نجت رغد الخولي مع عائلتها مرارا من عمليات القصف، نزحوا من شمالي قطاع غزة إلى جنوبه، ثم تواصلت عمليات النزوح مرارا، وبين النزوح والآخر تزداد مأساة الطفلة المريضة والتي ترقد في انتظار تحويلة تعطيها حقها من علاج.
ورم خبيث في منطقة حساسة في الوجه، ويخاف الأطباء من وصول الورم إلى الدماغ مهددا حياة الطفلة التي لم تتجاوز الأربعة أعوام، وكذلك من انتقال أي عدوى للطفلة يمكن أن تزيد من تفاقم الوضع الصحي وتعرضها للخطر أكثر. الطفلة الفلسطينيةُ رغد خولي ذات الأربعة أعوام والتي نجت من قصف منزلِها وفقدت شقيقَها وأقرباءَها تواجه معاناةً جديدة إلى جانب النزوح المتكررِ وحياةِ الخيام، قد تفقدُ عينيها بعد إصابتِها بمرض السرطان، كما أن نومها في الأماكن المزدحمة يفاقم الوضع بسبب قلة المناعة التي تعاني منها الطفلة كغيرها من مرضى السرطان. تقول الأم: "نزحنا من غزة بعد قصف منزلنا إلى رفح، وجلسنا في المواصي فترة من الزمن، وبعد إخلاء رفح نزحنا إلى منطفة الزاويدة ".
بعيون منتفخة لا تجد سلاحا سوى البكاء، لا تنام ليلا ولا نهارا، ممددة في خيمة تفتقد كل تفاصيل العناية اللازمة لطفلة مصابة بالسرطان، ومع انهيار النظام الصحي أصبحت فرصة تلقي أي علاج مستحيلة، وحتى المسكنات اللازمة لم تعد متوفرة حسبما تقول والدة الطفلة، التي أضافت: "في آخر صورة لها في مستشفى ناصر أخبرنا الأطباء أن أورام حول محيط العين قد ازدادت وتظهر جلية على ملامح وجه الطفلة المنتفخ".
رد الأطباء واحد وموجع "علاج رغد ليس لدينا"، والطفلة لا تأكل ولا تنام، تصرخ من الألم على مدار الساعة، تكمل الأم. ويهدد الموت حياة مرضى السرطان بعد نفاد جرعات الكيماوي مع تدمير معظم مستشفيات القطاع، وتوقف التحويلات للخارج، ولا يوجد الآن سوى المستشفى الأوروبي ومستشفى شهداء الأقصى، والتي توفر علاجا للإصابات بإمكانيات قليلة وتكاد تكون معدومة.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن "معاناة مرضى السرطان تفاقمت في قطاع غزة في ظل الحرب ومنع دخول الدواء إلى القطاع. كما أن مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني هو المستشفى الوحيد الذي يقدم خدمات السرطان في غزة توقف عن العمل بسبب الإستهداف المباشر له من قبل الحرب الإسرائيلية."
وحسب إحصائيات وزارة الصحة فقد بلغ عدد مرضى السرطان الذين يعيشون ظروفًا صحية سيئة للغاية 12 ألف مريض نتيجة عدم توفر الأدوية ومنعهم من السفر للعلاج، ولم يتم تشخيص أكثر من 2000 حالة سرطان جديدة في ظل غياب الأجهزة التي تساعد على اعطاء فحوصات دقيقة.
وحسب الأرقام فإن هناك 400 حالة سرطان ثدي، لا تتلقى أي علاج بسبب نقص العلاج وإغلاق المعابر والتي أدت إلى وفاة مئات مرضى السرطان. تعاني المستفيات أيضا من نقص في الأسرة حيث انخفضت بنسبة تزيد على 75%، لتصل إلى 1207 سراير، وهو ما يمثل ثلث المعدل المعتاد في السنوات السابقة، أما أسرة العناية المركزة، فقد تقلص عددها إلى 68 سريرًا، مقارنة بـ 126 سريرًا قبل الحرب وأصبح الوضع الصحي في غزة كارثيًا، إذ باتت المستشفيات عاجزة عن تلبية احتياجات المرضى، والنقص الحاد في الموارد والمعدات يزيد من المعاناة اليومية لسكان القطاع،
وتحتاج غزة إلى تدخل عاجل وشامل لتخفيف معاناة السكان، ولإعادة بناء النظام الصحي المنهار. في ظل هذا الواقع المنهار، يصبح علاج الطفلة رغد مستحيلا، وليس عليها إلا انتظار فتح المعبر، أو تحويلة للعلاج مع تقلص أعداد مرضى السرطان الذين سمحت لهم (إسرائيل) بالسفر بعد سيطرتها على معبر رفح، في ظل انهيار المنظومة الصحية.