شكّلت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس وفصائل المقاومة، ضد مواقع جيش الاحتلال في منطقة غلاف غزة والسيطرة على أبرز المواقع العسكرية على القطاع، في السابع من أكتوبر 2023، صدمة كبيرة في أوساط المؤسسات الإسرائيلية السياسية والأمنية والعسكرية.
تلك العملية التي كان لها تداعيات خطيرة؛ أهمها كسر هيبة جيش الاحتلال وإذلاله، ساهمت أيضاً في تغييرات كبيرة في المنطقة أبرزها انخراط عدد من القوى والجماعات في المنطقة في الصراع الدائر وعدم تركزه ما بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال فقط.
فلم يعد القتال ينحصر بين حركة "حماس" و(إسرائيل) فحسب، واتسع النطاق الجغرافي للصراع بعيدًا عن حدود قطاع غزة، لتشارك وتنخرط فيه العديد من القوى والجماعات في المنطقة.
وتساهم في توجيه ضربات للاحتلال، ورغم أنها مختلفة في جانب القوة والتأثير على الاحتلال، الا أنها تشترك في كونها مستمرة ومتتالية.
**أهمية انخراط جماعات متعددة في المنطقة في الصراع
اختبار وحدة الساحات: افتتح حزب الله جبهة الإسناد الأولى المعروفة بـ"جبهة الشمال" في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى وبعدها بأيام التحقت حركة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن به، لتزيد الجبهتان أوزار الحرب على جيش الاحتلال، فقد جعلتها حربًا أكثر كلفة، وكانت اختبارًا عمليًا لوحدة الساحات.
وقد تركزت في البداية هجمات حزب الله على معسكرات جيش الاحتلال وأجهزة المراقبة، قبل أن يوسعها وفق قراءته مقتضيات الحرب وموازينها وحساباتها. وشملت هذه الحسابات قصف مستوطنات إسرائيلية في الجولان السوري المحتل المجاور للبنان الجنوبي وشمال فلسطين المحتلة بصواريخ متعددة المديات، إلى أن اشتعلت الحرب وصولا للوضع الراهن وباتت تهدد باندلاع صراع كبير قد يشمل المنطقة.
بينما شكلت عمليات الحوثيين في البحر الأحمر ضربات اقتصادية متتالية وأدت لتأثيرات سلبية على عمل الموانئ "الإسرائيلية"، ورغم الضربات المتعددة التي تلقتها الجماعة من الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة وبريطانيا وباستهداف ميناء الحديدة ومنشآته عدة مرات إلا أنها لم تبدل موقفها.
**إرباك (إسرائيل)
أدى انخراط جماعات متعددة في الصراع الي إرباك الاحتلال وتشتيت قواته وعملياته بين جبهتي الجنوب والشمال، إلى جانب حالة الاستنفار الدائم التي تعيشها قواته خاصة على صعيد الدفاعات الجوية التي تلقت ضربات متتالية من الشمال عبر الرشقات الصاروخية والمسيرات والصواريخ التي تطلق من اليمن.
**إنهاك اقتصادي
ساهمت هجمات الحوثيين في تكبيد الاحتلال خسائر اقتصادية خاصة التي استهدفت السفن التجارية ذات الصلة بـ(إسرائيل) أو بموانئها، وكانت بدايتها عبر احتجاز السفينة التجارية "غالاكسي ليدر"، في 9 نوفمبر الماضي، ثم وجهت الجماعة عشرات الهجمات على السفن التجارية، لتشمل السفن الحربية الأميركية والبريطانية.
**تهديد بحرب اقليمية
انخراط عدة جبهات وجماعات في الحرب الدائرة منذ عام في قطاع غزة واشتعال الصراع في الجبهة الشمالية بين الاحتلال وحزب الله، وما أعقبه من رد إيراني باستهداف الاحتلال بأعنف قصف صاروخي، ينذر بإمكانية تدهور الأوضاع إلى حرب اقليمية شاملة.
تلك الحرب تحاول الولايات المتحدة وقوى دولية وإقليمية تفاديها عبر منع الاحتلال من الرد على الهجوم الإيراني بما يجر المنطقة لحرب مفتوحة وشاملة، ورغم إعلان الولايات المتحدة عدة مرات أنها تدعم الاحتلال في رده على إيران إلا أنها تحاول منعه من تنفيذ هجوم واسع النطاق أو استهداف المنشأت النووية.