في (سيدي تيمان).. الصلاة ذنب كبير يستوجب العقاب

الرسالة نت - خاص الرسالة نت

لقد فاقت العذابات التي مورست على الأسرى في معتقل (سيدي تيمان) الإسرائيلي كل أصناف العنف التي عاشها أي أسير عبر التاريخ، وفي كل الحقب، بل وفي أقذر قصص الحروب، ليثبت هذا الاحتلال تربعه على عرش العنصرية والسادية وممارسة أبشع الطرق لانتهاك حقوق أسرى الحرب.
ومن لا أخلاق له، سيمنع الحياة والطعام والشراب والاستحمام، وطبعا سيمنع الأسرى من العبادة، والقيام بأبسط شعائرهم الدينية، حتى تتحول عباداتهم إلى شعائر يمارسونها بصمت، وسرا بينهم وبين الله.
وطبقا لما جاء في الحديث الشريف من تعريف للإحسان "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، فقد مارس هؤلاء المعتقلون أقصى درجات التضحية لأجل الله، وعبدوه في قلوبهم في أكثر لحظات الأسى التي رأوها، حتى ارتقى كثيرون منهم وهم يرددون صلواتهم سرا، ويرتلون آياته بينهم وبين أنفسهم، لأن السجان سلب منهم كل حقوقهم، ولم يسلب حق التضرع إلى الله.
وفي شهادات الأسرى المفرج عنهم من معتقل سيدي تيمان الوحشي يقول الأسير عاطف عواودة: لقد صادروا المصاحف، وبالطبع منع الآذان في الزنازين، ومن وجدوه يرتل القرآن أو يصلي كان يعاقب وجميع من معه في الزنزانة بالضرب.
ويضيف الأسير الذي توفي ابنه وهو داخل المعتقل:" في اليوم الأربعين لوفاة ابني أحمد تلوتُ ليلًا آيات من القرآن بصوت مسموع تخليدًا لذكراه. في تلك اللحظة بالضبط دخل إلى زنزانتنا أفراد وحدة خاصّة مع كلاب. قيّدونا وضربونا جميعًا، كانت للكلّاب كمّامات، لذلك لم تتمكّن من العضّ، لكنّها مُدرَّبة على الهجوم مع كمّامات الفم هذه. 
يقول: "انقضّ عليّ أحد الكلاب وأنا مقيَّد اليدين وخبطني على وجهي بكمّامة فمه هذه. كما خدشني الكلب في وجهي وأذني وكتفي. تعرّضنا جميعًا للهجوم بهذه الطريقة دون سبب. بعد ذلك أخرجونا من الغرفة وأجروا تفتيشًا فيها ثمّ أعادونا إليها. لم نحصل على أيّ علاج طبّيّ بعد ذلك." 
ويحكي أحد الأسرى المقدسيين عما تعرضت لهم عبادتهم من قمع:" بعد 7 أكتوبر صادروا جميع كتب القرآن، وإذا حدث أن عثر السجّانون على قرآن أثناء التفتيش كانوا يُلقونه أرضًا ويدوسونه بأقدامهم. صادروا أيضًا سجادات الصلاة والمسابح، ومنعوا الصلاة بأيّ شكل – الجماعية والفرديّة. كان ممنوعًا علينا أن نصلّي بصوت مُرتفع، وهناك أسرى تعرّضوا للضرب لأنّهم رفعوا صوتهم أثناء الصّلاة. 
ويكمل: قبل قدوم رمضان بشهر واحد سمحوا للأسرى بأداء الصلاة فرديًّا، ولكن دون صوت. صلاة مع "كاتم صوت"!.
كانت المياه وسخة ولا مكان طاهر للوضوء، بل كان السجانون يتعمدون قطع المياه في أغلب ساعات النهار، يقول الأسير ثائر حلاحلة والمعتقل في سجن عوفر في شهادته :" المياه الجارية كانت تتوفّر مدّة رُبع ساعة في اليوم، ليس في وقت محدّد وإنّما متى شاءت أهواء السجّان المسؤول. نظّفت كيس قمامة (من النايلون) وصرت حين تتوفّر المياه أملأه لكي نستطيع أن نشرب ونتوضّأ قبل الصّلاة في أوقات حرماننا من الماء الجاري.
في إحدى المرات في عوفر، ووفقا لشهادة الأسير أشرف المحتسب، كان ذلك أثناء صالة العشاء، سمع السجانون أحدهم يدعو إلى الصلاة. فقاموا بإلقاء قنبلة صوتية إلى داخل الزنزانة التي أدخلونا إليها، وذهبوا بسرعة إلى الزنزانة رقم .1 هاجموا كّل الذين كانوا فيها وسمعنا المعتقلين يصرخون. استمروا في ضربهم طوال نصف ساعة دون توقف.
ويضيف أسير مقدسي آخر لم يكشف التقرير عن اسمه :" في يوم الجمعة الموافق ،10.11.23 كنت أؤوم الأسرى في صالة الجماعة وكان بعض الأسرى يبكون. نظر إلينا أحد السجانين من فتحة الباب، وعرفنا بأن هجوما قادما ينتظرنا.
ويضيف:" في المساء جاء السجانون للتأكد من عدد المتواجدين في الزنزانة كالعادة، ثم انقض علينا 14 من عناصر وحدة " كتير" وبدأوا بضربنا بأعقاب البنادق، لمدة طويلة، حتى أن أحد الأسرى كسر كتفه، وانتفخت علينه، وكان معهم مسعف بدأ يصرخ بهم أن توقفوا، لكنهم تابعوا الضرب بدون رحمة، وتوجهوا إليّ بدأوا يضربونني بشدة، وأنا أضع يدي على رأسي لأحميه، ولكنهم يرفعون يديا ويوجهون الضربات إلى رأسي تحديدا، خرجوا وقال لي السجان" إذا رأيتك تصلي مرة أخرى سأقتلك".   
"كنت شبه غائب عن الوعي والدماء تسيل من أنفي وأذني"، وهكذا كانت العبادة ذنب كبير في نظر السجان يستوجب العقاب الشديد.

نقلت هذه الشهادات من تقرير" اهلا بكم في جهنم" الذي أعدته منظمة بتسليم الحقوقية

البث المباشر