الرسالة نت

اقتصاد غزة في 2024.. أرقام كارثية تعكس حرب الإبادة

الرسالة نت- أحمد أبو قمر

يبدو أن عام 2024 سيبقى فارقًا في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني بقطاع غزة، بسبب الأرقام الكارثية المسجلة خلال عام الإبادة الجماعية التي تشنها (إسرائيل) ضد سكان قطاع غزة.

لم تكتفِ (إسرائيل) بقتل المدنيين والاستمرار في التطهير العرقي، بل عملت على القضاء على ما تبقى من صمود الاقتصاد الغزي خلال سنوات الحصار. كما نفذت خططًا ممنهجة لتدمير الاقتصاد الفلسطيني، شملت القضاء على السلة الغذائية بالكامل، وقصف المصانع، وإفلاس التجار، بالتزامن مع إغلاق المعابر ومنع الحركة التجارية بشكل كامل.

أزمة غير مسبوقة

عبد القادر المدهون، صاحب مصنع خياطة في شمال غزة، تحدث عن الخسائر الفادحة التي تكبدها جراء تدمير طائرات الاحتلال لمصنعه الواقع في شمال غزة.

وقال المدهون في حديثه لـ"الرسالة نت" إن مجمل خسائره تُقدّر بـ1.2 مليون دولار، مشيرًا إلى فقدان أكثر من 350 موظفًا عملهم بسبب تدمير المصنع.

وأوضح أن مصنعه كان يُصنّع الملابس ويُصدّر جزءًا منها قبل الحرب على غزة، ولكنه بات الآن كومة من الركام.

وأضاف أن (إسرائيل) تعمل على تدمير كامل وممنهج للاقتصاد الفلسطيني المنتج في قطاع غزة، ضمن إطار القضاء على ما تبقى من مقومات الصمود الاقتصادي.

وفي تقرير صادم أصدره البنك الدولي، كشف أن مجمل الاقتصاد الفلسطيني خسر ربع قيمته خلال العام الحالي، بعد انكماش كبير شهدته سنة 2023.

وحذّر البنك الدولي من أن الصراع الدائر في الشرق الأوسط يسبب "آثارًا كارثية" على الاقتصاد الفلسطيني ويدفع نحو أزمة غير مسبوقة.

واعتبر البنك الدولي في تقييم جديد حول تداعيات الحرب أن التباطؤ الذي يسجله الاقتصاد الفلسطيني "لا مثيل له في الذاكرة الحديثة"، موضحًا أن تأثير الصراع الجاري تجاوز جميع الأزمات الاقتصادية السابقة في الأراضي الفلسطينية خلال العقدين الماضيين، بما في ذلك الانتفاضة الثانية عام 2000، والانقسام الداخلي عام 2006، وحرب غزة عام 2014، وجائحة "كوفيد-19".

وأشار البنك الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الضفة الغربية انكمش بنسبة 23%، وفي قطاع غزة بنسبة 86% خلال النصف الأول من عام 2024، متوقعًا انكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 26% طوال العام الحالي.

وخلال الحرب المستمرة على غزة، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير كبير جدًا في البنية التحتية للقطاع، ما أدى إلى انخفاض حاد في الناتج الاقتصادي وانهيار الخدمات الأساسية، مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

القطاعات الاقتصادية

أشار البنك الدولي في تقريره إلى أن جميع القطاعات الاقتصادية تأثرت بشدة، إذ شهدت قطاعات البناء والتصنيع والخدمات والتجارة أكبر انخفاضات. كما أدى الصراع إلى تعطيل أسواق العمل، ما أسفر عن ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في غزة، حيث يعاني أكثر من 4 من أصل 5 أشخاص من البطالة حاليًا.

ومع ذلك، ذكر البنك الدولي أن القطاع المالي الفلسطيني لا يزال صامدًا رغم تفاقم التحديات، حيث ارتفع تعرض النظام المصرفي للقطاع العام، مما زاد من المخاطر الأساسية للقطاع المالي.

وأضاف: "في حين يظل القطاع المصرفي يتمتع برأس مال جيد، فإنه يواجه مخاطر متزايدة مثل خسائر الائتمان، وتضاؤل الأرباح، والتحديات التشغيلية، خاصة في غزة، حيث اشتد نقص النقد، ما أثر على تقديم المساعدات، والتحويلات المالية، والأمن الغذائي، والوصول إلى الخدمات الأساسية".

وأشار البنك الدولي إلى أن التجديد الأخير لترتيبات العلاقة بين البنوك (الإسرائيلية) والبنوك الفلسطينية لمدة عام كامل حتى نهاية يناير من العام المقبل منح القدرة على التنبؤ والاستقرار الحيويين لمشغلي القطاع المالي.

وأضاف التقرير أن 91% من سكان غزة على شفا انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع وجود خطر مرتفع للمجاعة في شمال القطاع، حيث يواجه أكثر من 875 ألف فرد مستويات طوارئ من انعدام الأمن الغذائي، و345 ألف فرد مستويات كارثية.

وفي تقرير سابق صادر عن "الأونكتاد" حول حالة الاقتصاد الفلسطيني، أُشير إلى أن حجم الدمار الاقتصادي والانحدار غير المسبوق في النشاط الاقتصادي تجاوز بكثير تأثير جميع المواجهات العسكرية السابقة في القطاع منذ عام 2008.

وبيّن التقرير أن ما بين 80% و96% من الأصول الزراعية في القطاع، بما في ذلك أنظمة الري، ومزارع الماشية، والبساتين، والآلات، ومرافق التخزين، قد تضررت، مما أدى إلى شلل القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.

كما أكد التقرير أن 82% من الشركات في غزة، التي تمثل محركًا رئيسيًا للاقتصاد، قد دُمّرت بالكامل، مع استمرار تضرر القاعدة الإنتاجية وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة.

اخبار ذات صلة