في الوقت الذي تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعدا وتطورا في العمل المقاوم ضد قوات الاحتلال، واستخدام العبوات الناسفة التي ألحقت خسائر بشرية ومادية في الجيش (الإسرائيلي)، تستمر السلطة في عملها بتفكيك العبوات وذلك بتنسيق أمني مشترك مع الجيش الذي يشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة والقدس.
وعلى الرغم من الحملات الأمنية وتنفيذ جيش الاحتلال للاغتيالات وملاحقة السلطة لعناصر المقاومة بالضفة، إلا أن المقاومة أثبتت نفسها كحالة لا يمكن القضاء عليها، بل وطورت من أدواتها.
العبوات الناسفة
وباتت العبوات الناسفة سلاح أساسي في عمليات المقاومة اليومية ضد جيش الاحتلال، من خلال نصب الكمائن، ما أحدث صدمة وإرباكا في صفوف منظومة الاحتلال الأمنية.
لكن تلك العبوات الناسفة أصبحت محل ملاحقة من أجهزة أمن السلطة، التي تعمل جاهدة على تفكيكها وإعطابها على الرغم مما تشكله من حالة استنزاف لجيش الاحتلال.
وخلال الشهر الحالي صعدت أجهزة أمن السلطة، من عمليات تفكيكها للعبوات المعدة للتصدي لاقتحامات قوات الاحتلال للمدن والمناطق الفلسطينية.
كما تنشط أجهزة أمن السلطة في جمع المعلومات الأمنية عن عناصر المقاومة وتحركات كل منهم وأي عمليات ينوون تنفيذها بهدف إحباطها أو تسليمها للاحتلال لقتلهم أو اعتقالهم ضمن التنسيق الأمني المستمر منذ اتفاق أوسلو.
أربكت أمن الاحتلال
ياسين عز الدين وهو كاتب السياسي مختص في متابعة شؤون الضفة المحتلة، يرى أن تطور العبوات الناسفة في الضفة المحتلة، أربك أجهزة أمن الاحتلال التي تستعين بأمن السلطة لتفكيكها.
ولفت الكاتب عز الدين في حديث لـ"الرسالة" إلى أن إجراءات السلطة تبطىء تصاعد العمل المقاوم بالضفة المحتلة؛ وذلك بسبب ملاحقة للمقاومين وتفكيك العبوات الناسفة ومحاولة بث الروح الانهزامية بين الناس.
وأشار إلى أن أجهزة السلطة تعمل منذ شهور على إتلاف العبوات وتفجيرها بعد مصادرتها، ما يعني توفير حماية مباشرة للاحتلال من الفعل المقاوم المتصاعد بالضفة، خاصة بعد معركة طوفان الأقصى وكل ذلك بموازاة حملات اعتقال وملاحقة مكثفة للمقاومين.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي أن ملاحقة عناصر السلطة للمقاومين والنشطاء في الضفة المحتلة، هو يأتي في سياق التنسيق الأمني لوأد المقاومة والقضاء عليها، منوهًا أنه على الرغم من هذه الحملات الأمنية إلا أن الضفة بمقاومتها عصية على الانكسار والاستسلام لسياسة السلطة.
وكثفت أجهزة السلطة من سلوكها الوطني المشين بتتبع عبوات المقاومة وإبطال مفعولها، حيث تكرر هذا السلوك بشكل لافت مؤخرا، حينما فككت أجهزة أمن السلطة عبوات ناسفة في طوباس وجنين وطولكرم وغيرها.
وأد المقاومة
وتزعم السلطة أنها تزيل الضرر والخطر الناجم عن زراعة العبوات على المواطنين، وهي ذريعة لا تصمد أمام وعي الجمهور الفلسطيني بمرامي وأهداف السلطة من وأد أي محاولة لمقاومة الاحتلال، وهي حفظ أمنه والعمل ككلب حراسة له، وفق تعبير المنتقدين لسياستها.
كما لا تصمد هذه المزاعم أمام حقيقة أن الفلتان الأمني يضرب الضفة بشكل قاس، حيث تتكرر حوادث القتل وجرائم السرقة والسطو المسلح بشكل يومي، بينما تتساهل السلطة إزاء مظاهر أخذ القانون باليد، والسلاح العشائري وحالات الاختراق القيمي والأخلاقي لبنية المجتمع الفلسطيني.
وهذا حصل مؤخرًا قبل أقل من شهر، حينما حاصرت أجهزة السلطة الأمنية قائد كتيبة طولكرم المطارد محمد جابر "أبو شجاع" أثناء تواجده في مستشفى "ثابث ثابت"، قبل أن يتمكن العشرات من الأهالي من إخراجه، بعد الاستجابة لدعوات فصائلية بالنفير نحو المستشفى لفك حصاره.
ما يثبت أن رجال المقاومة بالضفة أصبحوا يمتلكون حاضنة شعبية كبيرة، تكبر مع كل توغل للاحتلال في مدن الضفة، كذلك تكبر رمزيتهم وقوتهم وتتمثل بهم وبعوائلهم الذين يقدمون أبناءهم من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية.
تناغم مع الاحتلال
بدورها، قالت حركة "حماس" إن استمرار أجهزة السلطة، في العمل ضد مقاومة شعبنا، وتصاعد حملاتها لملاحقة المقاومين ومصادرة سلاحهم وكشف وتفكيك العبوات والكمائن المعدة للتصدي للاحتلال خلال توغلاته المتواصلة لمدن وقرى الضفة؛ هو تناغمٌ فج مع الاحتلال الصهيوني، وسياسةٌ مدانة تضرب صلب نسيجنا الوطني.
وأكدت الحركة في بيان لها وصل الـ"الرسالة"، على أن هذه الممارسات غير الوطنية تتعارض مع دور الأجهزة الأمنية المُفتَرَض في حماية شعبنا والدفاع عن المواطنين في مواجهة الاحتلال وإجرامه المستمر، ونحن في ظلال معركة طوفان الأقصى وهذا الوقت التاريخي والمصيري لقضيتنا.
وشددت على أن "شعبنا الصامد المقاوم في أمسّ الحاجة لوقف سياسة السلطة في قمعها وملاحقتها وزجها لخيرة أبنائه في السجون ظلماً وبهتاناً، ومنعها الحراك الجماهيري في أن ينفجر غضباً في وجه الاحتلال المجرم".
كما وتحاول السلطة إنهاء العمل المقاوم من خلال الذهاب إلى خيار عرض مغريات مادية ووظيفية على المقاومين، كما حدث مؤخرا في مخيم بلاطة حينما عرض رئيس الحكومة محمد مصطفى مغريات ومحفزات ووظائف لكل من يلقي سلاحه من المقاومين.
لكن هذه المحاولات باءت بالفشل كسابقاتها التي حاولت السلطة من خلالها إنهاء ظاهرة عرين الاسود في نابلس، حيث رفض غالبية المقاومين هذه العروض، وتمسكوا بالبندقية ومقاومة الاحتلال ولو على حساب أرواحهم وبيوتهم.