قائمة الموقع

البحر يلتهم خيام النازحين ويشردهم مجددًا

2024-11-25T15:49:00+02:00
أمطار ورياح الشتاء تعمق آلامهم البحر يلتهم خيام النازحين ويشردهم مجددًا
الرسالة نت – محمد العرابيد

أُجبر أكثر من مليون ونصف فلسطيني قسرًا على النزوح من مناطق سكناهم إلى المناطق الساحلية لجنوب قطاع غزة جراء حرب الإبادة البشعة الذي يشنها الاحتلال (الإسرائيلي) منذ السابع من أكتوبر 2022.

فالمناطق الساحلية وهي "النصيرات ودير البلح ومواصي خانيونس"، التي زعم جيش الاحتلال أنها آمنة ارتكب فيها العديد من المجازر البشعة أسفرت عن ارتقاء المئات من الأطفال والنساء والشيوخ. لكن لم تقف معاناة الفلسطينيين عند هذا الحد؛ بل جاء فصل الشتاء حاملًا معه فصلًا جديدًا من المعاناة والألم الذي يلاحق النازحين على إثر ارتفاع منسوب مياه البحر ووصولها لخيام المشردين وغرق كل ما في طريقها، ليصبح الفلسطيني مشردا في البرد القارس دون مأوي.

أما الفلسطينيون الذين يقطنون بعيدًا عن شاطئ البحر فهم لم يسلموا كذلك؛ فالرياح العاتية سوّت خيامهم من "النايلون والقماش" بالأرض، فيما يهدد الخطر مئات آلاف الفلسطينيين الذين يسكنون على ركام منازلهم وبالشوارع ومراكز النزوح جراء ارتفاع منسوب مياه "برك تجميع الأمطار"، لتوقف المضخات التي تعمل على نقل مياه الأمطار للبحر وتدمير جيش الاحتلال للبنية التحتية.

***أين نذهب!

"وين أروح مع أطفالي".. بهذه الكلمات التي تكسوها نبرة الألم والمعاناة يتحدث الحاج صدقي العامودي بعد أن أغرقت مياه البحر الخيمة التي يقطنها برفقة 7 من أفراد عائلته، ثلاثة منهم أطفال. يقول العامودي والتي كانت خيمته من "نايلون وقماش" بمساحة لا تتجاوز الأربع أمتار على شط بحر دير البلح وسط قطاع غزة، لـ"الرسالة": "شردنا من صواريخ الاحتلال فلاحقتنا أمواج البحر، وفصل الشتاء لا يزال على الأبواب وأصبحنا بلا مأوى".

ويضيف الحاج الذي يبلغ من العمر (59 عامًا): "الساعة الخامسة فجر اليوم، ونحن كنا نائمين تفاجأنا بدخول مياه البحر إلى الخيمة وأغرقت الفراش وملابسنا.. والآن أصبحنا بلا مأوي".

ويشير صدقي العامودي إلى أنه لا يوجد مكان يذهب إليه ولا مأوى يلجأ له بعد أن أغرقت مياه البحر الخيمة التي يقطنها.. أنا بناشد كل المؤسسات الاغاثية توفر للنازحين الخيام والمستلزمات التي تقيها من برد الشتاء".

وبسبب حرب الإبادة منذ أكثر من 14 شهرًا على التوالي، أجبر أكثر من 2 مليون مواطن فلسطيني على النزوح قسرًا تحت القصف من منازلهم، دون وجود أي مقومات للحياة والسكن، كذلك في ظل شح الخيام والشوادر التي يبني بها الفلسطينيون خيامهم.

****الخيام تغرق بمياه الأمطار!

وأما الشاب سعيد الدحدوح الذي استيقظ باكرًا من أجل ترميم الخيمة التي أسقطتها الرياح والأمطار فجر اليوم الاثنين، ويقطنها برفقة 10 من أفراد عائلته في مخيم ما يعرف بــ"البركة" وسط دير البلح جنوب قطاع غزة.

ويتحدث الدحدوح الذي يبلغ من العمر "22 عامًا" لـ"الرسالة"،: "نحن لا زلنا على أبواب فصل الشتاء وفي أول منخفض بسيط سقطت خيام النازحين وغرقت بفعل الرياح والأمطار". ويقول الشاب الذي يقطن في خيمة من "نايلون"،: "أنا حالي كما باقي حال آلاف النازحين في هذا المخيم الذين غرقت خيامهم بفعل شوية من الأمطار والرياح.. فالصراحة لا نعرف كيف سنواجه المنخفضات المقبلة".

ويضيف الدحدوح،: "الخيام التي نسكن بها لم تقنا من حرارة الصيف، فأكيد لن تقينا من برد الشتاء القارص ولن تحمي الأطفال من مياه الأمطار.. نحن مقبلون على أيام سوداء وسيعمق فصل الشتاء من معاناة مئات آلاف النازحين". وختم الشاب حديثة قائلاً،: "يبدو أن الصواريخ ليست وحدها التي تلاحق النازحين فالجوع وفصل الشتاء تلاحق النازحين الفلسطينيين".

وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن نقص الغذاء مع دخول فصل الشتاء وغيره من الإمدادات الإنسانية الحيوية التي تدخل القطاع قد يؤدي إلى المجاعة ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية.

***تحذيرات من الغرق!

وفي خطر أخر يلاحق الفلسطينيين حتى الذين يقطنون في المناطق السكنية المدمرة، حذرت بلدية غزة من تسرب مياه الصرف الصحي لمراكز الإيواء المحاورة لبركة الشيخ رضوان، مشيرة إلى أن مياه الصرف الصحي طفحت في مختلف مناطق المدينة جراء تساقط الامطار في ظل تعطل الشبكات الخاصة بها وتدميرها من قبل الاحتلال. وقال المتحدث باسم بلدية غزة، عاصم النبيه، في تصريح صحفي وصل الـ"الرسالة"، إن مدينة غزة شهدت دمارًا كبيرًا بالبنى التحتية ظهرت بشكل واضح في المنخفض الأخير، موضحًا أن مياه الأمطار التي هطلت مؤخرًا، تسببت بمشاكل طفح مياه الصرف الصحي في مختلف أنحاء المدينة.

فيما، طالبت لجنة الطوارئ في بلدية خان يونس النازحين القاطنين في برك تجميع مياه الأمطار وأحواض المعالجة المؤقتة للصرف الصحي في المحررات بالحذر ومغادرة أماكن النزوح مع دخول فصل الشتاء. ودعت البلدية في تصريح صحفي، النازحين القاطنين في تلك المناطق المغادرة فورًا والبحث عن مكان آخر آمن، مخاطبة المواطنين:" إن وجودكم في برك تجميع مياه الأمطار يشكل خطرًا على حياتكم وسلامتكم".

***غرق المناطق السكنية!

بدوره، ناشد المتحدث باسم الدفاع المدني الرائد محمود بصل، المؤسسات الدولية بضرورة الإسراع في تقديم المستلزمات والأجهزة التي تعمل على ضخ مياه الأمطار والصرف الصحي من (برك التجميع) التي تقع بين الأحياء السكنية". وقال الرائد بصل في حديث لـ"الرسالة"،: " إن هناك خطرا كبيرا يهدد حياة عشرات آلاف العائلات النازحة والتي تسكن بالقرب من (برك تجمع مياه الأمطار والصرف الصحي) بعد ارتفاع منسوب المياه في هذه البرك".

وأوضح أن تدمير الاحتلال المضخات والأنابيب الممتدة في الشوارع والتي تعمل على ضخ المياه من هذه البرك، سينتج عنها ارتفاع منسوب المياه وتسربها إلى الأحياء السكنية التي تضم عشرات آلاف النازحين في حي الشيخ رضوان وخانيونس ومناطق أخرى. وأكد أن تدمير البنية التحتية جراء حرب الإبادة على قطاع غزة، سيتسبب في مشاكل عديدة أبرزها إغراق مياه الأمطار للشوارع والأحياء السكنية، كذلك تسرب مياه الصرف الصحي في مختلف قطاع غزة.

وفي ذات السياق، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة،: "إن أهم ما يحتاجه قطاع غزة، هو توفير الخيام والشوادر للنازحين وخاصة الذين يقطنون في المناطق الساحلية، كذلك توفير مضخات لشفط مياه الأمطار، وإجراء صيانة للبنية التحتية في شوارع لمنع المناطق السكنية من الغرق".

* عدم توفر الخيام!

وفي وقت سابق، حذر مدير مكتب الإعلام الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، من المخاطر التي ستلاحق النازحين الفلسطينيين في قطاع غزة، خاصة مع دخول فصل الشتاء وهم في الخيام وأماكن النزوح. وقال الثوابتة في حديث لـ"الرسالة": "إن أكثر من 2 مليون نازح في المناطق الجنوبية يعيشون في ظروف إنسانية قاسية وصعبة بعد أن أجبرهم الاحتلال على ترك منازلهم والنزوح قسرًا إلى الجنوب". وأوضح أن أكثر من 100 ألف خيمة للنازحين هي مهترئة ولا تصلح للعيش بداخلها ولا تحتمل مقاومة هطول الأمطار وفصل الشتاء، حيث يصبح النازحون بلا أي مأوى في فصل الشتاء وسيفترش هؤلاء الأرض وسيلتحفون السماء. وحذر الثوابتة من كارثة إنسانية حقيقية بفعل دخول فصل الشتاء وظروف المناخ الصعبة، وكذلك بسبب إغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وبسبب منع الاحتلال إدخال قرابة ربع مليون خيمة إلى قطاع غزة في ظل هذا الواقع المرير.

اخبار ذات صلة