تضييق نطاق المساحة الإنسانية

الاحتلال يُضيق الخناق على النازحين وسط قطاع غزة

الرسالة نت - محمد العرابيد

منذ يومين يشتد الخناق بالقصف المدفعي ومن الطيران الحربي على النازحين والمدنيين وسط قطاع غزة، بعد إعلان الاحتلال المناطق الشرقية لدير البلح والمغازي ومناطق واسعة من محافظة خانيونس، أماكن عمليات عسكرية خطيرة، مطالبًا المواطنين بإخلائها بسرعة. 
إخلاء النازحين والمدنيين المناطق الشرقية لوسط قطاع غزة، ومناطق واسعة من خانيونس تسبب في تضييق المساحة الإنسانية التي وجه الاحتلال إليها النازحين منذ بدء العملية البرية على قطاع غزة نهاية العام الماضي. 
ويتجمع أكثر من مليون فلسطيني نازح في منطقة ضيقة بعد أن قلص الاحتلال المناطق الآمنة، وأجبرهم بالنزوح من منطقة "مواصي" خانيونس والقرارة والمناطق الشرقية للمحافظة الوسطى. 
بالوقت الذي تتعرض هذه المناطق لقصف وارتكاب مجازر بشعة من قبل الجيش (الإسرائيلي) ناهيك عن الأزمات التي تعصف بالفلسطينيين في هذه المناطق من أزمة المياه الصالحة للشرب، وعدم وجود خيام تؤوي النازحين.
وتحت القصف المدفعي أمر الاحتلال، صباح الأربعاء، المدنيين المتواجدين في بلوكات 129, 130 في منقطة "المحطة" ودير البلح جنوبًا، بالخروج من هذه المناطق، والتوجه إلى المناطق الغربية لمحافظة دير البلح.
وهذه المناطق التي جرى إخلاؤها الأربعاء، تضم عشرات آلاف السكان من السكان والنازحين، وتضم عددا من المصانع التجارية التي عادت للعمل رغم الظروف القاسية، كذلك اقترابها من مستشفى "شهداء الأقصى"، ومؤسسات دولية عالمية إنسانية وطبية. 
آلام النزوح
المواطن أبو محمد الخالدي الذي يبلغ من العمر (46 عامًا)، يقول :" خرجنا من المنطقة الشرقية لدير البلح قرب بنك فلسطين، بعد أن تعرض محيط المنزل الذي نعيش به مؤقتًا لعدد من قذائف المدفعية.. لولا ستر ربنا لكنا في عداد الشهداء والجرحى".
ويضيف المواطن الخالدي وهو تعرض لإصابة في قصف (إسرائيلي) لمنزل مجاور له في رفح جنوب قطاع غزة بداية العام الحالي، :" احنا تعبنا من النزوح المتكرر، هذه خامس مرة أنزح بعد ما خرجت من غزة للمناطق التي زعم الاحتلال بأنها ستكون آمنة لكننا تفاجأنا بأنها حقول للموت والقصف والدمار". 
ويوضح الخالدي في حديث لـ"الرسالة"، :" أنا وعائلتي 8 أفراد أين نذهب الآن بعد أن أجبرنا الاحتلال بالخروج من المنازل التي كانت تأوينا.. الاحتلال فقط يريد التنغيص علينا، وهو يكذب ويخادع العالم، فالمناطق التي كنا بها لم تشكل خطرا على الاحتلال".
ويختم حديثه بحسرة وألم :" ماذا نفعل وأين نذهب، لا المؤسسات الدولية مدورة علينا نحن النازحين ولا شي.. إلنا ربنا، وبإذن الله لن يضعف الاحتلال من عزيمتنا، وسنصمد في وجه هذا العدو الغاشم".
سياسة التهجير  

