تحاول راوية مصطفى عبثا إيجاد مكان آمن في شمال قطاع غزة بعد قصف الاحتلال المدرسة التي كانت تعتبرها المحطة الأخيرة لسلسة النزوح التي تجاوز عددها العشر مرات.
تقول "للرسالة": كنا نعتبر أن المدارس مكانا آمنا يمكنا الاستقرار فيه لكن خلال هذه الحرب تغيرت كل المعايير وأصبحت مراكز الإيواء هدفا للاحتلال.. أين نذهب فقد دمر الاحتلال منزلي ومنازل أغلب أفراد عائلتي".
تضيف:" لم نستجب لطلبات الاحتلال المتكررة بالنزوح لجنوب القطاع وفضلت البقاء في مراكز الايواء لكن الخيار لم يكن سهلا وتكبدت الكثير من المعاناة".
وفقدت راوية الأم لأربعة أطفال كل أغراضها داخل مدرسة حمامة بعد إنذار الاحتلال بالقصف فاضطرت للخروج مسرعة تاركة خلفها كل حاجياتهم التي التهمتها النيران ولم يعد لها أثر ما كبدها تكاليف لا تقدر على حملها.
الأم رواية تعتبر أنها كانت محظوظة لأن الاحتلال أنذرهم قبل قصف المدرسة، فهو اعتاد على قصف مراكز الإيواء فوق رؤوس قاطنيها ضاربا بعرض الحائط كل القوانين الدولية وهو ما حدث بالفعل حين فقدت شقيقها في قصف أحد المراكز وسط القطاع.
وحسب تقرير للأمم المتحدة فإن كافة العائلات في قطاع غزة نزحت من بيوتها مرة على الأقل وبعضها نزح تسع مرات بفعل الحرب (الإسرائيلية) التي دفعت هؤلاء السكان للنزوح قسرا، وهو ما تحرمه اتفاقية جنيف وبروتوكولاتها والقانون الدولي الإنساني.
ولا يكتفي جيش لاحتلال بإصدار أوامره بالإخلاء القسري عبر منشورات تسقط من الطائرات، أو من خلال الاتصالات الهاتفية، أو مواقع التواصل الاجتماعي، بل يلاحقهم بالقصف إلى مراكز الإيواء التي يلجؤون لها طلبا للأمان.
الناطق باسم جهاز الدفاع المدني محمود بصل أكد أن الاحتلال مستمر في سياسة استهداف المدارس ومراكز الإيواء وخاصة شمال القطاع بشكل متعمد، مشيرا إلى أن الاحتلال استهدف 10 مدارس شمال القطاع منذ بداية أغسطس.
ويقول (للرسالة): سياسة القتل مستمرة، وعمليات استهداف مراكز الإيواء والآمنين والمستشفيات والنازحين والمنازل مازالت قائمة بمنهجية ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل كل مقومات الحياة.
وذكر أن الدفاع المدني لا يملك الإمكانيات ولا المعدات لانتشال الشهداء، وكثيرا ما اضطروا لترك أحياء تحت الأنقاض لعدم التمكن من انتشالهم رغم الجهود التي تبذل في سبيل إنقاذهم.
وأشار الناطق باسم الدفاع المدني إلى أن المواطنين لم يعودوا يجدوا مكانا آمنا ليتواجدوا فيه، منوها إلى
القصف (الإسرائيلي) لمراكز الإيواء انتهاكا صارخا لاتفاقية "جنيف" وللقانون الدولي الإنساني.
ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة استهدف الاحتلال 178 مركز إيواء، ليرتقي فيها أكثر من 1030 مواطنا.
بدوره أدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدارس التي تؤوي آلاف النازحين، فقد قصف الاحتلال خلال الفترة بين الرابع يوليو/تموز والعاشر من أغسطس/آب 2024 فقط نحو 21 مدرسة، مما أسفر عن استشهاد المئات، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي ذات السياق قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن (إسرائيل) تتبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني"، أينما كانوا، وحرمانهم من أي استقرار ولو مؤقت في مراكز النزوح والإيواء، من خلال تكثيف قصف هذا المراكز على رؤوس النازحين داخلها واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية.
وأضاف:" منذ بداية العدان لم تتوقف القوات الحربية (الإسرائيلية) عن عمليات قصف الأعيان المدنية والقتل الجماعي للمدنيين واستهداف مراكز اللجوء التابعة للأمم المتحدة، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، التي تشكل كل منها جريمة دولية قائمة بحد ذاتها ومكتملة الأركان".
وشدد الأورومتوسطي على أن اتساع دائرة استهداف مراكز الإيواء التي ترفع علم الأمم المتحدة والمنازل التي تؤوي نازحين، والوقوف على طبيعة ضحاياها من العائلات والأسر التي تباد وتمسح من السجل المدني يدلل على عدم صحة التبريرات (الإسرائيلية).
وبين أن القصف بالفعل ينتهك مبادئ التمييز والضرورة والتناسب واتخاذ الاحتياطات الضرورية، فضلا عن كونه جزءا من عملية استخدم القوة النارية لإيقاع الأذى الفادح بالمدنيين وتدمير حياتهم وقدرتهم على الحياة والاستقرار.
وأكد أن تكرار مهاجمة مباني الأمم المتحدة وقتل النازحين داخلها، فضلا عن تدميرها وحرقها، هو تحدٍّ صارخ للقانون الإنساني الدولي، ويشكل جرائم حرب قائمة بحد ذاتها، وهو يأتي بالتوازي مع تحريض سياسي وقرارات إدارية وتشريعية تسعى لتقويض عمل المنظمة الأممية
بمجازر يومية.. الاحتلال يلاحق النازحين بمراكز الإيواء في غزة
غزة - خاص الرسالة نت