تستمر قافلة شهداء الصحافة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، دون توقف، ليلتحق الصحافي المصور حمزة مرتجى بشقيقه ياسر مرتجى المصور الشهيد الذي قتله الاحتلال أثناء تصويره مسيرات العودة في عام 2018، واليوم تجتمع أقدار الإخوة في مكان واحد.
أكمل حمزة مسيرة ياسر بكل تفاصيلها، ربى ابنه عبد الرحمن، وأنجب طفلين، كان آخرهما ياسر الذي ولد قبل أيام، واجتمع الحزن على قلبه في جنوب القطاع بشكل مضاعف، حزن الأب الذي غادر دون أن يرى طفه الجديد" ياسر" ودون أن يودع زوجته التي تذوق وجع فقدان الزوج دون وداع.
استشهد حمزة رفقة ثلاثة من أصدقائه أثناء نزوحهم ولجوئهم لمدرسة مصطفى حافظ في مدينة غزة، في واحدة من المجازر التي بات صعبا أن تعد في ظل ازدحام القتل الذي تمارسه آلة العنصرية الإسرائيلية على قطاع غزة منذ عشرة أشهر.
يعمل حمزة أيضا مصورا صحافيا، وهو خريج العلاقات العامة من الجامعة الإسلامية، وكلما سألنا أحدهم عنه قال جملة واحدة"مش خساره في ربه"، لأنهم يعلمون كيف يصطفي الله الشهداء بكرامة وزعت على خير أهل الأرض عن استحقاق.
ترك حمزة شقيقين من بعد ليكملان الرسالة (بلال ومعتصم)، وقد تعلم كلاهما كما حمزة حب الإعلام وإيصال الرسالة الإعلامية من شقيقهم الأكبر الشهيد ياسر.
وبالأمس دعا شقيقه معتصم النازح جنوبا إلى صلاة الغائب على روح فقيده، ووقف في باحة مستشفى شهداء الأقصى ليؤم زملاءه، وقفة إجلال تعود عليها صحافيو غزة بعدما اغتال الاحتلال 170 صحافيا منذ بداية هذه الإبادة.
شقيقه معتصم يقول فخورا بعمل شقيقه وبإكمال الرسالة من بعده:" ربنا أكرم حمزة وياسر، حمزة كان يعمل في شركة ريكورد ميديا وكان يوثق جرائم الاحتلال، ونحن سنكمل وسنصبر ونحتسب وهذا قضاؤنا وقدرنا ، قد استهدف الاحتلال مدرسة مصطفى حافظ بشكل مباشر، وكان حمزة يوثق قصص الشهداء والنازحين هناك، ونحن الآن على رأس عملنا سنكمل ذات الطريق ونقول للعالم أوقفوا الحرب وهذه الجرائم، لقد بات استهداف الصحافيين متعمد ومستمر، ونحن سنستمر في التغطية رغم كل شيء".
وبالانتقال إلى غادة الهندي زوجة حمزة، فهي الآن حزينة في الجنوب تتجرع مرارة فقد الزوج للمرة الثانية بعد أن فقدت ياسر قبل سنوات، وها هو ابن ياسر عبد الرحمن يقاسي آلام اليتم للمرة الثانية، بعد أن فقد والده ياسر، ثم فقد عمه ووالده الثاني حمزة، بعيدون عنه في الجنوب لا يستطيعون وداعه، وهما اللذان تفصل بينهما وبين جثمانه مسير نصف ساعة لا أكثر!!.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي جريمة الاحتلال رقم 170 التي اغتال فيها المصور حمزة مرتجى وحمله مسؤولية ارتكاب الجريمة وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات العلاقة بالعمل الصحافي وحقوق الصحافيين بردع الاحتلال الإسرائيلي وملاحقته في المحاكم الدولية والضغط لوقف جريمة الإبادة المستمرة لشعبنا وخاصة استهداف الصحافيين المتعمد.
ولعل المثير للأسى والقهر في قصص الموت أن قضية المرحوم الشهيد ياسر مشتهى قد قدمت من قبل الاتحاد الدولي للصحافيين لمحكمة الجنايات الدولية، ولا زالت في أدراج المكتبات، لم ينظر في أمرها ولم يصل عنها خبر، تماما ككل قصص القتل والإبادة التي يراها العالم اليوم، ولا زال يسخر منا ويدعي أنه يبحث عن الدلائل!