أما الشاب أحمد أبو العمرين، الذي يبلغ من العمر (33 عاما)، يقول إن الاحتلال يتبع سياسة التهجير القصري تحت القصف المدفعي والحربي، بهدف ترهيب المواطنين الفلسطينيين والتنغيص عليهم. 
ويشير الشاب أبو العمرين في حديث لـ"الرسالة"، إلى أن الاحتلال قد يظن أنه من خلال هذا القصف والاخلاءات والمجازر التي يرتكبها أنه يضعفنا نحن الفلسطينيين ويضغط على المقاومة للموافقة على شروط الاحتلال المجحفة، لكنه واهم". 
ويتابع :" بصمودنا وإصرارانا على الحياة والعيش سنفشل مخططات الاحتلال والعالم أجمع ضد قطاع غزة.. واهم من ينتظر أن تنصره وتسانده الإدارة الأمريكية أو الغرب، فكلهم مجتمعون للقضاء على المقاومة ولكنهم بعون الله سيفشلون".
ومنذ أسبوع بعد إفشال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو جولة المفاوضات التي انطلقت في الدوحة، ثم القاهرة، صعد الجيش (الإسرائيلي) من جرائمه بحق النازحين والمدنيين وسط قطاع غزة، للضغط على المقاومة الفلسطينية. 
وذلك من خلال الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي، لشن عمليات عسكرية واسعة في المناطق الإنسانية والتي يقطن بها عشرات الآلاف من النازحين، لاحتلال هذه المناطق.
مليون إنسان نازح 
بدوره، حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، من خطورة أوامر الإخلاء غير القانونية التي أصدرها جيش الاحتلال في كل من دير البلح وسط قطاع غزة، ومواصي القرارة غربي خانيونس جنوب القطاع، منبها أنها تعني فرض مزيد من التهجير القسري وتضييق نطاق المساحة التي يتكدس فيها قرابة مليوني إنسان.
 وقال المرصد، في بيان وصل الـ"الرسالة"، إن أوامر الاخلاء تدلل على أن "إسرائيل" ماضية لتوسيع هجومها في مدينة دير البلح المكتظة بمليون شخص، وأنها تسعى لحشر قرابة مليوني إنسان في شريط ضيق وتقلصه باستمرار، بحيث باتت حالة الكثافة في المنطقة غير مسبوقة في العالم، في الوقت الذي لا يجد فيه النازحون مكانًا ينصبون فيه خيامهم.
وأضاف أن العديد من المؤسسات الإنسانية المحلية والدولية تتخذ من دير البلح مقرًا لها، وتصعيد الهجوم على المدينة يضع العمل الإنساني الجزئي في دائرة خطر التوقف، ما يعني المزيد من المخاطر الوجودية على سكان قطاع غزة.
 وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن جيش الاحتلال سبق وأعلن أنه استكمل عملياته الحربية في قطاع غزة، ما يعني أن توسيع العمليات باتجاه دير البلح وتوسيع عمليات التدمير الممنهجة للمربعات السكنية في رفح ومنطقتي "مدينة حمد" و"القرارة" في خانيونس، دليل على سعي (إسرائيل) لتدمير قطاع غزة بالكامل وإعدام أي فرص للحياة فيه سواء حاليًّا أو مستقبلًا. 
وأكد أن تتبع منهجية القصف (الإسرائيلي) وأوامر الإخلاء غير القانونية يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان الفلسطينيين من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء بما فيها تلك المقامة في مدارس وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالتوازي مع أوام الإخلاء.
وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بفرض العقوبات الفعالة على إسرائيل، ووقف أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري كافة المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات نقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وإلا كانت هذه الدول متواطئة وشريكة في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية. 

