الرسالة نت

بالتنسيق الأمني.. السلطة تُكمل مهمة الاحتلال في ملاحقة المقاومة

غزة - محمد العرابيد

تتصاعد وتيرة الاغتيالات والملاحقات الأمنية التي تنفذها أجهزة أمن السلطة ضد المقاومين، في وقت تتعرض فيه الضفة المحتلة لعدوان (إسرائيلي) غاشم شرّد أكثر من 45 ألف مواطن، ودمّر البنية التحتية، وأسفر عن ارتقاء العشرات من الشهداء والمصابين.

وفي ظل استمرار الاحتلال في عملياته العسكرية من اقتحامات، واعتقالات، واغتيالات، واجتياح لمدن الضفة، توجه بوصلة السلطة إلى استهداف المقاومين الذين يحملون السلاح في وجه الاحتلال، بدلًا من حمايتهم أو دعم صمودهم.

وتأتي هذه العمليات في إطار التنسيق الأمني المستمر بين السلطة والاحتلال، حيث تعترف قيادات (إسرائيلية) علنًا بجهود السلطة في تحجيم المقاومة وملاحقة أفرادها.

اغتيال وخطف الجثمان!

وكأن أسلوب أجهزة السلطة يتوافق تمامًا مع أفعال الاحتلال، فقد اغتالت أجهزة أمن السلطة المقاوم عبد الرحمن أبو المنى في جنين، مساء الاثنين، بعد إطلاق النار عليه بشكل مباشر وسط المدينة.

ووفق شهود عيان، لاحقت عناصر أمنية من السلطة تستقل سيارات مدنية الشهيد وأمطروه بوابل من الرصاص قرب دوار النسيم، قبل أن يختطفوا جثمانه للتأكد من قتله، ثم ألقوا بجثته بجانب المستشفى ولاذوا بالفرار.

وتصاعدت انتهاكات السلطة منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث تكثفت ممارساتها بهدف إجهاض أي محاولة لاستنهاض المقاومة في الضفة، حتى لا تشكل إسنادًا لقطاع غزة في معركته ضد الاحتلال.

"جريمة وطنية كبرى"

يعتبر الكاتب السياسي ياسين عز الدين، المختص في الشؤون السياسية في الضفة، أن اغتيال المقاوم عبد الرحمن أبو المنى على يد أجهزة السلطة، جريمة وطنية كبرى تأتي في سياق استهداف المقاومة وتصفية رموزها بغطاء رسمي يخدم الاحتلال.

وقال عز الدين في حديث لـ"الرسالة": "إن هذه الحادثة ليست مجرد خطأ أمني، بل فضيحة تكشف (وطنية السلطة) المزعومة، وتؤكد أن أجهزتها الأمنية أصبحت أداة بيد الاحتلال، تنفذ عمليات اغتيال واعتقال بحق المقاومين تحت ذريعة (فرض الأمن والنظام)".

وأضاف: "إن استهداف أبو المنى وغيره من المقاومين يفضح حقيقة التنسيق الأمني، الذي يعد خيانة موصوفة لكل القيم الوطنية".

وأشار عز الدين إلى أن الاحتلال، بمستوياته السياسية والعسكرية، يعترف بدور السلطة في ملاحقة المقاومين، ويشيد بجهودها في إضعاف المقاومة المسلحة في الضفة المحتلة.

كما لفت إلى أن تصاعد عمليات الاغتيال بحق المقاومين يعكس حالة من الارتباك والخوف داخل السلطة، في ظل ازدياد العمليات الفدائية، خاصة في جنين ونابلس، حيث بات المقاومون يمتلكون زمام المبادرة.

وختم حديثه مؤكدًا أن "دماء الشهداء لن تذهب سدى، وأن عمليات الاغتيال بحق المقاومين لن تزيد الشباب الفلسطيني إلا إصرارًا على حمل السلاح ومواصلة طريق المقاومة".

"حالات معادية للثوار!"

ورغم إنكار ورفض الشارع الفلسطيني لأفعال أجهزة السلطة وتنسيقها الأمني مع الاحتلال، إلا أنها وضعت نفسها في مواجهة مباشرة مع مجموعات المقاومة والفصائل الفلسطينية، التي أخذت على عاتقها حماية أبناء شعبها من جرائم الاحتلال ومستوطنيه.

وقال الناشط السياسي عامر حمدان: "إن ما تفعله أجهزة أمن السلطة من قمع، وعدوان، واعتقال، واغتيال المقاومين الفلسطينيين أمر معيب وقميء للغاية".

وأكد أن السلطة حسمت أمرها بتجديد العهد مع الاحتلال، متبنية سياسة القضاء على التنظيمات المقاومة في الضفة، لتقديم نفسها ضمن التحالف الصهيو-أمريكي-عربي الرافض لحركات التحرر.

وأضاف: "هذه الحالات المعادية للثوار مرت عبر التاريخ واندثرت، وبقي الشعب الفلسطيني يناضل حتى اليوم. ابحثوا عن راغب النشاشيبي، تجدون الدليل".

"جرائم الاحتلال لم تشفع للمقاومين أمام السلطة"

في ظل بسالة المقاومة في جنين ونابلس، أطلق الاحتلال عملية عسكرية واسعة منذ أكثر من شهر ونصف، بهدف القضاء على خلايا المقاومة المسلحة.

إلا أن هذه العمليات لم تمنع السلطة من استكمال مهمة الاحتلال، عبر اعتقال المقاومين وتصفيتهم قبل أن تصل إليهم رصاصات الجيش الإسرائيلي.

النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، استنكر اغتيال المقاوم عبد الرحمن أبو المنى، واصفًا ما حدث بأنه "جريمة وطنية بحق المقاومة والشعب الفلسطيني".

وقال خريشة في حديث لـ"الرسالة": "إن استهداف المقاومين الفلسطينيين، سواء على يد الاحتلال أو عبر أدواته من الأجهزة الأمنية، يخدم فقط (الإسرائيليين) الذين يسعون لإنهاء المقاومة في الضفة، وخاصة في جنين، التي أصبحت معقلًا لها".

وأكد أن ما جرى يكشف الوجه الحقيقي للتنسيق الأمني، الذي تواصل السلطة العمل به رغم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، مضيفًا:
"هذا السلوك ليس مجرد خطأ فردي، بل نهج ممنهج يهدف لضرب المقاومة وإرضاء الاحتلال".

وأشار خريشة إلى أن تصاعد استهداف المقاومين واعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية يُمثل "تطبيقًا عمليًا لأوامر الاحتلال"، داعيًا إلى محاسبة المتورطين في هذه الجريمة، ووقف التنسيق الأمني فورًا.

المقاومة مستمرة رغم القمع والتنسيق الأمني

ورغم تصاعد السياسات القمعية التي تنتهجها السلطة، يؤكد المقاومون في الضفة أنهم ماضون في طريقهم لمقاومة الاحتلال ومستوطنيه، الذين يعتدون على أبناء الشعب الفلسطيني، دون أن توجه السلطة بنادقها نحو المحتلين.

اخبار ذات صلة