بعد أيام من الإعلان عن فوز الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بولاية جديدة، تعالت الأصوات داخل دولة الاحتلال بتطبيق مخطط ضم الضفة الغربية المحتلة.
أخر هذه التصريحات لوزير المالية المتطرف في حكومة الاحتلال "بتسلئيل سموتريتش" الذي قال إنه أصدر تعليمات للتحضير لبسط السيادة (الإسرائيلية) على الضفة، وأنه يأمل تطبيق هذه الخطة العام المقبل.
هذه التصريحات الخطيرة للوزير المتطرف "سموتريتش" تعكس حجم المخططات التي تحيكها دولة الاحتلال بمساندة العالم الغربي والإدارة الأمريكية لتوسيع نفوذها وضم الضفة وتهجير الفلسطينيين.
كذلك تعكس هذه التصريحات ما أعلنه مراراً وتكراراً رئيس حكومة الاحتلال المتطرف بنيامين نتنياهو في المحافل الدولية وأمام المتحدة وعرضه خرائط تشير إلى سيطرة (إسرائيل) على الضفة وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا، في ظل صمت دولي وعربي.
بسط السيادة على الضفة!
ونقلت رويترز عن سموتريتش المنتمي لليمين المتطرف قوله إنه حان الوقت في حقبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة لفرض السيادة (الإسرائيلية) على الضفة، وأعرب عن أمله أن يدعم ترامب هذا التحرك.
وأضاف وزير المالية وهو حليف رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو، أن 2025 سيكون عام السيادة على الضفة المحتلة.
استغلال فوز ترامب!
الكاتب والمحلل السياسي والمتابع لشؤون الضفة المحتلة، ياسين عز الدين، يرى أن "سموتريتش" سيستغل فوز ترامب من أجل ضم الضفة المحتلة وتوسيع نفوذ دولة الاحتلال".
وعن مخطط "سموتريتش"، تحدث عز الدين قائلاً: "سيتم ضم المناطق (ج) التي تناقص عدد سكانها الفلسطينيين بشكل كبير منذ اتفاقية أوسلو، وتنقسم لجزئين، وهو جزء تم ضمه فعليًا لـ(إسرائيل) ولم يبق سوى الإعلان عنه وهو المستوطنات ومحيطها والمناطق داخل الجدار، وتشكل 40% من الضفة، والجزء الآخر 20% يسمح للفلسطينيين حاليًا بدخولها واستغلال أراضيهم".
وأوضح أنه بعد الضم سيعمل الاحتلال على طرد ما تبقى من فلسطينيين في المناطق (ج)، ومنعهم من دخولها، وهذا سيعيق حركة التنقل بين مناطق السلطة، وتوسيع المستوطنات بشكل أكبر، ومصادرة أراضي الفلسطينيين بحجة أنها "أملاك غائبين".
التضييق بالحواجز!
وأشار عز الدين إلى أن مناطق السلطة ستبقى مؤقتًا خارج مخطط الضم، أما المواطنين في المناطق (ج) فسيعتبرون أجانب ودخلاء عليها ولن يمنحهم الاحتلال إقامة (هوية زرقاء) كما يحلم المغفلون والأغبياء.
وأكد أنه سيكون هنالك المزيد من التضييق بالحواجز على حدود مناطق السلطة وربما في المستقبل طلب تصاريح للتنقل بين مناطق السلطة بحجة أن الفلسطيني سيمر من مناطق (ج) (أراضي إسرائيل).
ونوه إلى أن القرار سيضيق اقتصاديًا وحياتيًا على الفلسطينيين في مناطق السلطة، أما السلطة نفسها رغم أنها ستكون متضررة جدًا من القرار فستبقى ثابتة على ولائها للاحتلال.
تصعيد المقاومة
وقال الكاتب السياسي عز الدين لـ"الرسالة": "على الشعب الفلسطيني رفض ضم الضفة إلى دولة الاحتلال، ومحاولة التعايش معه لأنه سيجد نفسه بعد سنوات مهجر من الضفة بسبب سياسات الاحتلال العنصرية".
وأضاف أن "المطلوب تصعيد المقاومة في وجه الاحتلال، كذلك على السلطة استغلال الحرب الحالية لإفشال مخططات الاحتلال الخبيثة من خلال دعوة الشارع الفلسطيني للمواجهة مع الاحتلال".
وأوضح أنه يجب أن يتم استنزاف الاحتلال في كافة أماكن تواجده بالضفة وبكافة الأشكال، وكسر محاولات التدجين التي تحاول السلطة فرضها على المواطن.
بدورها، أكدت هيئة البث (الإسرائيلية)، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم وضع خطة "ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية"، ضمن أجندته الحكومية في المرحلة المقبلة، وتحديدا بعد تسلم دونالد ترامب مهامه في رئاسة البيت الأبيض بتاريخ 20 كانون الثاني/ يناير 2025.
وأشارت الهيئة إلى أن نتنياهو تحدث في محادثات خلال الأيام الأخيرة أنه عندما يدخل ترامب البيت الأبيض، فيجب إعادة إمكانية فرض السيادة على الضفة الغربية إلى الأجندة، مضيفة أنه "بذلك ينضم نتنياهو إلى أصوات أخرى في الحكومة تنادي بهذه القضية".
فرض القوانين على الضفة!