 جرائم فظيعة

وقال المكتب الإعلامي الحكومي، :"إن جيش الاحتلال، يواصل ارتكاب أفظع الجرائم ضد المدنيين في قطاع غزة، والتي منها جريمة التهجير القسري والنزوح الإجباري لأكثر من 1,700,000 مواطن فلسطيني مدني.
وأوضح المكتب الحكومي في بيان صحافي، أن الاحتلال أجبر الأهالي على النزوح الإجباري ومغادرة منازلهم ومناطق سكناهم تحت تهديد القتل والقصف والسلاح المحرم دولياً، والتي تعد جريمة ضد الإنسانية؛ وهذا ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الاحتلال يُمعن بشكل مقصود ووفق خطة مرتبة بخنق المدنيين وخنق المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة في مساحة ضيقة جداً، لا تتجاوز عُشر مساحة قطاع غزة.
واستعرض المكتب الحكومي التسلسل الإرهابي الإجرامي الذي سار فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي وفق خطته الرامية لخنق 1,700,000 مواطن فلسطيني مدني جنوب وادي غزة في مساحة لا تزيد عن عُشر مساحة قطاع غزة.

وقال، "في مطلع نوفمبر 2023 زعم الاحتلال أن المنطقة الجنوبية مساحة إنسانية آمنة بلغ مساحتها 230 كم مربع، وكانت توازي 63% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع".
تقليص المناطق الآمنة 
وتابع، "في مطلع ديسمبر 2023 قلص الاحتلال المناطق التي يدعي أنها إنسانية آمنة بعد اجتياح خان يونس لتصل إلى 140 كم مربع بما نسبته 38,3% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع".
وأشار المكتب إلى أنه في مطلع مايو 2024 قلّص الاحتلال المنطقة التي يدعي أنها إنسانية آمنة إلى 79 كم مربع بما نسبته 20% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وذكر أنه في منتصف يونيو 2024 قلص الاحتلال المنطقة التي يدعي أنها منطقة إنسانية آمنة لتصل إلى 60 كم مربع، بما نسبته 16,4% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وأكمل، "في منتصف يوليو 2024 قلص الاحتلال المنطقة التي يدعي أنها منطقة إنسانية آمنة إلى 48 كم مربع، ما نسبته 13,15% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع".
ولفت المكتب الحكومي إلى أنه في مطلع أغسطس 2024 قلص الاحتلال المنطقة التي يدعي أنها منطقة إنسانية آمنة إلى 40 كم مربع، بما نسبته 10,9% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
ونوّه إلى أنه ما بعد منتصف أغسطس قلص الاحتلال المنطقة التي يدعي انها إنسانية آمنة إلى 36 كم مربع، بما نسبته 9,5% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وتشمل أراضي زراعية ومقابر وخدماتية وتجارية واقتصادية وطرقات وشوارع.
وشدد على أن هذه الجريمة ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال والتي تتمثل في التهجير القسري وإجبار المواطنين المدنيين على النزوح إجبارياً من منازلهم ومناطق سكناهم؛ تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الاحتلال الإسرائيلي يُمعن بشكل مقصود ووفق خطة مرتبة بخنق المدنيين وخنق المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة في مساحة ضيقة جداً، لا تتجاوز عُشر مساحة قطاع غزة.
وأدان المكتب الحكومي استمرار ارتكاب جيش الاحتلال جريمة التهجير القسري وإجبار المدنيين على النزوح الإجباري الذي طال 1,7 مليون مدني فلسطيني جنوب وادي غزة، وحشرهم في مناطق غير إنسانية ضيقة، في حين يعتبر الاحتلال الإسرائيلي محافظتي غزة والشمال ليست ضمن المناطق الآمنة مطلقاً رغم وجود فيهما 700,000 إنسان مدني فلسطيني. وحمِّل الاحتلال "الإسرائيلي" والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن التداعيات الكارثية والخطيرة لهذه الجريمة المستمرة والمتواصلة، والتي تهدف إلى خنق المدنيين في قطاع غزة، وكذلك حشرهم في مناطق غير مهيأة للحياة الآدمية وذلك لانعدام كل مظاهر الحياة الطبيعية.
كما طالب المكتب الحكومي المُجتمع الدَّولي وكل المنظمات الدولية والأممية وكل دول العالم الحر بالضغط على الاحتلال وعلى الإدارة الأمريكية لوقف حرب الإبادة الجماعية، ووقف الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة.

البث المباشر