قائمة الموقع

كُتاب وفنانو غزة الشهداء.. حتى الثقافة ضحية للإبادة

2024-10-10T08:24:00+03:00
الشهيد الأديب رفعت العرعير.
الرسالة نت- خاص

منذ أن قتل الاحتلال (الإسرائيلي) الكاتبة والروائية الشابه هبة أبو ندى، ارتفع اسمها، وتجاوزت كلماتها المدى، حتى رددها العالم في بقاع الأرض كرسالة باقية تقول للاحتلال إن أصحاب القلم لا يموتون، يل يحييهم القتل ويزيد من حضورهم بيننا.
الاحتلال يعرف جيدا أن هبة شاركت في عدة إصدارات شعرية مشتركة كمقاومة فلسطينية، منها: "العصف المأكول"، و"شاعر غزة"، و"أبجدية القيد الأخير".، وكأنه أراد أن يقتل قلما فأحياه من حيث لا يدري، وظلت جملة هبة الأخيرة "تبنى الآن غزة جديدة في الجنة"  باقية يتناقلها الكتاب على فضاء شبكات التواصل كل دقيقة منذ رحيلها، فهل يموت القلم؟!.
وأبو ندى التي كتبت القصة والرواية والشعر، هي ابنة عائلة لاجئة من بيت جرجا المهجّرة والمدمرة في العام 1948، ودرست الكيمياء الحيوية والتأهيل التربوي، وعملت في التعليم، وحصلت على عدة جوائز أهمها المركز الأول في القصة القصيرة على مستوى فلسطين، والمركز الثاني على مستوى الوطن العربي بجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2016 عن روايتها "الأكسجين ليس للموتى".

أما رفعت العرعير، فيطول الحديث عنه، ولقد كان هدفا استراتيجيا حقيقيا، أستاذ جامعي، يعرف ما يمكن للقلم أن يقدمه، يحارب بالقصيدة والنص والأخطر هو نقل هذه النصوص إلى لغات أخرى.
كاتب شاب سماه زملاؤه "صوت غزة"، فكان أحد مؤسسي مشروع "نحن لسنا أرقاماً"، والذي جمع مؤلفين من القطاع ومرشدين في الخارج يساعدونهم على كتابة قصص عن واقعهم باللغة الإنكليزية. 
العرعير، الذي عمل أستاذاً للأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية في غزة، دعم لسنوات طويلة الكتاب الشباب، وعلمهم أهمية ترجمة نصوصهم ونقل المأساة الفلسطينية إلى العالم بلغات آخرى.
رفض العرعير مغادرة شمالي غزة بعد اشتداد الغارات عليه، وظل يكتب حتى الدقيقة الأخيرة ما قبل استشهاده في كانون الأول الماضي، فنقل ورثة الأدب من بعده قصائده الأخيرة وترجموها إلى لغات أخرى، ليخبروا العالم من جديد أن أصحاب القلم لا يموتون، وسيظل اسم العرعير ونصوصه تتردد كما بقي غسان كنفاني، وناجي العلي.

 أما الكاتب والمحلل السياسي أيمن الرفاتي الذي قتلته طائرات الاحتلال في شباط الماضي فيعرف الاحتلال حروفه جيدا، ومنذ شباط/فبراير عام 2018، كتب الشهيد عشرات المقالات في موقع الميادين نت وغيرها من المواقع،  تناول فيها شؤون المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، إلى أنّ نشر مقاله الأخير "ماذا فقد جيش الكيان في طوفان الأقصى"، الذي تم نشره قبيل استشهاده بدقائق فقط.
لم ينزح الرفاتي من مدينة غزة، ظل باقيا حتى أنفاسه الأخيرة في بيته كرمز للمقاوم الكاتب الذي يتحدى الاحتلال بصموده حتى اغتالته الطائرات في منزله في شارع الجلاء.
الأجساد التي رحلت من عالم القلم كثيرة، لكنها جميعها تركت أسماءها مطبوعة كميثاق لا يقتل ولا يفنى، فهم الحكاية، التي كتبوا جزءا منها وسلموها لأجيال جديدة تخرج كل يوم لتكمل الكتابة.
لن يكتب الشهيد عمر أبو شاويش قصيدة جديدة، لكن حصته من البقاء في المكتبات، توزع كل يوم على قارئ جديد يوصل رسالته الخالدة، وكذلك ستبقى هبة زقوت، الفنانة صاحبة الريشة، التي ظلت لوحاتها معلقة على جدران القلوب وألوانها خالدة، مرآة المقاوم الفلسطيني.
 عازف القيثارة الجميل  يوسف دواس، الفنان الساخر علي نسمان، سيكون كل منهما أيقونة تدل أحدا ما على طريقهما ليرث الحكاية من بعدهما ويعزف ويسخر من كل العالم الذي ظل يتفرج على رحيلنا ولا نموت.
لم تكن ضحية الإبادة نساء وأطفال ورجال فقط، بل أمكنة تعلقت بها أرواح الفنانين والكتاب وصناع الجمال في غزة، وبالمثل وبنفس أداة القتل، قتل مركز رشاد الشوا الثقافي، وقاعة سباط العلمي، تماما كما اغتال قرية الفنون والحرف ومكتبة سمير منصور،  في حرب مشابهة، وكلما قتل كانت غزة ولادة، وكلما هدم بنت بنيانها، لأن هناك مدن لا تموت مهما أمعنت بقتلها.

اخبار ذات صلة