كانوا 70 مستوطنا هجموا على بلدة جيت الواقعة ضمن قضاء قلقيلية شمالي الضفة الغربية المحتلة، ليبطشوا بسكانها البالغ عددهم 2405 نسمة، وذلك قبل يومين.
قفزوا من على الجدران، وبدأوا بتحطيم النوافذ وإلقاء قنابل المولوتوف في باحات المنازل، أطلقوا النيران بشكل مباشر، والغاز مسيل للدموع في وجوه من قابلهم، أحرقوا مركبات وأربعة منازل، حسب ما قاله رئيس بلدية البلدة ناصر السدة.
ابن عم رئيس البلدية كان الضحية الأولى للهجوم، فقد أطلق عليه المستوطنون النار مباشرة، فارتقى رشيد السدة البالغ من العمر 26 عاما مباشرة في رصاصة بالصدر.
حسب شهود عيان، كانت الساعة تشير إلى السابعة مساء من يوم الخميس، حينما دخل المستوطنون من ثلاث جهات، بشكل يبدو أنه مخطط له مسبقا، ثم خلعوا بوابات البيوت ودخلوا وأشعلوا النيران، وكانوا يهتفون " نحن عصابة بن غفير ، نحن هنا لقتل العرب".
وحسب أحد المواطنين الذي تعرض منزله للحرق قال:" وصلنا لمرحلة لا توصف، لا موت ولا حياة، ما حدث شيء مخطط ومدروس، عصابات في زي رسمي وموحد يحملون كل أنواع السلاح، السلاح الأبيض والناري، وهجموا علينا وأطلقوا النار على الناس في بيوتهم، طلبوا منا أن نغادر إلى سيناء وإلى الأردن وسوريا، وتوعدوا بالعودة لقتلنا من جديد".
يقول البيت الأبيض إن هذه الهجمات يجب أن تتوقف، يندد ثم يدعم الاحتلال بالمال والعتاد، والسلطة تطالب المجتمع الدولي بأخذ قرارات تنصف المواطنين، لكنها تلاحق المقاومين الذين يدافعون عن أبناء شعبهم.
وقد اعترف جيش الاحتلال بهذه الهجمات، بل هو الذي فرق المستوطنين الذين بعد أن حرقوا البيوت الأربعة حاولوا إكمال مسيرة الحرق بإلقاء زجاجات المولوتوف على البيوت المتبقية في القرية، وكعادة الاحتلال وعد بفتح تحقيق آخر بالقضية .
نقلت الكاميرات الجريمة بتفاصيلها، مقاطع صورها المواطنون والصحافييون ظهر فيها ثلاثة مسعفين وهم يحاولون إنقاذ رشيد السدة، ومواطنين أخرين وهم يحاولون إطفاء النيران التي أكلت البيوت والسيارات المتوقفة في باحاتها.
ثلاث إصابات تعاملت معها جمعية الهلال الأحمر بما فيها امرأة مسنة اختنقت بالغاز المسيل للدموع .
يناقض الاحتلال نفسه، يطلق التصريحات أمام الإعلام منددا ومتوعدا، وواعدا أيضا بفتح التحقيقات ومعاقبة المجرمين، ومن تحت الطاولة يعمل بن غفير على ترخيص تسليح المستوطنين، بل ودعوتهم علانية لحمل السلاح. ومنذ السابع من أكتوبر رصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق شؤون اللاجئين (اوتشا) ما لا يقل عن 1114 حالة اعتداء من مستوطنين على قرى قريبة من مستوطناتهم .
وحسب لجنة مقاومة الجدار فإن الحصيلة الأولية تقول بإن أربعة بيوت من القرية احترقت بالكامل إضافة إلى 6 سيارات، لافتة في بيان لها أن 273 حريقا نشبت في أراضي المواطنين بفعل الهجمات المستمرة للمستوطنين عليها منذ بداية العام، والتي زادت في الأشهر العشرة الأخيرة، وأدت إلى مقتل 18 مواطنا فلسطينيا.
وقبل أشهر رصدت صحيفة النييورك تايمز استيلاء مستوطنين مسلحين على أراض زراعية شاسعة في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر وصلت إلى 73 ألف فدان من أراضي المزارعين وبأن 550 ألف فدان تقع بالقرب من قرية تقوع في واحدة من أكبر عمليات التوسع الاستطياني.
عثمان أبو صبحة المختص بقضايا الاستيطان قال في مقابلة مع الرسالة إن ما يقوم به المستوطنون في الضفة موجه ومقصود والهدف منه أن يجعل حياة الفلسطيني في جحيم ويدفعه لترك الأرض، وهذا العنف المنظم مزود بالأسلحة من أعلى مستوى بالقيادة الإسرائيلية ومحروس بقوات الأمن والجيش ومشرع ومسموح به.
وأضاف أبو صبحة: "ما نشاهده من تصريحات لقيادات سياسية ودينية تدعو لابادة الشعب الفلسطيني بدون رحمة، لذلك لا أستبعد أن يكون في الايام القادمة أكثر شراسة، وما حدث في قرية جيت هو نظام مصغر سيحدث في أكثر من منطقة وبشكل مكثف قريبا".
ويحذر أبو صبحة أنه يجري الآن تدريب المستوطنين على هذه الاعتداءات خاصة في مناطق ج التي يقطنها عدد كبير جدا من الفلسطينين والتي تعاني واقعا صعبا، سواء نقص خدمات وبنية تحتية أو اعتداءات وتوسعة استيطانية، وهذا الواقع المؤلم – كما يقول أبو صبحة- يحتاج لارادة فلسطينية على المستوى السياسي التي يجب أن يكون لها دور أمام المحافل الدولية على أقل تقدير بالحد الأدنى أن تقدم دعاوى لمنظمات المجتمع الدولي وعلى المجتمع الفلسطيني أن يكون متنبها الأيام القادمة.