قائمة الموقع

خطة نتنياهو.. حبر على ورقة الضغوط الدولية

2011-03-09T08:31:00+02:00

رام الله- خاص بـالرسالة نت

تعتبر الأشهر القادمة في قاموس التسوية بين سلطة فتح وحكومة الاحتلال من أهم الأوقات التي مرت على هذه العملية التي كلما تقدم الزمن بها صبغت بفشل فلسطيني ونجاحات باهرة حققها مفاوضو الاحتلال، ذالك الفشل هو الحليف الدائم لسلطة فتح والذي كانت آخر صفعاته الفيتو الأمريكي ضد مشروع قانون يدين الاستيطان على طاولة المجتمع الدولي.

ومنذ توقيع اتفاقية أوسلو الذي يصفه كثيرون بأنه مشؤوم أتى سرطان الاستيطان على الأرض والبشر والمقدسات وآلة الهدم الصهيونية لم تتوقف لحظة حتى أتت على آلاف المنازل في الداخل المحتل عام 1948 وصولا إلى المدينة المقدسة وليس انتهاء بقرى الضفة الغربية تزامنا مع مجازر مستمرة ما زالت غزة تنزف جراحها، كل هذا وسط صمت في أغلب الأحيان وتواطئ في بعضها من قبل أنظمة الدول العربية التي أباحت للصهيوني ما منعته عن الفلسطيني طيلة عقود من المنع والحصار والمطاردة.

على وقع الثورات

ويطل نتنياهو في ظل ثورات الغضب التي فاجأت أجهزة استخبارات أمريكا والاحتلال والعرب وأطاحت بأنظمة استبدادية لطالما رقصت على جراح المكلومين، فوجد نتنياهو نفسه رهين التحركات الشعبية العربية التي لم تكن في الحسبان في الوقت الذي فشلت آلته العسكرية في لجم حركة حماس في قطاع غزة ومحاولة لإدراك ما يلحق بالكيان الصهيوني من عزلة دولية وتصاعد الانتقادات لممارسات الاحتلال على الأرض أو في تعثر التسوية.

أما دوليا فكُشفت عورة الاحتلال من خلال فضح ملف اغتيال القائد في حماس محمود المبحوح في دبي مطلع العام المنصرم، كل هذه العناصر دفعت برئيس الوزراء الصهيوني إلى إعلانه عن مبادرة جديدة لملامح دولة فلسطينية من أجل إيهام العالم بأن الاحتلال يسعى للسلام ويطرح المبادرات، ولقطع الطريق على الفلسطينيين دوليا ووقف شلال اعترافات العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه نتنياهو عن مبادرة جديدة له حول حل سياسي مع الفلسطينيين يؤكد على إبقاء الحدود الأردنية الفلسطينية تحت سيطرة الصهاينة إضافة إلى نهر الأردن، الأمر الذي يفضح نوايا الاحتلال التي يسعى من خلالها نتنياهو لتمرير دولة ذات حدود مبهمة ومؤقتة حسب حاجة الأمن الصهيوني.

حركة بلا بركة

ويعتبر المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أن هذه الخطة ستكون شبيهة بخطة وزير الخارجية الصهيوني أفيجدور ليبرمان كونها تتضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود مؤقتة على جزء من الضفة لا يتجاوز 50%.

وأكد المصري لـ"الرسالة نت" أن هذه الخطة ستستثني القدس وستضيع حق اللاجئين في العودة إلى أراضيهم وتهمل القضايا الأساسية، مبيناً أنها تسمية خطة مؤقتة ولكن يراد لها أن تكون دائمة.

وأضاف: "الخطة تخريج جديد للمواقف الإسرائيلية الرافضة للحقوق الفلسطينية وقيام دولة حقيقية .. يجب ان نعلم أنه في ظل الثورات العربية تحاول (إسرائيل) أن تظهر أنها تريد السلام، ولكنها تجهض التحركات الفلسطينية خاصة في سعيهم لاعتماد دولة على حدود الأراضي المحتلة عام 67".

