دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى إجراء تحقيق دولي عاجل وفعّال في حادثة إلقاء أفراد من جيش الاحتلال الإسرائيلي جثامين شهداء فلسطينيين من فوق سطح منزل في قباطية شمالي الضفة الغربية المحتلة الخميس.
ووصف المرصد في بيان وصل "الرسالة نت "، يوم السبت، الحادثة بأنها مروعة تضاف إلى مسلسل الفظائع والجرائم الخطيرة المستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأبرز ما أظهرته مقاطع مصورة صادمة من لقطات تُظهر جنودًا إسرائيليين يلقون جثامين رجال فلسطينيين من فوق سطح منزل بعد مداهمة بلدة قباطية قرب جنين، تضمنت محاصرة ثلاثة فلسطينيين في مبنى مكون من طبقتين، وقصفته بقذائف "إنيرجا" الحارقة، قبل قتلهم ومن ثم التمثيل بجثامينهم بعد إلقائها من أعلى المبنى إلى أسفل.
وتظهر مقاطع الفيديو ثلاثة جنود إسرائيليين يتسلقون سطح المبنى ويدفعون الجثامين، ثم يلقون بها واحدة تلو الأخرى من أعلى المبنى. وفي أحد المقاطع، يظهر جندي وهو يركل إحدى الجثامين حتى تسقط من على الحافة.
وأكد الأورومتوسطي أنه ينبغي تفعيل إجراءات المساءلة على جريمة تمثيل أفراد جيش الاحتلال بجثامين الشهداء.
وأوضح أنه يتعين بموجب القانون الدولي معاملة الجثامين باحترام، ومنع تشويهها وإعادتها إلى عائلاتها، لا سيما أن مثل هذه الممارسات الخطيرة تكررت على نطاق واسع في قطاع غزة، بما في ذلك اعتداء جيش الاحتلال على المقابر وتجريفها ونبش وتخريب القبور فيها وسلب عشرات الجثامين منها، في خضم جريمة الإبادة المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وأكد أن المشاهد المروعة التي شهدتها قباطية تمثل أكثر من مجرد جرائم حرب محتملة بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي.
وأضاف "حتى وإن كان هؤلاء الأفراد مقاتلين، فإن اتفاقيات جنيف واضحة ولا لبس فيها، إذ تقضي بأنه يجب معاملة الموتى بكرامة وإنسانية، وتحظر بشكل صارم الأفعال التي تشوه أو تحط من قدر الجثث".
وتابع أن نظام روما الأساسي أيضًا، يصنف أفعال الاعتداء على الكرامة الشخصية، بما في ذلك المعاملة المهينة والحاطة بالموتى، باعتبارها جرائم حرب.
وشدد المرصد على أن "إسرائيل" تعد الدولة الوحيدة التي تحتجز جثامين الشهداء لسنوات طويلة، وتمثل ببعضها، وتمارس ذلك بوصفه سياسة ممنهجة، وتكتفي بتبرير سياسة احتجاز الجثث بأنه "محاولة للردع الأمني" متجاهلة المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحظر ذلك.
وأكد على وجوب إلزام "إسرائيل" بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثامين الشهداء وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة.
فيما تشدد اتفاقية جنيف الرابعة على ضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الموتى وتشويه جثثهم، وأن رفض تسليم جثامين الشهداء لعوائلهم لدفنها بكرامة وتبعًا لمعتقداتهم الدينية، قد يرقى إلى مستوى العقوبات الجماعية المحظورة في المادة 50 من لوائح لاهاي، والمادة 33 من معاهدة جنيف الرابعة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن ما حدث في قباطية يتجاوز التعريف القانوني لجرائم الحرب، كونه ليس حدثًا معزولًا أو استثنائيًا قام به عدد من الجنود ، بل هو جزء من نمط منهجي وطويل الأمد من نزع الإنسانية الذي واجهه الفلسطينيون على مدى عقود.
وقال إن الأعمال الوحشية التي وقعت في قباطية تعكس الممارسات الراسخة للإبادة التي تُعززها حالة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها "إسرائيل".
وأضاف أن الرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية الاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة، إلى جانب القرار الذي أصدرته الجمعية العامة وحظي بتأييد ساحق قبل يومين، يعزز نقطة حاسمة في هذا السياق، وهي عدم وجود أساس قانوني لقوات الاحتلال للتواجد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بغض النظر عن السبب.
وبين أن الإجراء الوحيد الذي ينبغي عليها اتخاذه هو الانسحاب الفوري من هذه الأراضي واحترام القانون الدولي، واحترام حقوق وسيادة الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن هذا الاحتلال، وهو الذي جاء كغطاء لمشروع الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وأداة من أدوات تنفيذه، أصبح الآن معترفًا به عالميًا كاحتلال غير قانوني ويجب أن ينتهي على الفور، وعندها فقط سيتمكن الفلسطينيون من ممارسة حقهم في تقرير المصير والعيش بسلام وكرامة.
وأشار إلى أن هذه الالتزامات تمتد إلى جميع الدول، وليس إلى "إسرائيل" فقط، باعتبارها التزامات ذات الحجية المطلقة تجاه الكافة.
وأكد المرصد أن وقت مساءلة ومحاسبة "إسرائيل" قد تأخر كثيرًا، ويجب على المجتمع الدولي الآن أن يعترف بعواقب أفعاله وتقاعسه في الماضي.
وطالب بالعمل فورًا على اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء هذه المعاناة، وأن يصحح هذا الظلم التاريخي من أجل الأجيال الحالية والمستقبلية، سواء بالنسبة للفلسطينيين أو للبشرية جمعاء.