أما المحلل السياسي ساري عرابي، رأى أن حكومة الاحتلال المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو تسعى لاستغلال حالة الحرب على قطاع غزة من أجل فرض رؤيتها الهادفة للسيطرة على الضفة المحتلة وتهجير الفلسطينيين منها.
وأشار عرابي في حديث لـ"الرسالة"، إلى أن الضفة المحتلة هي خاضعة تحت السيطرة الأمنية (الإسرائيلية) ويقتحمها وينفذ عمليات اغتيال واعتقال وقت ما يشاء تحت بند النشاط الأمني دون اعتبار أن السلطة موجودة.
ونوه إلى أن اتفاقية أوسلو لم تمنح الفلسطينيين الاستقلال لا في الضفة ولا غزة، وما يقصده الاحتلال بضم الضفة هو أن يجري فرض القوانين المدنية (الإسرائيلية) على الضفة المحتلة.
وأكد أنه منذ أن ضمت حكومة نتنياهو وزراء متطرفين وصعود "سمويتريش" للحكم بدأ بالعمل على تكريس سياسة الفصل العنصري والضم الناعم لمدن الضفة المحتلة، وهذا ما يطمح به نتنياهو.
وأوضح عرابي، أن الحملات الأمنية والاجتياحات لمدن الضفة المحتلة وخاصة في الشمال، الخطوة الأولى من خطة وزير المالية (الإسرائيلي) "سموتريتش" التي أطلق عليها اسم "حسم الصراع".
وفي 19 يوليو/ تموز الماضي، شددت محكمة العدل الدولية على أن للفلسطينيين الحق في تقرير المصير، وأنه يجب إخلاء المستوطنات (الإسرائيلية) القائمة على الأراضي المحتلة.
وخلال جلسة بمدينة لاهاي الهولندية لإبداء رأي استشاري بشأن تداعيات احتلال (إسرائيل) في الأراضي الفلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشكل "وحدة إقليمية واحدة" سيتم حمايتها واحترامها.
الوقوف صفا واحدا!
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي فرحان علقم، أن تصريحات "سموتريتش" بخصوص فرض السيادة على الضفة وإعلان ضمها رسميا وعلانية دون مواربة، يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وعلى الشعب الفلسطيني وقواه الحية أن يتحضروا لمواجهة طويلة وقاسية مع الاحتلال.
وأضاف علقم أن هذه المواجهة تتطلب أن يكون الكل الفلسطيني ونخبه وقواه الحية صفا واحدا، وتستوجب من الجميع ضبط البوصلة.
وأكد على ضرورة تحرير القرار الفلسطيني من الارتهان إلى أجندات أثبتت فشلها منذ ثلاثين عاما، تضاعف فيها الاستيطان وتغول فيها المستوطنون وتمادى فيها الاحتلال حتى استباح كل ما هو فلسطيني من بشر أو حجر أو جغرافيا أو تاريخ.
وتابع: "يجب توحيد الكلمة والخطاب بما يمثل الكل الفلسطيني في كل مكان، وعلى المستوى الرسمي أن يستجيب لنبض الشارع وقواه الحية".
وأكمل: "لقد عانى الشعب الفلسطيني من غياب الدور الريادي للمؤسسة الرسمية ودفع لذلك الغياب ثمنا باهظا جدا، لكن لم يفت الأوان بعد، وما زال بالإمكان تدارك ما فات، فهذه دعوة فهل من مستجيب؟".
وأشار إلى أن فوز ترامب أشعل نيران التفاؤل المفرط في صدور الصهاينة وخاصة المتطرفين، الأمر الذي جعلهم يتحدثون علانية عن مكنونات صدورهم.
نوايا الاحتلال الاستعمارية!
وأكدت حركة "حماس"، أن ما أعلنه وزير المالية الإرهابي سموتريتش عن مضيّه في تنفيذ خطة لبسط السيطرة الصهيونية على الضفة الغربية ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، يؤكد بشكلٍ قاطع نوايا الاحتلال الاستعمارية، وإنكاره حقوق شعبنا الوطنية.
وشددت الحركة في تصريح صحفي وصل الـ"الرسالة"، أن هذا الإعلان يدحض مزاعم الواهمين بتحقيق سلام وتعايش مع هذا الكيان النازي القائم على الإرهاب وسلب الحقوق والأرض.
وجددت الحركة التأكيد على أنها وشعبنا الفلسطيني وكافة فصائل المقاومة مستمرون في التصدي لمخططات الاحتلال.
وقالت الحركة: لن نسمح للإرهابي سموتريتش وغيره من مجرمي الحرب الصهاينة بتنفيذ أي من مخططاتهم الخبيثة، والتي لن تمنحهم شرعية على أراضينا المحتلة، ولن تغير حقائق التاريخ، بأن الضفة الغربية أرضٌ فلسطينيةٌ خالصةٌ وجزءٌ أصيل من دولتنا الفلسطينية المستقلّة وعاصمتها القدس.
ودعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة إلى التحرك الفاعل للجم هذه العصابة الصهيونية الاستعمارية المستمرة في تحدي الشرعية الدولية، ووقف تلك السياسات والمخططات التي لن تزيد الوضع إلا توتراً وتصعيداً على المستوى الإقليمي والدولي.
وبموازاة حرب الإبادة في قطاع غزة، وسّع جيش الاحتلال عملياته وصعّد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة المحتلة، ما أسفر أكثر من 780 شهيدا، ونحو 6 آلاف و300 جريح منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.