أكد إعلاميون وحقوقيون فلسطينيون أن مواصلة الصحفي الفلسطيني أداء رسالته الإعلامية رغم شراسة الاستهداف الإسرائيلي يمثل إفشالًا لأهداف الاحتلال الساعي لحجب الرواية الفلسطينية وإخفاء جرائم الإبادة عن أنظار المجتمع الدولي، مشددين على ضرورة ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية والحيلولة دون إفلاته من العقاب.
جاء ذلك خلال حلقة نقاش إلكترونية حول "سبل مواجهة الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين"، نظمها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين يوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024 وأدارها الإعلامي محمد ياسين. وتزامنت حلقة النقاش مع انتشار خبر استشهاد الصحفية إيمان الشنطي وأسرتها جراء قصف إسرائيلي لمنزلها في مدينة غزة.
مع سبق الإصرار
استهلت مراسلة قناة TRT التركية، الصحفية ربا العجرمي، حديثها بالإشارة إلى مرارة فقد الزميلة الصحفية إيمان الشنطي التي "استهدفها الاحتلال بشكل مباشر داخل منزلها، فاستشهد زوجها وأطفالها الثلاثة". وتابعت القول: "ارتكب جيش الاحتلال جرائم بشعة مروعة بوسائل عدة ضد الصحفيين بشكل مباشر ومع سبق الإصرار والترصد لإسكات الصوت وإخفاء الحقيقة وتغييب الصورة عن العالم".
وأوضحت أن الصحفيين يوثقون جرائم الاحتلال على مدار اللحظة، قائلة: "كل هذه الحقائق والجرائم الإسرائيلية نرصدها ونحن في الميدان طيلة 15 شهرًا، ولم نغادر الميدان ولو لدقيقة واحدة، ونتعرض لما يتعرض له شعبنا من نزوح وتجويع وقتل وحرمان من أبسط الاحتياجات".
وأضافت العجرمي: "الصحفيون منذ بداية الحرب ينزحون مع عائلاتهم، ويبحثون عن مأوى ومنطقة آمنة ومساحة آمنة لنقل الرسالة الإعلامية". ومضت تقول: "استهداف الصحفيين وصمة عار في جبين المجتمع الدولي وكل منظماته الحقوقية والقانونية التي تكفل للصحفيين حق العمل والتنقل ونقل الحقيقة في مناطق النزاعات والحروب".
استهداف متعمد
بدوره، استعرض مراسل موقع "العربي الجديد"، ضياء الكحلوت، تجربته الشخصية جراء الاستهداف الإسرائيلي. وقال: "قبل عام وأربعة أيام تم اعتقالي في بيت لاهيا شمال غزة مع العشرات من المدنيين، وتعرف الجيش على عملي كصحفي، فتم استهدافي بشكل ممنهج على خلفية كتابة تقارير معينة".
وتابع خلال مداخلة إلكترونية: "قضيت 33 يومًا في سجن سيدي تيمان، والشواهد على الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين كثيرة جدًا، إذ كان الصحفيون منذ اليوم الأول للحرب عرضة للاستهداف الذي طال أسرهم وأقاربهم وكذلك المقرات الإعلامية".
وأضاف: "قدمت وسجلت قضايا لدى محاكم دولية عبر مؤسسة دولية في فرنسا لمقاضاة الاحتلال على استهدافي وزملائي الصحفيين".
ودعا الكحلوت المؤسسات الصحفية والسلطة الفلسطينية إلى دعم ومساندة الصحفيين، قائلاً: "يجب أن يقف الجميع أمام مسؤولياتهم لفضح جرائم الاحتلال ودفعه ثمن استهدافه الصحفيين عبر المحاكم الدولية والمؤسسات الصحفية العالمية".
تحييد الصورة
من جانبه، اتهم مراسل قناة الجزيرة، الصحفي محمد قريقع، جيش الاحتلال الإسرائيلي بالسعي لتحييد الصورة من خلال استهداف الصحفيين والانتقام منهم عبر المس بأسرهم، مشيرًا إلى استشهاد 193 صحفيًا فلسطينيًا نتيجة الاستهداف الإسرائيلي، إضافة إلى اعتقال العشرات وإصابة المئات منهم.
وقال قريقع: "الاحتلال في حربه غير المسبوقة على قطاع غزة يحاول تحييد الصورة وجعلها حكرًا عليه فقط"، مشددًا على ضرورة تسليط الضوء على هذه الهجمة إعلاميًا على الساحتين العربية والدولية.
وأشار إلى وجود "تواطؤ واضح وملموس من قبل المؤسسات الدولية التي لم تحرك ساكنًا رغم شراسة الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين"، مطالبًا بممارسة الضغط على هذه المؤسسات لدفع الاحتلال إلى وقف استهدافه للصحفيين وتدفيعه ثمن جرائمه.
ملاحقة دولية
وفي السياق ذاته، وصفت الحقوقية نسمة الحلبي من الهيئة المستقلة لحقوق المواطن بيئة عمل الصحفيين الفلسطينيين بأنها "أكثر المناطق خطورة ودموية في العالم"، وأكدت أن "هناك استهدافًا إسرائيليًا متعمدًا وضمن سياسات ممنهجة ضد الصحفيين".
وأضافت أن "الدور الحيوي والفعال الذي يجب أن يقوم به الصحفيون يسعى الاحتلال إلى تغييبه من خلال الاستهداف والقتل دون اكتراث بالقوانين الدولية التي تصنف الصحفيين كمدنيين محميين بموجب القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية".
وشددت الحلبي على ضرورة العمل على إنهاء الحرب التي "لا تستثني أحدًا من المدنيين في قطاع غزة"، مشيرة إلى أن الصحفيين يُصنفون كمدافعين عن حقوق الإنسان، وبالتالي يجب أن يحظوا بالحماية وفق القوانين الدولية.
يُذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 193 صحفيًا فلسطينيًا منذ بداية عدوانه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، واعتقل أكثر من ثلاثين صحفيًا، كما دمر مقار أكثر من 100 مؤسسة إعلامية في القطاع.