في ظل المماطلة الإسرائيلية المستمرة، تواصل حركة حماس تمسكها بتنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، رافضة أي محاولات للالتفاف على البنود المتفق عليها.
في المقابل، يحاول الاحتلال الترويج لاقتراب تنفيذ صفقة جديدة وفق "مقترح ويتكوف"، الذي يتضمن تهدئة لمدة 50 يومًا مقابل إفراج الحركة عن خمسة أسرى أحياء وعدد من الأموات، دون تقديم أي ضمانات حقيقية للانتقال إلى مرحلة وقف الحرب وانسحاب الاحتلال الكامل من قطاع غزة.
موقف حماس: التزام بالاتفاقات ورفض الالتفاف
ترى حماس أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن عرقلة أي تقدم في المفاوضات، بعد تراجعه عن تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق السابق، التي تشمل:
الانسحاب من محور فيلادلفيا، وهو شرط أساسي لمنع استمرار الحصار الخانق على قطاع غزة.
فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، في ظل كارثة إنسانية يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني.
ضمانات حقيقية بعدم المماطلة في الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تشمل وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال بالكامل من القطاع.
ورغم الضغوط والابتزاز الإعلامي الذي يمارسه الاحتلال، فإن حماس ترفض تقديم أي تنازلات مجانية وتؤكد أن أي اتفاق يجب أن يكون شاملاً وعادلاً، بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ويحمي المقاومة من أي محاولات للغدر الإسرائيلي.
المماطلة الإسرائيلية: محاولة للهروب من الالتزامات
على الرغم من تداول الإعلام الإسرائيلي لأنباء عن "اقتراب صفقة التبادل"، إلا أن هذه التصريحات تأتي في سياق حملة تضليل متعمدة تهدف إلى:
1. إحراج حماس والضغط عليها دوليًا، عبر تصويرها وكأنها تعرقل الاتفاق، رغم أن الاحتلال هو الطرف الذي يرفض تنفيذ التزاماته.
2. استغلال عامل الوقت لإطالة أمد الحرب، واستنزاف صمود الفلسطينيين، في محاولة للالتفاف على أي اتفاق شامل ينهي العدوان.
3. إرضاء الرأي العام الإسرائيلي مؤقتًا، لا سيما عائلات الأسرى، في الوقت الذي ترفض فيه حكومة الاحتلال تقديم أي تنازلات حقيقية تؤدي إلى حل جذري للأزمة.
ما يجري حاليًا هو استمرار لنهج الاحتلال القائم على التسويف والخداع، حيث سبق أن تعهد بتنفيذ بنود المرحلة الأولى، لكنه تنصل منها فور تحقيق مكاسب ميدانية وسياسية. واليوم، يحاول مجددًا فرض شروط جديدة دون الالتزام بالاتفاقات السابقة، مما يجعل موقف حماس أكثر ثباتًا ووضوحًا في رفض أي تحايل على حقوق الشعب الفلسطيني.
دور الوسطاء والموقف الأمريكي المنحاز
تنتظر حماس ردود الوسطاء والمستشار الأمريكي بشأن تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى ومصير المرحلة الثانية. إلا أن التجارب السابقة تؤكد أن الولايات المتحدة لا تمارس أي ضغط حقيقي على الاحتلال، بل توفر له غطاءً سياسيًا لتمرير مخططاته، مما يضع الوساطة الدولية أمام اختبار حقيقي لمدى جديتها في الوصول إلى حل عادل وشامل.
السيناريوهات القادمة: صمود حماس ومأزق الاحتلال
أمام هذا التعنت الإسرائيلي، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة:
1. إجبار الاحتلال على تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى، وهو ما تسعى إليه حماس عبر تمسكها بموقفها الثابت وعدم الرضوخ لأي ضغوط دولية.
2. استمرار المماطلة الإسرائيلية، مما سيؤدي إلى فشل المفاوضات وإطالة أمد الحرب، وهو ما يتحمل الاحتلال مسؤوليته بالكامل.
3. تدخل دولي جاد يجبر الاحتلال على القبول بمطالب حماس، وهو السيناريو الأقل احتمالًا في ظل الانحياز الأمريكي والدعم الغربي المستمر لـ(إسرائيل).
ويتضح من المشهد أن الاحتلال يراوغ لكسب المزيد من الوقت، بينما تثبت حماس أنها الطرف الوحيد الملتزم بالاتفاقات السابقة، وتصر على ضمان حقوق الشعب الفلسطيني وعدم الوقوع في فخ التنازلات غير المضمونة.
الأيام القادمة ستكون حاسمة في كشف مدى جدية الوسطاء، لكنها أيضًا ستُظهر مدى قدرة الاحتلال على التهرب مجددًا من التزاماته، في ظل مقاومة فلسطينية صلبة لا تقبل إلا بحل شامل يضمن وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.