ورأى المصري أن الخطة لن تنطوي على حل حقيقي يمكن أن يقبل به الفلسطينيون خاصة في ظل الثورات الحالية حيث لا يوجد قائد يستطيع أن يقبل بمثلها كحل للقضية الفلسطينية كونها لا تتضمن استجابة للحقوق الفلسطينية بل يمكن أن تكون ذراً للرماد في العيون لبعض الناس ولكن حقيقتها ستنكشف بأنها تخريج فقط للتعنت الإسرائيلي.

وأكد المصري أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بمثل هذه الخطة كونه دفع ثمن 20 عاما من المفاوضات العقيمة التي كانت مجرد غطاء لمجازر بشعة نفذت على الأرض، في حين اعتبر أن الإدارة الأمريكية من الممكن أن تسوق المبادرة لرشوة الفلسطينيين والدول العربية بمساعدات اقتصادية أو باعتماد "خطة مارشل" الشبيهة بالخطة التي نفذت بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

وتابع: "الحقوق لا تضاع بالفتات والأموال يجب أن تلبى إذا كان الحديث عن سلام وليس استسلام".

ظاهرياً

وعلى الصعيد الدولي فإن الكيان يلاقي حالة استياء من ممارساته بحق الفلسطينيين بعد حالة الجمود السياسية والتي خيمت عليها مشاريع الاستيطان المنتشرة في كل أنحاء الضفة الغربية والقدس بشكل متسارع، بالإضافة إلى دخول الولايات المتحدة في إحراجات متكررة نتيجة الدبلوماسية الصهيونية الهوجاء من خلال وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان وما شهدته العلاقات التركية الصهيونية من توترات وما يحسب من مواقف لدول أمريكا الجنوبية لصالح الفلسطينيين.. كلها تضع نتنياهو أمام مفترق طرق لعله سيأتي بدولة من صناعة صهيونية أو تتغير الملامح بفعل الضغوط الدولية.

من جانبه اعتبر الخبير في الشؤون السياسية الصهيونية أنطوان شلحت أن نتنياهو ينوي تقديم خطته بشكل ظاهري فقط دون أن يكون مقتنعا في وجوب تحقيق المطالب الفلسطينية وإحقاق حقوقهم.

ورأى شلحت في حديث لـ"الرسالة نت" أن الخطة وليدة التغيرات السياسية في الوطن العربي والتي أحدثتها ثورات الغضب، حيث أن نتنياهو لم يرد أن يظهر بمظهر الرافض لحلول التسوية أو مشاريع السلام في ظل البركان العربي المنفجر على جانبي فلسطين المحتلة.

وأوضح شلحت أن مضمون هذه المبادرة يكشف زيف القناع الذي ألبسه نتنياهو لخطته على أساس أنها سلمية إيجابية، فيتبرأ داخلها من الحقوق الفلسطينية ويتجاهل أهمها ولا يقدم شيئاً يمكن أن يوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.

وأضاف: "لا يمكن أن نتجاهل أيضاً أن نتنياهو يحاول التهرب مما يمكن أن تولده الثورات العربية والتغييرات الناجمة عنها، كما أنه يسعى إلى إظهار الفلسطينيين على أساس أنهم شريك غير حقيقي في عملية السلام إذا رفضوا المبادرة، وهو الأمر الذي سيحدث فعلاً كونها منقوصة".

ولم يغفل شلحت أن "إسرائيل" تتخوف من عيش حالة من العزلة السياسية الدولية في ظل تعنهتا الدائم الرافض لإقامة دولة فلسطينية، وعلى ضوء الضغوط الدولية سيقدم نتنياهو هذه الخطة المشوهة كي يحرج الفلسطينيين والمجتمع الدولي بأسره.

 

اخبار ذات صلة