ظن جيش الاحتلال (الإسرائيلي) أن الجبهة الأردنية هي الأكثر أمنًا لجنوده، بعد السابع من أكتوبر 2023، وشنه حرب إبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ارتكب خلالها المجازر البشعة والقاسية.
لكن فرضية الاحتلال بأنه يعيش في مأمن على الجبهة الأردنية تبددت صباح الأحد، بعد أن أقدم سائق أردني بإطلاق النار على عدد من جنود جيش الاحتلال في معبر الكرامة فقتل 3 منهم من نقطة صفر، وارتقى بعد ذلك شهيدا.
وأجرت قوات الاحتلال أعمال بحث واسعة في محيط موقع العملية بمعبر الكرامة، فيما استدعت خبراء المتفجرات لمكان العملية، كما نكلت بالعمال وسائقي الشاحنات.
وتأتي العملية البطولية الذي نفذها الشاب الأردني بعد 27 سنة من الهدوء على الحدود الأردنية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما شكل كابوسا وصفعة جديدة تلقتها الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) مجددًا في ظل حالة الاستنزاف التي يعشها الاحتلال منذ 11 شهرًا.
ومنذ بدء الحرب على غزة، تتواصل المظاهرات في الأردن حيث رفع المتظاهرون شعارات طالبت بوقف الاتفاقيات الأردنية مع الاحتلال.
ويرتبط الأردن مع الاحتلال بثلاثة معابر حدودية رسمية وهي، معبر الشيخ حسين/نهر الأردن في شمال الأردن، وهو مخصص للسياح، ومعبر وادي عربة في الجنوب وهو مخصص لـ(للإسرائيليين)، وجسر الملك حسين/اللنبي أو "الكرامة" الوحيد المخصص للفلسطينيين.
استنزاف جديد للاحتلال
الخبير في الشؤون العسكرية و الاستراتيجية اللواء ركن واصف عريقات، رأى أن العملية التي وقعت على معبر الكرامة، تشير إلى الفشل الأمني (الإسرائيلي) في المبعر وسهولة اختراقه.
وأوضح عريقات في حديث لـ"الرسالة"، أن منفذ العلمية تمكن من تجاوز البرتوكول الأمني للاحتلال في المعبر بكل سهولة، وأخرج مسدسه وأطلق النار على جنود الاحتلال في المعبر من نقطة صفر.
وأكد اللواء عريقات، أن هذه العملية ستسبب أرقا جديدا للمنظومة الأمنية للاحتلال والتي تعيش منذ شهور حالة استنفار عالية، وستستنزف الجيش (الإسرائيلي) في تأمين الحدود على جبهة جديدة فتحت عليه إضافة للجبهة اللبنانية والسورية كذلك الضفة وغزة.
وبين أن الاحتلال الآن سيعمل على إعادة تأمين ومراجعة الحدود بين فلسطين المحتلة والأردن، خوفًا من وقوع عمليات مماثلة، وهذا ما تخشاه المؤسسة الأمنية (الإسرائيلية) التي يعيش جيشها حالة استنزاف كبيرة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأوضح عريقات أن الاحتلال كلما صعد انتهاكاته في قطاع غزة والضفة ستقابله ردة فعل فلسطينية وكذلك من أحرار الأشقاء العرب، خاصة بعد استفزازات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والذي ظهر مؤخرًا وهوا يشرح على خريطة حذف منها بعد المناطق التي تخضع تحت سيادة دول عربية.
والحدود الأردنية هي الأطول مع فلسطين المحتلة، وتأتي على امتداد يصل إلى 335 كيلو متراً، حيث أعلن الاحتلال قبل أكثر من عام نيته بناء جدارٍ على طول الحدود مع الأردن، لمنع عمليات تسلل مهاجرين، وتهريب السلاح إلى الضفة المحتلة، وفق مزاعم حكومة الاحتلال.
العملية ستقلب الموازين
أما الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، يرى أن الاحتلال يعيش منذ الحرب على قطاع غزة حالة استنزاف بشكل كبير في صفوف جيشه ومنظومته الأمنية خاصة في قطاع غزة، وعلى الجبهة الشمالية مع لبنان.
وأكد عز الدين في حديث لـ"الرسالة"، أن تنفيذ شاب أردني عملية إطلاق نار في معبر "الكرامة"، ودخول الجبهة الأردنية إلى المواجهة ستقلب الموازين رأسًا على عقب وستجعل الجيش (الإسرائيلي) في حالة استنزاف أكبر عن السابق.
وأوضح أن طول الحدود بين الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة، ستحتاج إلى قوات أكبر عن السباق لتأمينها ما ستسبب استنزافا أخر لجيش الاحتلال ومنظومته الأمنية.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي عز الدين، أنه على الرغم من الهيمنة الأمنية التي تفرضها الأجهزة الأمنية الأردنية لمنع وقوع عمليات فدائية ضد الاحتلال، إلا أن عملية اليوم تثبت الفشل الأمني بين الاحتلال والأردن.
ويرتبط الأردن مع الاحتلال بعدة اتفاقيات، أبرزها؛ معاهدة السلام، اتفاقية الغاز، اتفاقية الطاقة مقابل المياه (والتي أعلن الأردن عن عدم إتمام توقيعها بسبب الحرب في غزة)، واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة.
مزيد من العمليات
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، :"إن هذه العملية أجابت عن كثير مما يدور في خاطر الشباب الأردني، وإنه بإمكانهم أن يعملوا وباستطاعتهم أن يبادروا تجاه الاحتلال".
ورأى القيق، أن هذه العملية ستفتح الباب أمام أطول الحدود مع فلسطين وستعيد الأمور إلى نصابها بأن هذا الكيان الإسرائيلي أقيم على أرض فلسطين، وأن هناك خطيئة بالاعتراف بهذا الكيان كدولة.
وأضاف القيق، "أن ما جرى اليوم عند الحدود، أعاد ترتيب المشهد الفكري والثقافي في التعامل بالعلاقة مع الاحتلال"، مشيرًا إلى أن هذه العملية أعادت للأذهان الدور العربي في المقاومة الفلسطينية، ونسفت روايات الأنظمة التي تحاول تخويف الشعوب من وجود أجندات ومشاريع.
رد على جرائم الاحتلال
وأكدت حركة "حماس" أن عملية معبر الكرامة البطولية رد على جرائم الاحتلال وحثت الأمة على استهداف مصالح الاحتلال.
وباركت حركة حماس عملية معبر الكرامة البطولية التي نفذها نشمي من نشامى الأردن، ردا على المحرقة التي ينفذها العدو الصهيوني النازي بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة، داعية لمزيد من العمليات البطولية عبر الحدود الشرقية لفلسطين.
وأكدت أن عملية معبر الكرامة هي تأكيد على رفض الشعوب العربية للاحتلال وجرائمه، وأن دور أبناء الأمة يجب أن يكون بالمقاومة المسلحة والعبور نحو الحدود للدفاع عن فلسطين ومساعدة شعبها.
وأضافت الحركة: "إننا إذ نزف الشهيد البطل منفذ العملية؛ لنحث شعوب أمتنا العربية والإسلامية على الانتفاض في وجه الظلم واستهداف المصالح الصهيونية والضغط عليه بكل سبل".
وأوضحت أن غزة التي تدافع عن الأمة في وجه الصهاينة، وتخوض معركة قاسية شارفت على العام، تستنفر الأمة وكل أحرار العالم لتهب في وجه الاحتلال دعما لغزة ودفاعا عن الكرامة وعن المسجد الأقصى المبارك.