ينتظر المسجد الأقصى المبارك أخطار غير مسبوقة خلال موسم "الأعياد اليهودية" التي تمتد من بداية شهر أكتوبر 2024 وتستمر حتى 25 من الشهر ذاته.
لكن هذا العام تتزامن الأعياد اليهودية مع الذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب القسام في غزة بالسابع من أكتوبر العام الماضي رداً على انتهاكات الاحتلال بالمسجد الأقصى المبارك والأسرى وأبناء شعبنا.
خطورة الأعياد اليهودية
وهذا العام تكمن خطورة الأعياد التي جاءت بعد سلسلة من الإجراءات والقرارات التي اتخذها الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك، منها عزم حكومة الاحتلال تمويل اقتحامات المستوطنين.
كذلك تصريحات الوزير المتطرف "إيتمار بن غفير" بشأن إقامة "كنيس يهودي في الأقصى" والسماح بصلاة اليهود في باحاته بكل حرية وبدون قيود، والسماح للمستوطنين بأداء الطقوس التلمودية.
وستستغل حكومة الاحتلال والمتطرفون من جماعات الهيكل والمستوطنون الحرب على غزة ولبنان، في رفع وثيرة انتهاكاتهم بحق المسجد المبارك بهدف حسم الأوضاع وتقسيم المسجد مكانيًا وزمانيًا.
وخلال الأيام الماضية نشرت جماعات الهيكل الاستيطانية المتطرفة، مقطع فيديو جديد يظهر فيه احتراق المسجد الأقصى المبارك، في إشارة إلى تدميره وبناء الهيكل المزعوم.
زيادة الاعتداءات على الأقصى
وكثف المستوطنون المتطرفون من اقتحاماتهم للمسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة، منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، تزامنا مع تصعيد الانتهاكات بحق المسجد ومخاطر مخططات تقسيمه وتهويده وهدمه.
ورصد مركز معلومات فلسطين "معطى" اقتحام 48 ألف مستوطن متطرف المسجد الأقصى المبارك، منذ 7-10-2023 حتى 23-9-2024.
وقال فخري أبو دياب الناشط المقدسي وعضو رابطة أمناء الأقصى، :" إن جماعات الهيكل المزعوم، تسعى جاهدة لاستغلال أي مناسبة دينية وتوظفها في رفع وتيرة انتهاكاتها ضد المسجد الأقصى، في محاولة لتغيير الوضع التاريخي بالمسجد المبارك.
وحذر أبو دياب في تصريح لـ"الرسالة"، من خطورة تصاعد الاقتحامات للمسجد الأقصى والتي تشهد استفزازات كبيرة، ويرافقها حملة اعتقالات وإبعادات لتفريغ المسجد من المصلين والمرابطين.
وأوضح أن الاحتلال وفّر بيئة مناسبة للجماعات الاستيطانية لاقتحام الأقصى، عبر حملة شعواء استهدفت شباب القدس؛ وشملت اعتقالات وملاحقة يومية وإبعادات بالجملة تطال رموز وشخصيات فعّالة آخرها خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري.
وأضاف أبو دياب :"أن الاحتلال يسعى عبر الخطوات المتسارعة في الأقصى ومحيطه تحديدًا خلال الشهور الماضية، لاستغلال الظروف الميدانية والسياسية؛ لتحقيق إنجاز داخل مدينة القدس".
وأكد أن جماعات الهيكل تستغل انشغال العالم بتسليط الضوء على غزة، إلى جانب أن هذه الحكومة هي جزء من هذه الجماعات ويريدون تصعيد الأوضاع بشكل أكبر خاصة في القدس وتسجيل إنجازات سياسية على حساب الأقصى.
ووصف أبو دياب واقع المدينة بـ "الأكثر خطورة" منذ احتلالها، وأن الاحتلال يريد حسم المعركة وطمس الهوية التاريخية والدينية لها، ونزع الصبغة الفلسطينية والعربية عن ملامحها، التي بدأت تأخذ طابعًا تهويديًا في كثير من تفاصيله.
فرصة لحسم الأوضاع بالأقصى
وتتواصل الدعوات الفلسطينية لشد الرحال إلى الأقصى وتكثيف التواجد والرباط فيه، لمواجهة مخططات التقسيم والتهويد التي يحاول الاحتلال والمستوطنون فرضها.
ويأتي ذلك في ظل الهجمة غير المسبوقة التي يتعرّض لها الأقصى من حصار واقتحامات بأعداد كبيرة وأداء كافة طقوس الهيكل من صلاة وسجود ملحمي جماعي ونفخ بالبوق ومحاولة إدخال القرابين، مع منع دخول المصلين وإبعاد المرابطين خلال الاقتحامات.
