منذ أعلن جيش الاحتلال (الإسرائيلي)، الثلاثاء، عن استعادة 6 جثامين لأسرى كانوا بحوزة كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، في عملية عسكرية كبيرة بالتعاون مع الشباك وأجهزة الاستخبارات، حاول الجيش تضخيم العملية، لكسب الرأي العام الداخلي (الإسرائيلي) بأنه يعمل على استعادة أسراه من قبضة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لكن هذه التضخيم قوبل بانتقادات وهجوم حاد من الشارع (الإسرائيلي).
في حين وجد بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال نفسه أمام سيل من الانتقادات الداخلية، والهجوم الحاد من عائلات الأسرى (الإسرائيليين) لدى المقاومة، حيث وصفته قيادات المعارضة التي تطالب بإنجاز صفقة تبادل للأسرى مع حماس بـ"الغبي والفاشل".
وتمكنت المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من شن هجوم على المواقع العسكرية لجيش الاحتلال في غلاف غزة، وأسرت أكثر من 120 جنديًا (إسرائيليًا) أحياء، لكن حرب الإبادة على غزة والقصف العنيف أسفر عن مقتل عدد من الجنود، لم تكشف المقاومة عن أي تفاصيل متعلقة بهم.
فيديو القسام
وبعد ساعات من إعلان الاحتلال استعادة جثث 6 من أسراه، بثت كتائب القسام فيديو جديد تضمن شهادات أسرى كانوا يناشدون منذ بداية الحرب رئيس وزارة الاحتلال بنيامين نتنياهو الإفراج عنهم من خلال عقد صفقات مع حماس وإنهاء الحرب.
وأظهر الجزء الثاني من المقطع هؤلاء الأسرى وقد قتلوا بقنابل ألقتها طائرات الحرب (الإسرائيلية) على قطاع غزة في عمليات قصف غير مسبوقة.
وظهر في مقطع الفيديو الذي حمل عنوان "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"، أحد الأسرى واسمه آلون شميرز وهو يقول "كلي أمل جدا جدا بالقريب أن أخرج من هنا".
من جهته قال توم حييم، وهو جندي احتياط، "إلى عائلتي.. أنت حياتي، أنا مشتاق لكم حتى النهاية". في حين قال آخر "بنيامين نتنياهو وحكومته يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم".
وظهرت أسيرة أخرى في الفيديو وهي تخاطب نتنياهو قائلة "توقفوا عن الكذب على مواطنينا وعائلاتنا بأنكم تفعلون كل ما بوسعكم حتى نعود إلى منازلنا". كما وظهر أحد الإسرائيليين في فيديو القسام وهو يبكي مناشدا نتنياهو "أرجوك أن تعيد زوجتي وأطفالي ليدفنوا في البيت".
وفي منتصف شهر 12 العام الماضي، كشف تحقيق لجيش الاحتلال أن الجيش قتل 3 أسرى (إسرائيليين) في غزة عن طريق الخطأ، على الرغم من أنهم كانوا يلوّحون بالرايات البيضاء وأن أحدهم كان يستنجد باللغة العبرية قائلا "أنقذونا"، ورغم ذلك، أطلقت القوة النار عليهم.
نتنياهو يقتل أسراه
المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد، يرى أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يدع أي محاولة للتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار وإنجاز الصفقة إلا أفشلها؛ خوفا من سقوط حكومته.
واعتبر شديد في حديث لـ"الرسالة"، أن معظم الأسرى الإسرائيليين الذين قتلوا في غزة، لقوا مصرعهم بنيران جيش الاحتلال (الإسرائيلي)، منوهًا إلى أنه كلما تأخر الاحتلال بإنجاز الصفقة فإن مزيدًا من أسرى الاحتلال سيقتلون بغزة.
وأوضح أن الاحتلال حاول من خلال عمليات استعادة جثامين أسراه بغزة تصويره بأنه إنجاز عسكري كبير للجيش، إلا أنه فشل بعدما شنت عائلات الأسرى (الإسرائيليين) هجوما على قيادات الجيش التي لا تزال تدعم العملية العسكرية في غزة، وتفشل التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار ويحقق إنجاز صفقة تبادل أسرى.
ولفت شديد إلى أن الخلافات الداخلية للاحتلال تتعمق بشكل يومي مع استمرار الحرب على قطاع غزة، التي تتزامن مع مراوغة نتنياهو لعرقلة إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وأكد المختص بالشأن (الإسرائيلي)، أن الطريق الوحيدة لاستعادة ما تبقى من الأسرى الجنود لدى المقاومة في غزة هي طريق التفاوض لإنجاز الصفقة، أما القصف والضغط العسكري الذي ينتهجه نتنياهو أثبت فشله بالتعامل مع المقاومة، وأن تعنت الاحتلال سيقابل بإعادة الأسرى (الإسرائيليين) بأكياس.
وفي 14/11/2023، جرى الاتفاق على هدنة بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، حيث أفرجت المقاومة عن 50 رهينة مقابل إفراج الاحتلال عن 150 أسيرًا فلسطينيا بينهم أطفال ونساء من سجون الاحتلال.
انتقادات داخلية
قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" الثلاثاء، إن الجيش يفحص جثث 6 من أسراه الذين أعلن استعادتهم من غزة الثلاثاء، للتأكد من احتمال مقتلهم بنيرانه، فيما تصاعدت حدّة الانتقادات الداخلية الموجهة إلى الحكومة، وسط تزايد الدعوات لإبرام صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية.
وقد حمّلت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن وفاة ذويهم في القطاع.
وقالت على منصة "إكس"، يقع على عاتق دولة إسرائيل التزام أخلاقي بإعادة جميع القتلى إلى دفن كريم وإعادة جميع المختطفين الأحياء إلى إعادة تأهيلهم".
وأضافت العائلات "يجب على الحكومة (الإسرائيلية)، بمساعدة الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، أن توافق اليوم على الصفقة المطروحة حاليا على طاولة المفاوضات، للسماح بإعادة تأهيل المختطفين الأحياء، ودفن كريم لجميع المختطفين القتلى".
نفقد المزيد من الرهائن
وفي السياق ذاته، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن "الواجب الأخلاقي الأسمى لدولة إسرائيل هو ألا نتوقف عن العمل بكل الطرق لإعادة المخطوفين الأحياء إلى وطنهم والأموات إلى القبور".
من جهته، قال زعيم المعارضة يائير لبيد تعليقا على إعلان (إسرائيل) انتشال جثث 6 أسرى "تمر الأيام ونفقد المزيد من الرهائن، وعلينا أن نعقد صفقة الآن".
وأضاف لبيد أن "الحل الوحيد الذي تستطيع حكومة نتنياهو القيام به هو الاستقالة، والإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر".
كما اعتبرت إدارة كيبوتس نير عوز الإسرائيلي (مستوطنة زراعية عسكرية) أن مقتل المحتجزين في غزة هو أكبر دليل على أهمية صفقة تعيد الأسرى "في أسرع وقت قبل فوات الأوان".
بدوره، انتقد الوزير السابق في حكومة الحرب (الإسرائيلية) غادي آيزنكوت نتنياهو، مشددا على ضرورة "التحرك بسرعة لإعادة المختطفين وإلا فلن يكون هناك من نعيده".
وقال إن :"كل رؤساء المؤسسة الأمنية ومعظم وزراء الكابينت أيدوا التوصل إلى صفقة، لكن نتنياهو عارضها".
ويشن الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 133 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
استعادة الأسرى بـ(أكياس) تكشف غباء نتنياهو!
الرسالة نت - محمد العرابيد