تتوالى عمليات المقاومة النوعية من الداخل الفلسطيني نصرة لغزة، ومحاولة لوضع حد للانتهاكات التي تمارسها حكومة اليمين المتطرف ضد الفلسطينيين داخل السجون (الإسرائيلية) وفي القدس والضفة وغزة.
صباح اليوم أثلجت عملية "تل أبيب" صدور الفلسطينيين وخاصة الغزيين بعد ليلة دامية كليالي الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام، فقد نفذ البطل رامي الناطور وهو من قلنسوة – داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948- عملية دهس بشاحنة ثقيلة بالقرب من محطة حافلات مركزيّة شمال تل أبيب أدت لمقتل نحو خمسة جنود وأكثر من خمسين إصابة وصفت بعضها بالخطيرة.
هذه العملية النوعية تضرب بعرض الحائط الخطط التي تضعها سلطات الاحتلال لإحكام القبضة على الضفة والداخل المحتل والقدس من أجل وضع حد لعمليات المقاومة ومحاولة السيطرة لفرض الأمن، لكن الشباب الفلسطيني الثائر يخترق كل الاستراتيجيات وينفذ عمليات نوعية حصدت خلال الشهر الجاري أكثر من 15 جنديا إسرائيليا نتيجة العمليات البطولية.
وما يميز عملية اليوم هو قربها من مركز الموساد في تل أبيب، والذي من المفترض أن تكون الحراسات هناك مشددة، لكن ما جرى اليوم كشف هشاشة المنظومة الأمنية (الإسرائيلية)، بالإضافة إلى أنها رسالة ردع قوية وواضحة تدلل حول قدرة المقاومة على استهداف أهداف حساسة ومحصنة في عمق الاحتلال، ما يضيف بُعداً جديداً لمعركة الردع مع (إسرائيل).
يصف الكاتب السياسي وسام عفيفة، العملية بأنها ضربة قوية في تل أبيب وهي جريئة ومؤثرة، مشيرا إلى أن موعدها جاء في ظل مخاوف أمنية غير مسبوقة، حيث قررت قيادة جيش الاحتلال يوم أمس إغلاق مكاتب التجنيد بشكل مفاجئ تحسباً لعملية محتملة.
ويؤكد عفيفة أن أهمية العملية تكمن في التوقيت الحساس لهذه العملية فهو يسلط الضوء على تدهور الأوضاع الأمنية التي يواجها الاحتلال على عدة جبهات؛ من تصعيد المواجهات في جنوب لبنان إلى الضربات المتواضعة التي استهدفت مواقع إيرانية.
ويعقب بالقول: "يبدو أن الاحتلال بات مكشوفاً ومضغوطاً على مستوى غير مسبوق، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول قدرته على التصدي لتهديدات متزايدة في عدة جبهات في آن واحد".
ووضعت العملية التي نفذها الناطور، الاحتلال في حالة إرباك أمني شديد في قلب تل أبيب، وزادت من مشاعر الخوف وعدم الأمان لدى المستوطنين، عدا عن تأثيرها الاستراتيجي على عمليات الاستخبارات حيث تسببت العملية في خسائر فادحة لوحدة الاستخبارات، التي تُعد العمود الفقري للقدرات الإلكترونية وجمع المعلومات للجيش الإسرائيلي، مما قد يؤثر سلباً على العمليات الاستخبارية المستقبلية.
دلالة مكان وتوقيت العملية
وفي ذات السياق يقول ياسر مناع المحلل السياسي لـ (الرسالة نت)، إن عملية تل أبيب تأتي في سياق الحرب أولا، بالإضافة إلى أنها ضمن سلسلة العمليات البطولة التي ينفذها منذ فترة أبناء الداخل المحتل، لافتا إلى أن نوعيتها تكمن بأنها فردية نتيجة سياسات الضغط التي تتبعها (إسرائيل) والتي زادت منذ عام 2021 بعد معركة سيف القدس.
ويضيف:" هذه العمليات النوعية تعيد للمستوطنين فقدان الثقة بينهم وبين الجيش، والتي تعيد معضلة الأمن الشخصي بينهما، وأيضا العمليات تعزز استطلاعات الرأي التي دوما تشير إلى أن معضلة الأمن الشخصي هي الأولى التي يواجها المستوطنون الإسرائيليون منذ بداية الحرب".
ويرى مناع أن أهمية العملية تكمن تزامنا مع إحياء قادة الجيش للسابع من أكتوبر، بالإضافة إلى أن أهميتها تكمن أيضا بالمكان حيث تم تنفيذها بالقرب من قاعدة عسكرية وهي
مقر شعبة الاستخبارات "وحدة 8200 - هي فيلق وحدة الاستخبارات الإسرائيلية وهي مسؤولة عن التجسس الإلكتروني- ، وبالتالي هذه الأماكن المحصنة وحدث فيها الاختراق يدلل على فشل منظومة الاستخبارات (الإسرائيلية).
ويرى مناع أنه في كل الأحوال تبقى العمليات الفردية معضلة أمام (إسرائيل) على الرغم من كل الإجراءات التي اتخذت للحد من هذه الظواهر إلا أنها لا زالت تشكل تحدي وعائق ودليل على فشل للاستخبارات الإسرائيلية والجيش.