المختص بشؤون القدس الدكتور جمال عمرو، يرى أن الأعياد اليهودية هذا العام خطيرة تأتي في ظروف خطيرة للغاية، خاصة بعد تصاعد انتهاكات المستوطنين بالمسجد المبارك بدعم كامل ومطلق من حكومة الاحتلال المتطرفة.
وقال عمرو في حديث لـ"الرسالة"، :"إن خطورة الأعياد تكمن في تداعيات ما سبقها من إعلان حكومة الاحتلال تمويل اقتحامات المستوطنين والسماح لهم بالصلاة في باحاته بكل حرية وبدون قيود، وما صاحبها من تصريحات خطيرة للمتطرف "إيتمار بن غفير" بشأن إقامة "كنيس يهودي في الأقصى".
وأكد أن المتطرفين في حكومة الاحتلال وجماعات "الهيكل" الاستيطانية يرون في الأعياد هذا العام فرصة لحسم الأوضاع في المسجد الأقصى لصالحهم وتقسيمه مكانيًا وزمانيًا.
ودعا المختص في شؤون القدس إلى شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك وعدم الخوف من الاحتلال ومستوطنيه، وذلك بهدف التصدي لمخططات حكومة الاحتلال بالمسجد المبارك وإفشالها.
دعوات للحشد والرباط
بدوره، دعا القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عبد الرحمن شديد، إلى مواصلة الحشد والرباط في المسجد الأقصى، وحمايته من مخططات "جماعات الهيكل" واستعداداتهم لإقامة مراسم احتفالية بالأعياد اليهودية داخل ساحاته خلال الأيام المقبلة.
وقال شديد في تصريح صحفي وصل الـ"الرسالة"،: "إن هبة النفق التي نعيش ذكراها الثامنة والعشرين، مثلت انتفاضة شعبية احتجاجا على حفر وافتتاح سلطات الاحتلال النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك، وها نحن اليوم نعيش ذات المخططات التهويدية للأقصى، وهو ما يستدعي الحفاظ على ديمومة الرباط وشد الرحال إليه، لحمايته من مخاطر التهويد التي لا تتوقف".
وشدد على ضرورة التصدي لقوات الاحتلال والمستوطنين وإفشال مخططاتهم التهويدية، والدفاع عن الأقصى بكل الوسائل والأدوات وحمايته من بطش الاحتلال، منوها إلى أن الاحتلال لا يتوقف عن محاولات فرض خطط التقسيم الزماني والمكاني، لفرض السيطرة الكاملة عليه.
وتستعد جماعات المستوطنين والهيكل المزعوم، لسلسلة من الاقتحامات والانتهاكات لحرمة المسجد الأقصى مع بداية الشهر القادم، الذي يعد موسماً لأعيادهم اليهودية.
الدفاع عن الأقصى
فيما، دعت هيئات مقدسية لتفعيل الحراك المقدسي والشعبي الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948، للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك في وجه مخططات الاحتلال الرامية لهدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم.
وأكدت الهيئات المقدسية أن أهل القدس شاءوا أم أبَوا هم خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى، ويناط بهم اليوم أن يكونوا في وجه المحتل، وعدم التوقف أو الانتظار.
وشددت على أن الحراكات هي التي تعيد القضية إلى أصلها وإن لم تتحرك الأمة للدفاع عن المسجد الأقصى ستكون كل دماء الشهداء قد ذهبت سدى.
وأشارت إلى أن فيديو حرق المسجد الأقصى الذي عرضه الاحتلال لم يأت من فراغ، فهذه الجماعات الصهيونية لا تحلم بل تخطط.
ولفتت إلى أنه بموافقة عربية أصبح لليهود حق الزيارة للمسجد الأقصى بعام 2015، والآن يفعلون كل ما بوسعهم كي يحرقوه.
وأضافت أن المتفرج العربي يصر على أن يضع أمام عينيه شاشة ويغفل عن ما يقوله الاحتلال بشأن تغيير الوضع الكامل في المسجد الأقصى، فهم عازمون على تدميره ثم بناء المعبد على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.
وأوضحت الهيئات المقدسية أن الجماعات الصهيونية المتطرفة هم الذين يسيطرون اليوم و يحكمون "إسرائيل" ويتحكمون بكل ما يخص المسجد الأقصى من انتهاكات.
وبيّنت أن "إسرائيل" تعتقد أن المكان الوحيد الذي تحقق به انتصارات حقيقية هو المسجد الأقصى، فسنشهد انتقامًا صهيونيًا عنوانه "انتقام طوفان الأقصى".
وشددت على ضرورة التحرك وقطع اليد التي تمسك السكين على المسجد الأقصى، ويجب أن لا يتوقف الدفاع عنه فكل الأبواب مفتوحة وكل الخطوط مستباحة.