لم تكن هذه حربا بل هي إبادة، طالت كل مناحي الحياة في غزة، ولم تجعل لطالب الثانوية العامة فرصة ليراجع قوانين الفرح والحزن، فكل قوانين المشاعر حرم منها أبناء غزة.
في وقت الحرب لا تملك الفرصة الكافية لحزن كاف، ولا لفرح أيضا، فقد طغى البحث عن فرص النجاة، ونصب الخيام، والنزوح كل يوم من مكان لآخر، والركض وراء الماء والطعام على مجرد التفكير في تلك الفرحة التي سلبها الاحتلال من طلاب كانت أسماءهم كل عام تتقلد المراتب الأولى في لوحة الشرف، وتكون غزة المتفوقة في كل شيء، في العلم والمقاومة والصمود.
ظهرت نتائج الثانوية العامة اليوم، واستثنت طلاب غزة ، حيث أعلنت وزارة التربية والتعليم اليوم الاثنين نتائج الدورة الأولى من امتحانات الثانوية العامة للعام 2024. وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ التعليم الفلسطيني التي انطلقت امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" في فلسطين بدون قطاع غزة، كنتاج طبيعي لتوقف العملية التعليمية بكل مراحلها ، بل وتحويل كل المدارس إلى مراكز إيواء وتشرذم العائلات والمعلمين.
وقالت وزارة التربية والتعليم ان 39 ألف طالب ثانوية عامة من قطاع غزة لم يتقدّموا لامتحان الثانوية العامة هذا العام، وودعت العملية التعليمية 10 آلاف طالب استشهدوا في هذه الإبادة، بالإضافة لـ400 معلم. وأضافت التربية والتعليم أنها لم تستطع حساب نسبة النجاح، لأن نصاب المشاركين في الاختبارات لم تكتمل باستثناء غزة.
ووقف وزير التربية والتعليم أمجد برهم ليتلو أسماء الأوائل والمتفوقين بنبرة ثقيلة على القلب، وبإعلان غير مسبوق، وبفرحة منقوصة بدأها بالحديث عن أولئك الذين حرمهم الاحتلال من الفرح، ومن الحياة .
وقال برهم إنّ 39 ألف طالب ثانوية عامة لم يتقدّموا للامتحان، بعد أن قتل الاحتلال 10 آلاف من طلبة مدارس وجامعات غزة، منهم 450 من طلبة الثانوية، علاوة على استشهاد 400 معلم، و105 من كوادر الجامعات.
ولم تكن الضفة إلا مشاركة في هذا الاستثناء مع اختلاف الأرقام، فقد أعلنت النتائج في ظل حرمان 55 طالب اعتقلهم الاحتلال ما بين الضفة وغزة، بل وأغلبهم من الضفة، وقد دمر الاحتلال 286 مدرسة في القطاع من أصل 307 مدرسة .
ومنذ السابع من أكتوبر لم يتمكن 630 ألفًا من طلبة المدارس و88 ألفًا من طلبة الجامعات في غزة من ممارسة حقهم الطبيعي في الدراسة.
وقال الوزير برهم: اليوم، ونحن نعلن النتائج ندرك أن الفرح حق، لكنّه في ظل ما يجري في قطاع غزة يجب أن يكون فرحًا مقننًا وبحدود، فالفرحة منقوصة والألم كبير، وانطلاقًا من مسؤوليتنا الأخلاقية والوطنية، أجدّد التزامنا بعقد دورة خاصة لطلبة الثانوية العامة في قطاع غزة حال انتهاء العدوان الغاشم، كما نؤكد أننا عازمون على تنفيذ خطتنا لإنقاذ العام الدراسي حتى نفوّت الفرصة على الاحتلال الساعي إلى طمس مستقبل أجيالنا.