قائمة الموقع

الحانوتي يوسف أبو حطب.. يتحدث عن العام الأصعب في حياته

2024-10-24T11:22:00+03:00
الحانوتي يوسف أبو حطب
الرسالة نت- خاص

عام الشهداء، أو عام الحزن كما يحب أن يسميه البعض، لثقل ما فيه من أوجاع وفقد، وتساقط للجثث في كل شارع وحارة من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، حتى بدا المشهد وكأنه خيال لا يصدق، وهكذا مر على الحاج يوسف أبو حطب، الذي يعرف نفسه بــ(الحانوتي) ثم يتحدث عن نفسه: "أب لشهيد، وأخ لشهيد، ومصاب انتفاضة الأولى، وفاقد لعيني اليسرى."
يعمل الحاج يوسف في دفن الموتى منذ عام 2000، ولا يذكر عامًا مر عليه مثل هذا العام الذي بدأ في السابع من أكتوبر، ولم ينته في أكتوبر الحالي، بل دخل الموت عامه الثاني، بآلية الاحتلال (الإسرائيلي) التي لم تتعب من القتل، وكأنه هوايتها. 

لم يكن هذا العام مؤلمًا بالموت فقط، بل بالجوع الذي كان موتًا أيضًا، والفقر الذي انتشر بين الناس، والأسر، والتشرد، والخيام، وانتشار الأمراض العضوية والنفسية، والوجع الذي يسكن في قلوب الناس، كل ذلك صنوف للموت عدّدها الحاج يوسف.
يتأسف على المشاهد التي يراها كل يوم، فحتى الدفن له ثمن باهظ في عام الإبادة، وثمنه يرتفع: "يأتي إليّ خمس شباب يحملون شقيقهم الشهيد، ولا يملكون في جيبهم خمسين شيكلا، وأنا أحتاج لإمكانيات الدفن، كيس (الشمينتو) سعره وصل الـ100$ وهو لا يكفي بلاطا لقبرين!!"  
يتكون القبر أيضًا من حصمة، وماء، وصبي يساعد (الحانوتي) على الدفن، وكل ذلك يحتاج المال، في وضع أصبح الدفن فيه مرتفع الثمن.
القبر يحتاج إلى 300 شيكل بلاط فقط، ومع المكونات الأخرى، تصبح تكلفة القبر الواحد 500 شيكل، وهذا يدفع العم أبو يوسف لتوقع الأسوأ: "في الأيام المقبلة لا أتوقع أنني سأستطيع دفن أي ميت في قبر، لأن الناس لا تملك تكلفة الدفن"!! 
يساعد (الحانوتي) ما استطاع، ليقدم عونًا لمن لا يملك، تكاليف القبر إذا ما أتيحت، يقول: "دفنت اليوم خمسة، اثنين منهم استطاعت عائلاتهما الدفع، والباقي لم يدفع، وإذا استمر الحال هكذا، لن أستطيع توفير أي إمكانيات في الأيام المقبلة" 
لا يطلب يوسف أبو حطب معونة للحياة، ولا للطعام، ولا لنصب خيمة، وإنما يقول فقط "أطالب كل الضمائر الحية، ساعدونا لنستطيع دفن أمواتنا، فقط هذا ما أريده".
يشير أبو حطب إلى أرض ممهدة، ويقول: "هذه مقبرة جماعية، دفنت الأموات هنا بالرمل، والناس تسير فوقهم في الذهاب والإياب، دون أن يعرفوا أن هناك موتى مدفونون في هذه القطعة من الأرض، وأنا لا أستطيع أن أبني سورًا، أو أحضر شبكًا لإحاطة الأرض به لتميز المقبرة عن الأرض المجاورة"!.
لقطة واحدة ضمن مشهد كبير، بطله الموت، في كل زاوية من زوايا القطاع، الذي ضاقت به الدنيا كثيرًا، حتى أن شهداءه، وموتاه، قد لا يجدون قبرًا يضم أجسادهم في الأيام المقبلة، ولا زالت الإبادة مستمرة.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00