لم يكن يدور في خلد أحد، أن هذه الجرافة ستدوس تلك الفتاة العشرينية الشقراء، التي تقف أمامها وهي تحمل أهم وأقوى جواز سفر في العالم، لا سيما وأنّها أمام كاميرات الإعلام وعلى الهواء مباشرة.
لكنّ ذلك حصل، إذ لم تأبه دبابات الاحتلال شرق رفح بدهس المتضامنة الأمريكية راشيل كوري، التي أصبحت أيقونة إنسانية في التضامن مع الشعب الفلسطيني، منذ ارتقائها في مارس من عام 2003م.
سائق الجرافة الإسرائيلية تعمد دهس راشيل والمرور على جسدها بالجرافة مرتين أثناء محاولتها لإيقافه قبل أن يقوم بهدم منزل لمدنيين، في حين ادّعى جيش أن سائق الجرافة لم يستطع رؤية راشيل، وأغلق القضية التي رفعتها عائلتها ضد الجيش في المحاكم الإسرائيلية.
وراشيل عضو في هيئة التضامن من أجل الشعوب داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
شيرين أبو عاقلة
بعد قرابة عقدين، أعادت دولة الاحتلال تنفيذ سيناريو مماثل بحق مواطنة فلسطينية في شهر مايو من عام 2022؛ لكنها تحمل الجنسية الأمريكية، ومثلّت لعقود طويلة أيقونة إعلامية في الوطن العربي بأسره، وهي الإعلامية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة.
على الهواء مباشرة أيضا، وأثناء تنقلها لتغطية أحداث مخيم جنين، قتلت شيرين، ولا يزال صدى صوت زميلها يتردد وهو يصرخ شيرين استشهدت، ولم تكتف دولة الاحتلال بالمشهد فقط، بل لاحقته للاعتداء على جثمانها وعلى مسيرة تشييعها، وشرعوا بالضرب المبرح على حملة الجثمان.
شهداء المطبخ العالمي
في 1 أبريل 2024، قُتل سبعة عمال إغاثة تابعين لمنظمة المطبخ المركزي العالمي بغارة إسرائيلية في قطاع غزة، أشارت هآرتس إلى مصادر في جيش الاحتلال صرحت بأن طائرة مسيرة طراز هرميز 450 أطلقت ثلاثة صواريخ أصابت السيارات واحدة تلو الأخرى، بينما كانت تسير على طريق وافق عليه الجيش مسبقًا.
ومن بين الضحايا:
سيف أبو طه (سيف الدين عصام عياد أبو طه)، مواطن فلسطيني يبلغ من العمر 26 عامًا من رفح، عمل سائقًا لشركة المطبخ المركزي العالمي منذ بداية العام.
داميان سوبول، مواطن بولندي يبلغ من العمر 35 عامًا من برزيميسل. عملت سوبول مع المطبخ المركزي العالمي منذ عام 2022، وشاركت في جهود الإغاثة في أوكرانيا التي غزتها روسيا. وفي فبراير 2023، سافر مع المساعدات إلى منطقة البستان المنكوبة بالزلزال في تركيا. وفي سبتمبر 2023، ساعد ضحايا الزلزال الذي ضرب المغرب. ثم ساعد لاجئي غزة في مصر ولاحقًا في غزة نفسها.
لالزاومي "زومي" فرانككوم، مواطن أسترالي يبلغ من العمر 43 عامًا.
جيمس هندرسون، مواطن بريطاني يبلغ من العمر 33 عامًا خدم في مشاة البحرية الملكية، وكان مقاولًا أمنيًا خاصًا لشركة العزاء العالمية.
كان جون أنتوني تشابمان، وهو مواطن بريطاني يبلغ من العمر 57 عامًا خدم في مشاة البحرية الملكية، مقاولًا أمنيًا خاصًا لشركة العزاء العالمية.
جيمس كيربي، مواطن بريطاني يبلغ من العمر 47 عامًا. لقد كان جنديًا سابقًا ومقاولًا أمنيًا خاصًا لشركة العزاء العالمية.
جاكوب فليكينجر، مواطن كندي أمريكي مزدوج الجنسية يبلغ من العمر 33 عامًا من كيبيك. كان جنديًا سابقًا في القوات المسلحة الكندية كجندي مشاة في الفوج الملكي الثاني والعشرين.
