه الخطأ الأكبر في حياتي، أنا نادم على اللحظة التي نزحت بها جنوبا".
ويضيف: "أخوتي متواجدون في شمال غزة ونحن نعتصر ألما على حالة التجويع التي يعيشونها بجانب القصف والقتل والدمار، ولكن دائما ما أردد لهم أن البقاء في شمال غزة والمعاناة التي يعيشونها أهون بكثير من حالة الخذلان التي سيشعرون بها مع نزوحهم".
ويؤكد: "الاحتلال غرّر بنا كمدنيين بأن النزوح جنوبا يعني الأمان من الحرب ولكن ها نحن ننزح للمرة الرابعة في الجنوب بسبب الاجتياحات المتكررة في مناطق جنوب غزة".
في حين، يؤكد محمود الفسيس الذي نزح من منطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة إلى منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس في شهر نوفمبر الماضي أن الاحتلال مخادع في جميع ما يتحدث به.
ويقول الفسيس الذي فقد شقيقه أحمد في مجزرة المواصي التي حدثت في منتصف يوليو الجاري، إن الاحتلال أوهم المدنيين بأن منطقة المواصي آمنة، ولكنه يقصفها دون سابق إنذار.
ويضيف: "نزحت برفقة عائلتي إلى المواصي، ولم نكن نعلم أننا نذهب إلى طريق الموت، لقد استشهد شقيقي".
المواطنة هناء عبد القادر التي نزحت برفقة زوجها وأطفالها من مشروع بيت لاهيا شمال غزة إلى مدينة رفح في الجنوب، تؤكد أن قرار النزوح لا يغتفر وكان خاطئا.
وتقول هناء إن جيش الاحتلال اعتقل زوجها أمامها وعلى نظر أطفالها، في وقت لا يزال حتى الآن معتقلا في السجون دون أن تعرف عنه شيئا.
وتؤكد أن الاحتلال الذي أطلق على الممر الواصل بين شمال غزة وجنوبه ب "الممر الآمن"، يكذب ويخادع الجميع، داعيةً من تبقى في شمال غزة بعدم النزوح إلى الجنوب لأي سبب كان.
بدوره، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن جيش الاحتلال نشر بعض الخرائط التضليلية التي تدعو المواطنين إلى النزوح من مدينة غزة إلى الجنوب على أنها مناطق "آمنة"، وهذه الدعوات هي دعوات كاذبة وتحمل خطورة بالغة على حياة المواطنين.
ودعا المكتب المواطنين في شمال غزة إلى عدم الانصياع مطلقاً إلى دعوات جيش الاحتلال (الإسرائيلي) بالنزوح من مدينة غزة إلى الجنوب، حيث يهدف الاحتلال من وراء هذه الدعوات الزائفة إلى استدراج المواطنين إلى أفخاخ الموت والقتل والإعدامات الميدانية، "على غرار ما جرى بشكل مُتكرر من عشرات عمليات الإعدام الميداني للمواطنين الذين حاولوا سابقاً النزوح على شارعي الرشيد غرب مدينة غزة وعلى شارع صلاح الدين شرق مدينة غزة".
وأضاف في بيان: "أكثر من مرة دعا، الاحتلال، المواطنين للنزوح نحو الوسطى والجنوب، ثم أعدمهم بدم بارد فور وصولهم إلى الحواجز العسكرية، وأطلق عليهم النار وأوقع بين صفوفهم عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمصابين.