صعد الاحتلال خلال الأسبوع الأخير من حرب الإبادة على غزة، بقصفه لمراكز الإيواء والمدارس وساحات المستشفيات في مناطق قطاع غزة، زاعمًا أنها أماكن تستخدمها المقاومة لإدارة عملياتها ضد جيشه.
لكن مزاعم الاحتلال تفندها على أرض الواقع أعداد الشهداء، التي تكون مجملها من الأطفال والنساء والشيوخ المرضى، الذي لجأوا إلى مراكز الإيواء في المدارس للاحتماء من صواريخ الموت التي لاحقتهم في مراحل نزوحهم.
إذ يسعى الاحتلال من خلال استهداف مراكز الإيواء المتكررة في المدارس وساحات المستشفيات في غزة، إلى جعل جميع مناطق القطاع غير آمنة، كذلك إلى ممارسة الضغط على المقاومة والتحريض عليها في نفس الوقت.
مراكز إيواء وسكن
ومنذ السابع من أكتوبر شن الاحتلال (الإسرائيلي) سلسلة من الأحزمة النارية مستهدفا مناطق بأكملها ما أجبر الفلسطينيين إلى النزوح من شمال غزة إلى جنوب القطاع، والمكوث في مدارس الإيواء التابعة لوكالة الأونروا أو الحكومية.
كما أن القصف الشديد والمتواصل على شمال غزة، وتدمير أكثر من 60% من منازل المواطنين أجبر العائلات الفلسطينية على فتح المدارس ومحيط المستشفيات وحدائقها واعتبارها مراكز إيواء وسكن.
وتعد المدارس التي تتعرض لقصف شبه يومي من قبل الاحتلال هي أكثر المقرات التي يذهب إليها الفلسطينيون في شمال غزة، على اعتبار أنها آمنة تماماً.
ومؤخرًا قصف الاحتلال مدرستي النصر الإسلامية وحسن سلامة بحي النصر شمال قطاع غزة، وقبلها بيوم قصف الاحتلال مدرسة حمامة بحيّ الشيخ رضوان، وقبلها بيوم قصف الطيران مدرسة في مخيم النصيرات، ومثلها مدارس أخرى تعد مراكز إيواء في مناطق مختلفة من جنوبي القطاع تم قصفها وتدميرها.
ارتكاب المجازر
المواطن على العالول وهو من سكان مدينة غزة، نزح لمنطقة دير البلح وسط قطاع غزة، يقول: "كنا نعتقد أن المدارس ستكون أكثر الأماكن الآمنة التي سنلجأ إليها، بعد أن تغول الاحتلال بجرائمه بحق الفلسطينيين بغزة".
ويضيف المواطن العالول الذي يبلغ من العمر 57 عامًا، وتعرض للقصف داخل مدرسة خديجة الحكومية في دير البلح، :" الاحتلال يريد ارتكاب المجازر بحق الشعب فقط.. أنا نازح في المدرسة منذ 5 شهور لا فيها مقاومة ولا غرف عسكرية فكل مزاعم الاحتلال كذابة".
ويوضح أن طائرات الاحتلال استهدف المدرسة بشكل مباشر دون سابق إندار مرتكبة مجزرة بشعة راح ضحيتها أكثر من 30 شهيدا، مشيرا إلى أن الاحتلال استهدف في أول صاروخ على المدرسة، غرفه لجنة المدرسة التي تضع بها المساعدات التي تصل من المؤسسات الخيرية ثم يجري توزيعها على النازحين.
ويشير العالول الذي أصيب ابنه بجراح متوسطة جراء القصف على المدرسة، إلى أن الاحتلال يتعمد ارتكاب المجازر بحق النازحين، ويخرج للعالم ببيانات كذب وتدليس والتي يزعم أن المدارس تحتوي على مقرات عسكرية.