عائشة ايغي
في السابع من سبتمبر 2024، وأثناء تضامنها مع مزارعين في بلدة بيتا شرق نابلس، أطلق الاحتلال النار صوب رأس المتضامنة الأمريكية من أصول تركية، تدعى عائشة نور إزغي إيغي (26 عامًا)، وقد أدّى ذلك لتدمير أنسجة الدماغ لديها.
المتضامنة تحمل الجنسية الأميركية، وهي من أصول تركية، وتتطوع ضمن حملة "فزعة" لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال والمستوطنين.
أسيرين أمريكييين
في محاولة مزعومة لفكاك أسرهم، عملت قوات الاحتلال على قتل اثنين من الأسرى "الإسرائيليين" من الأصول الامريكية، من خلال المجازر التي ارتكبتها بحق أبناء شعبنا.
واتهم أسرى إسرائيليون قبل مقتلهم، حكومتهم بتعمد قتلهم وإلحاق الأذى بهم، واستهداف المناطق التي يتواجدون بها.
وقتل الأسير الأول في حادثة النصيرات، بعد احزمة نارية نفذتها قوات الاحتلال في المنطقة، والثاني قتل في رفح خلال عملية إسرائيلية استهدفت ستة أسرى في نفق باريحا.
ناشطو سفينة مرمرة..
واستشهد 10 نشطاء أتراك خلال مداهمة فرقة كوماندوز إسرائيلية لسفينة "مافي مرمرة" التركية في أيّار/مايو 2010، التي كانت جزءًا من أسطول مكوّن من ست سفن إنسانية متوجهة إلى قطاع غزة بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليه.
وأُصيب خلال الهجوم 56 آخرين، وكانت السفينة تحمل نحو 750 ناشطًا من 37 دولة، بالإضافة إلى مساعدات إنسانية وإغاثية للتخفيف من معاناة سكان القطاع.
وأدت الحادثة إلى أزمة دبلوماسية بين تركيا والاحتلال الإسرائيلي استمرت لست سنوات، حتى توصلا لاتفاق في حزيران/يونيو 2016، الذي ضمن دفع الاحتلال الإسرائيلي 20 مليون دولار كتعويضات لعائلات الضحايا، مقابل عدم محاسبة أي مسؤول إسرائيلي.
توم هرندل..
قُتل الناشط البريطاني، توم هرندل، برصاص الاحتلال بإصابة مباشرة في الرأس أثناء محاولته حماية طفلة فلسطينية من إطلاق النار بمدينة رفح في كانون الثاني/يناير 2004.
لاحقًا، وثقت والدته قصته المأساوية في كتاب بعنوان "تحدي النجوم: الحياة والموت المأساوي لتوم هرندل"، والذي نُشر عام 2007، مسلطًا الضوء على تضحياته في دعم الشعب الفلسطيني.
جيمس هنري ميللر..
لقي المنتج والمخرج البريطاني، جيمس هنري دومنيك ميللر، مصرعه في أيّار/مايو 2003 برصاص قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء تصويره لفيلم وثائقي في مدينة رفح بقطاع غزة.
وكان ميللر، الذي حاز على عدة جوائز، من بينها خمسة جوائز إيمي، كان يعمل لصالح هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ويعد فيلمًا بعنوان "الموت في غزة".
استشهد ميللر في اليوم الأخير من وجوده في غزة، حيث أصابته رصاصة انطلقت من عربة مدرعة إسرائيلية على الرغم من رفعه علمًا أبيض يشير إلى أنه مدني غير مسلّح.
بعد استشهاده، أثارت القضية ضغوطًا كبيرة من جانب الحكومة البريطانية وأسرة ميللر، للمطالبة بإجراء تحقيق في الحادث، وسط إنكار إسرائيلي للمسؤولية.
وفي النهاية، أجرت إسرائيل تحقيقًا داخليًا أكدت فيه أن الرصاصة التي قتلت ميللر انطلقت من عربة إسرائيلية مدرعة. وأوضحت نتائج التحقيق أن الجنود الإسرائيليين كانوا على علم بهويته وشاهدوا العلم الأبيض الذي كان يحمله، إلا أنهم أطلقوا النار رغم ذلك.