كشف الإضراب العام الذي جرى في جميع أنحاء الكيان الإسرائيلي والذي دعا إليه اتحاد نقابات العمال في (إسرائيل) "الهستدروت" عن المأزق الحقيقي الذي يواجه دولة الكيان.
وعبّر الإضراب ليوم واحد، الاثنين، عن عمق الأزمة الاقتصادية بعد قرابة عام من الحرب على غزة، ليخسر الاقتصاد في هذا اليوم وحده 5.8 مليارات شيكل تضاف لسلسلة خسائره، وفق تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يعيش حالة من العجز القياسي، في وقت تراجعت النشاطات الاقتصادية وتهاوت الاستثمارات بنسبة 17% في الربع الثاني، على أساس سنوي.
خسائر كبيرة
ويمثل حراك "الهستدروت" على ما وصفوه بالإضراب ضد مماطلة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، التوصل لصفقة تبادل أسرى مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أكبر إضراب عمالي، وتكراره مجددا سيكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر نتنياهو.
ومع بدء الإضراب، تعطلت الخدمات كافة في دولة الاحتلال، كتوقف الخدمات في مطار بن غوريون وتعطّل خدمات الحافلات والقطار الخفيف.
كما وكانت رابطة المصنعين الإسرائيليين على رأس المشاركين في الإضراب بجانب قطاع التكنولوجيا المتقدمة، وكذلك البنوك والمستشفيات، بجانب المزارعين والمقاولين وشركات التأمين وغيرها.
ولإفشال الإضراب، هدّد وزير مالية الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش بخصم راتب هذا اليوم من أجور العاملين، إلا أن ذلك لم يجد استجابة من العمال الإسرائيليين.
ولعل ما يقلق الأوساط الإسرائيلية، أن الإضراب يأتي في ظل مؤشرات سلبية للاقتصاد الإسرائيلي بفعل التكاليف الباهظة لاستمرار الحرب وتداعياتها على مختلف القطاعات.
ووفق آخر احصائية، فإن العجز في (إسرائيل) بقي في الاتساع في يوليو/ تموز الماضي، حيث بلغ 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، أو 155.2 مليار شيكل، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة المالية في أغسطس الماضي.
وجاء ذلك العجز ارتفاعاً من 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية يونيو الماضي، و7.2% في نهاية مايو.
ومنذ بداية عام 2024، بلغ إجمالي العجز في (إسرائيل) 72 مليار شيكل مقارنة بفائض قدره ستة مليارات شيكل في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023.
وبسبب المشاكل المالية وهرولة شركات التصنيف الائتماني الدولية على تخفيض تصنيف (إسرائيل)، وهو ما عبّرت عنه مؤسسات مالية كبرى عن شكوكها حول قدرة دولة الاحتلال على إدارة تحدياتها المالية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
وأصدر كل من "سيتي بنك" و"جيه بي مورغان" تقارير مؤخراً تحذر من بيانات الاقتصاد الكلي الأخيرة والمخاطر المستقبلية المحتملة حسب ما نقلته عنهم صحيفة "غلوبس".
وفي وقت تنوي بنوك العالم بقيادة الفيدرالي الأمريكي البدء بحملة خفض الفائدة، إلا أن حالة القلق من العجز وعدم اليقين الجيوسياسي، أبقى بنك إسرائيل على سعر الفائدة في نهاية اغسطس الماضي، عند 4.5%.
والمتتبع للقراءة الاقتصادية السابقة، يدرك عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دولة الاحتلال بسبب استمرار الحرب على غزة وحالة الاستنزاف التي تعيشها.