أعلن الاحتلال أن منفذ عملية إطلاق النار في معبر الكرامة هو الشهيد ماهر الجازي من الأردن، ويبلغ من العمر 39 عاماً.
وأكد الاحتلال أن منفذ العملية هو سائق شاحنة أردني، ونزل من شاحنته وبدأ بإطلاق النار تجاه قوات تعمل على حراسة المعبر.
ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية، أن القتلى الثلاثة في عملية إطلاق النار في معبر "اللنبي"، هم من عناصر الأمن التابعة لسلطة المعابر الإسرائيلية.
وقالت "يديعوت أحرنوت" العبرية إن المنفذ أطلق النار من مسافة صفر على الرأس مباشرة، والقتلى الثلاثة في الخمسينات من عمرهم.
ويعيد اسم المنفذ الذاكرة إلى معركة الكرامة عام 1968، حيث قاد المعركة مشهور حديثة الجازي، قائد أركان الجيش الاردني آنذاك.
الجازي.. صانع الكرامة
ولد الفريق أركان حرب مشهور حديثة الجازي في منطقة معان جنوبي الأردن، مضارب عشيرة الحويطات، وذلك عام 1928م، التحق بالجيش الأردني عام 1943م، وتدرج في مناصبه المختلفة حتى أصبح رئيساً للأركان وقائداً عاماً للجيش عام 1970م، شارك في حرب العام 1948م، وجرح فيها، كما كلف في العام 1956م بإخراج الجنرال (جلوب) قائد الجيش العربي من الأردن، كذلك شارك، أو شهد حرب العام 1967م.
والفريق أركان حرب مشهور حديثة الجازي هو قائد معركة الكرامة التي وقعت بين الفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني من جهة، وبين الإسرائيليين عام 1968م.
فانطلقت مع الساعات الأولى من صباح 22 مارس/ آذار 1968، قذائف المدفعية الإسرائيلية مصحوبة بالقصف الجوي المكثف على طول الجبهة، وعندها انطلقت شرارة المعركة، وصمد سلاح المدفعية الأردني بقيادة مشهور حديثة، وقد عمد إلى مواصلة الرد المدفعي.
واستمرت المعركة المشتعلة أكثر من 14 ساعة، وقد جاء توقيتها بعد أشهر معدودة من حرب يونيو/ حزيران، فكانت هذه المعركة أول اختبار للقدرات الدفاعية للمقاتل العربي الأردني بعد الهزيمة السابقة.
ويذكر ابن عمه اللواء كاسب الجازي، أنه اتصل به فلاحظ انخفاض صوته، وسأله: من أي موقع تتكلم، فأجاب: من الخندق الامامي القريب إلى المدرسة، وهذا كان خندق أمامي على النهر مباشرة، غي إشارة إلى أنه كان في الصفوف الأولى للقتال.
وعندما بدأت البوادر الأولى للصدام بين المؤسسة العسكرية والديوان الملكي الأردني خلال معركة الكرامة ورغبة النظام الأردني لاحتواء التصعيد، يقول مشهور حديثة: القائد الميداني لا يأخذ إذنا ويبلغ أن هناك اعتداء، ولا ينتظر أوامر، فأنا لم أنتظر أوامر.
وتلقى مشهور حديثة اتصالا من القيادة يخبره بأن الاحتلال يطلب وقف إطلاق النار. إلا أنه رغم ذلك واصل قصف تجمعات جيش الاحتلال حتى خرجوا من المعركة. واعترف بعدم التزامه وقف إطلاق النار بالرغم من أن الإسرائليين أوقفوا القصف الجوي. إلا أن المدفعية الأردنية استمرت في قصف المحاور التي ينقل اليهود آلياتهم، وكذلك المراكز الرئيسة الداخلية حتى لا يمنحوا حرية الانسحاب بسلام، وجعل هذا الانسحاب تراجعا انهزاميا.
ويقول الجازي، في إحدى المقابلات: “المستقبل القريب سيئ، لكن المستقبل البعيد لصالح هذه الأمة التي لن تهزم نهائيا، فهذه الأمة العريقة المتمركزة في تاريخها وجغرافيتها وفي دينها وإمكاناتها، ستصبح الأمة الكبيرة في هذه المنطقة”.
لاحقًا قاد التفاوض مع الفدائيين الفلسطينيين الذين اختطفوا الطائرات قبيل أحداث أيلول الأسود عام 1970م، ونجح في إخراج الرهائن الذين كانوا بالطائرات سالمين قبل تفجيرها.
كما قاد التفاوض مع الفدائيين الذين احتجزوا 57 صحفياً غربياً في فندق الإنتركونتننتال، وتمكن أيضاً من الإفراج عن جميع الرهائن، وقاد التفاوض في عملية احتلال بريد العاصمة، التي قادها طاهر دبلان عام 1970م قبيل أحداث "أيلول الأسود".
وترك منصبه كقائد عام للجيش ورئيساً للأركان عشية معركة "أيلول الأسود" ولم يشارك فيها، وتوفي عام 2001 عن 73 عاما.
نقلا عن قدس برس