قائد الطوفان قائد الطوفان

مجزرة الفرا شاهدة على بشاعة (اسرائيل) وخذلان من اعتادوا المشهد

مجزرة عائلة الفرا بالأمس.
مجزرة عائلة الفرا بالأمس.

خاص- الرسالة نت


لا شيء أتقنه الاحتلال الإسرائيلي في غزة كقتل المدنين، وكلما ضُرب جنوده ضربة قاسية أدار وجهه ليفترس المزيد من المدنيين العزل الآمنين في بيوتهم.
قبل عام بالتمام، وفي 29 من أكتوبر الماضي تحديدا ، ارتقى 39 شهيدا من عائلة الفرا، في مجزرة مشابهة على بيت آوى عددا من أفراد العائلة في مدينة خان يونس، إبادة جماعية لعائلة كاملة، وها هو اليوم يعيد الكرة من جديد في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى.
اقتحم فجأة منطقة معن شرقي خان يونس للمرة التي لم تعد تحصى عددا، وجرف في طريقه الحجارة والجدران لمنازل عائلات كاملة، دفنوا تحت الأنقاض، بعد أن حوصروا ولم يستطيعوا الفرار، لخمسة أيام متواصلة والنيران تخطئ وتصيب، تضرب بعشوائية ودون هدف محدد، الهدف فقط أوراح الأطفال والنساء لجيش استوحش وأتقن القتل.

عائلة الفرا كانت ضمن العائلات التي عادت إلى بيتها شرقا، بيت يتكون من خمسة طوابق، أصبح كله رمادا فوق بعضه، التصقت الأسقف ببعضها، وبين السقف والآخر عشرات من أفراد العائلة كانوا قبل دقائق قد أرسلوا استغاثتهم عبر الانترنت، مصورين ومسجلين لأصوات الموت والقتل .
يطلقون الشهادتين ويرددون اسم الله في السماء، قبل أن تسقط القذيفة بين صرخاتهم، فيدفن ثلاثون شهيدا تحت الأسقف، أطفال، نساء، أبناء عم وعمومة وأخوة، أحفادهم وأحلامهم، في مجزرة يبدو أن العالم اعتاد أن يراها، ولم تعد تغير شيئا في الأنفس.
لكن أهل غزة مثقلين بالجراح، ولا زالت أكتافهم تحمل المزيد، فقد استقبلوا جثامين الأبرياء التي استطاع الدفاع المدني انتشالها بالدموع، وظلت جثامين أخرى في عداد المفقودين اختلطت بالحجارة والأعمدة والوجع والأحلام المسلوبة، فلم تستطع طواقم الدفاع المدني الوصول إليها بعد انسحاب الدبابات من المكان.
وقف الرجال يرتبون الجثث فوق بعضها وقد استأجروا سيارة نقل كبيرة، يمددون الأجساد المكفنة، وامرأة تقف على حافة العربة تبحث بينهم عن أخوتها وأقاربها، تسأل الحاملين للأجساد:" من هذا ؟! ومن ذاك؟! وكلما أخبروها عن اسم أطلقت  صرخة، ثم أسندت جبينها على باب المركبة ترجو من هذا التعداد أن يتوقف، ومن هذا اليوم أن ينتهي! 
ثلاثون بين شهيد تم انتشاله، وآخر لا زال تحت الركام، تزفهم عائلة الفرا، إحدى العائلات الكبيرة في مدينة خان يونس، ولكنها لم تكن المجزرة الوحيدة في الليلة الماضية، بل ارتقى تسعة آخرون من عائلة أبو طه، وأربعة من عائلة اصليح، وأربعة مثلهم من عائلة البشيتي، وثلاثة من عائلة الزرد.
أربع مجازر، دماء كثيرة مسكوبة في خان يونس، وغيرها في غزة والشمال، والوسطى، شلال دماء أدار العالم وجهه عنه، لأنه لا يريد أن تصدمه حقيقة الموت التي ترتكز على الخذلان، سببا رئيسيا لاستمرار المجازر.

البث المباشر