وختم النازح العالول حديثة: "الاحتلال استهدف المدارس والمستشفيات والأماكن الآمنة في مواصي خانيونس ورفح ودير البلح.. أين يذهب النازح؟، هم يريدون التحريض على المقاومة، وأن يخرجونا من غزة بقوة السلاح والقصف.. لكن نحن نقول لهم صامدين صامدين صامدين ومع المقاومة".
قصف 172 مركز إيواء
مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، يقول :"إن جيش الاحتلال يصعّد من عدوانه على الشعب الفلسطيني، ويزيد من استهداف مراكز الإيواء في غزة والمدارس المأهولة بعشرات آلاف المهجرين المشردين من بيوتهم بفعل العدوان وحرب التدمير والتهجير".
ويؤكد الثوابتة في تصريح وصل الـ"الرسالة"، أن الاحتلال قصف خلال حرب الإبادة المستمرة 172 مركز إيواء مأهول، منها 152 مدرسة تتبع للحكومة أو وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، فيما أسفر عن الاستهداف المتعمد والمباشر وبدون إنذار مسبق سقوط 1030 شهيداً.
ويشير إلى أن جيش الاحتلال لم يكن ينذر الفلسطينيين في مراكز الإيواء بهذا القصف، ما يعني تعمده إيقاع الخسائر البشرية في صفوفهم. ويتابع :"الاحتلال لديه بيانات جاهزة وعندما يتم قصف مدرسة ينشر مباشرة بيانات وأخبار كاذبة وزائفة، زاعماً أن المقاومة تستخدمها، لكن ذلك كله أكاذيب".
ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي، :"إن ما يروجه الاحتلال أن المدارس هي مقرات للمقاومة، أكاذيب ومحاولة لتبرير المجازر البشعة بحق أبناء شعبنا"، مشدد على أن الاحتلال يريد إيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا والشهداء كأداة للضغط السياسي ومن أجل تحقيق أهداف سياسية.
تواطؤ غربي مع الاحتلال
ويؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن الاحتلال يواصل قصفه عبر الجو والبر والبحر، جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك المناطق التي أعلنتها مناطق آمنة وإنسانية، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات وتفشي المجاعة في شمال القطاع.
واعتبر المركز في بيان وصل الـ"الرسالة"، أن استمرار (إسرائيل) في عدوانها وتجاهلها المطالبات بوقف جريمة الإبادة الجماعية في غزة، هو نتيجة الحصانة التي توفرها بعض دول العالم الغربي، والتي سمحت بتكريس سياسة الإفلات من العقاب، فضلاً عن التواطؤ في الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني من خلال تزويدها قوات الاحتلال بالسلاح والذخائر إلى جانب الدعم السياسي.
ويشدد المركز على أن هذا الصمت الدولي الرسمي واستمرار تزويد دولة الاحتلال بالسلاح لاستخدامه في قتل وسحق الفلسطينيين، وتدمير كل مقومات الحياة هو تواطؤ مع الجرائم الخطيرة المرتكبة بحق شعبنا.
ويطالب الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية ووضع حد لحصانة دولة الاحتلال وذلك من خلال وقف تزويد (إسرائيل) بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مسؤوليها عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الابادة الجماعية.
الحرمان من الاستقرار المؤقت
بدروه، يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، :"إن الاحتلال يتبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني، أينما كانوا، وحرمانهم من أي استقرار ولو مؤقت في مراكز النزوح والإيواء، من خلال تكثيف قصف هذا المراكز، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 تشرين أول الماضي".
ويضيف الأورومتوسطي، في بيان له، :"أنه ورغم مرور قرابة أكثر من 305 أيام على الهجوم العسكري (الإسرائيلي) على قطاع غزة، لم يتوقف الاحتلال عن عمليات قصف المنازل المدنية والقتل الجماعي للمدنيين واستهداف مراكز اللجوء التابعة للأمم المتحدة، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، التي تشكل كل منها جريمة قائمة بحد ذاتها ومكتملة الأركان.
ويوضح أن تتبع منهجية القصف (الإسرائيلي) يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان الفلسطينيين من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء في مدارس الأونروا.