رام الله- الرسالة نت
أكد الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن المصالحة الفلسطينية ما زالت تراوح مكانها، مشيرا إلى أن نجاح مبادرة حماس المنتظرة لإنهاء الانقسام على ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة متوقف على قبول القيادة الفلسطينية لها.
وطالب الدويك احد قادة حركة حماس القيادة الفلسطينية بالانحياز إلى الشعب الفلسطيني وعدم الارتماء في أحضان الاحتلال الإسرائيلي على حد قوله، وإعادة بناء منظمة التحرير على أساس اتفاق القاهرة عام 2005 بحيث تكون جميع الفصائل الفلسطينية ممثلة في ذلك الجسم الذي اعتبره حاليا ميتا.
وجاءت أقوال الدويك لـصحيفة "القدس العربي" في الحوار التالي الذي أجرته معه:
** إلى أين وصلت الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية من خلال متابعتك لهذا الملف كونك رئيسا للمجلس التشريعي الفلسطيني؟
- والله لا زالت المصالحة تراوح مكانها. وفي تقديري أن المعطل الرئيس لهذه المصالحة هو وجود السلطة بين خيارين لا ثالث لهم، إما أنها سترتمي في أحضان الاحتلال أكثر فأكثر، وإما أنها سترجع للتصالح مع الشعب الفلسطيني وقضاياه وثوابته ومصالحه. والمشكلة في الخيار الأول لهذه السلطة أنها إذا أمعنت بالارتماء في أحضان الاحتلال، فاحتمال المصالحة لا أقول بأنه يتضاءل بل يمحى ويمسح من على خارطة الشرق الأوسط. أما إذا عادة هذه السلطة إلى التصالح مع الشعب الفلسطيني فالحقيقة نتأمل أن يؤدي ذلك في المحصلة إلى ما فيه خير للشعب الفلسطيني والى انجاز هذه المصالحة لأنه عندئذ ستصبح من باب تحصيل حاصل. وعبر ’القدس العربي’ دعني أقول للسلطة تصالحوا مع الشعب، هذه واحدة، ثم أعيدوا بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق اتفاق القاهرة لآذار عام 2005 وعند إذن لن نحتاج للحديث عن المصالحة لان كافة الفصائل الفلسطينية ستكون موجودة وممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية وستعاد إلى هذا الجسم الميت الآن الحياة من جديد بحيث يقود مسار القضية الفلسطينية في الاتجاه الصحيح وفق بوصلة الشعب الفلسطيني وليس وفق بوصلة المحتل أو أعوانه والمدافعين عنه.
** ولكن ماذا يجري حاليا على صعيد المصالحة الوطنية الفلسطينية؟
- لم يتبلور إلى الآن جهد واضح من أي طرف كان وان كانت هناك إرهاصات وكلام في تقديري لم يصل بعد إلى مرحلة وضع برنامج حقيقي من اجل انجاز هذه المصالحة، لكنني أقول عبركم أن إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية كمرجعية سياسية هامة جدا ورئيس للشعب الفلسطيني يمكن له أن ينجز المصالحة دون أن نحتاج حتى لجلوس فرقاء على طاولة واحدة من اجل كتابة بنود أو شروط لاتفاق مصالحة جديد، وبالتالي أرجو أن يتوجه الجهد العربي وخاصة المصري والفلسطيني من اجل انجاز ما تم التوافق عليه والتوقيع عليه في اتفاق القاهرة بآذار عام 2005 ، وهنا حقيقة أحمل الرئيس الفلسطيني - محمود عباس - المسؤولية الأكبر في هذا المجال لان في تقديري بأنه في مقدوره أن يقوم بهذه المبادرة من اجل إعادة هيكلة وصياغة منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية تنضوي تحت لوائها كافة فصائل الشعب الفلسطيني وعندئذ تصبح المصالحة من باب تحصيل الحاصل بدلا من اللف والدوران الذي تقوم به بعض الأطراف في الآونة الأخيرة.
** إذن افهم من حديثك بأن المصالحة الوطنية الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية ما زالت بعيدة المنال وان التحركات على ذلك الصعيد لم تحقق أي تقدم يذكر؟
- الحقيقة إن التحركات بطيئة جدا وبعيدة عن الهدف للأسف، وكأن حالة التمترس وراء مواقف معينة بإيحاءات معينة هي التي تدور في المنطقة وبالذات في الأراضي الفلسطينية وما حولها. نحن نريد مصالحة حقيقية وأنا اقترح بأن تبدأ بما اتفق عليه بشأن منظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم نوفر الجهد على الخارجية المصرية وعلى وزراء الخارجية العرب وغيرهم ممن يحبون الشعب الفلسطيني ويدافعون عن حقوقه لان هذا هو الطريق الأقصر للوصول للمصالحة بدلا من أن ندور حولها. وأرجو أن لا ينطبق علينا في موضوع المصالحة المثل الروسي القائل أن القانون كعمود الكهرباء لا تستطيع الاقتراب منه لكنك تستطيع أن تدور حوله. نحن لا نريد استمرار حالة الدوران إلى ما لا نهاية بل نريد أن نصل للهدف مباشرة ألا وهو إعادة صياغة وهيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وفق اتفاقات سابقة كي تصبح المصالحة كما قلت سابقا من باب تحصل حاصل.
** إذن هل ترى من خلال متابعتك للأوضاع الفلسطينية على صعيد المصالحة بان هناك أملا بتحقيقها في الأفق المنظور؟
- والله المصالحة بيد السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، وأقول ذلك بمنتهى الصراحة، إن أرادت -السلطة- أن ترجع لحضن الشعب الفلسطيني وثوابته فالمصالحة اقرب مما نتوقع وإلا فان المصالحة ابعد مما نتصور.
** ولكن على ما هو سائد حاليا أنت كيف ترى إمكانية أن تتحقق المصالحة؟.
- والله إنني اخشي أن يكون الارتماء في أحضان المحتل هو الخيار.
** ولكن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس أعلن عقب خلع الرئيس المصري السابق حسني مبارك بأنكم في الحركة ستطرحون مبادرة لإنهاء الانقسام على ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة إلى أين وصلت مبادرة حركتكم في ذلك الاتجاه؟
- الإخوة يعكفون على إصدار مبادرة لكن هذه المبادرة موقوف نجاحها على الطرف الأخر واعني بالذات الأخوة في رام الله إذا كانوا يريدون أن يتصالحوا مع الشعب الفلسطيني وان يسعوا باتجاه تحقيق المصالحة وباتجاه المحافظة على قضيتنا الوطنية وعلى حقوقنا وثوابتنا.
** من خلال اتصالاتك مع قيادة حركة فتح هل لمست بأن هناك جدية من قبل الحركة لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام؟
- للأسف أنت لا تستطيع أن تتكلم مع فئة واحدة في رام الله لتأخذ الرأي. هناك مبادرات فردية، فهناك نبيل شعث يتكلم كلام اقرب ما يكون إلى ما يريده الشعب الفلسطيني، وهناك أطراف أخرى تقول بان ملف المصالحة في يدها والمصالحة بعيدة، وبالتالي للأسف لا تستطيع أن تعول على رأي واحد في فتح. فلا يوجد هناك فريق عمل متكامل يسعى بجدية نحو انجاز المصالحة، وللأسف الذي أراه بان هناك املاءات خارجية يراد أن يتعايش معها بدل أن يكون نبض الشارع الفلسطيني وإرادة جماهير الشعب الفلسطيني هي المحرك الرئيس لموضوع المصالحة كله وبرمته.
** كلمة تود قولها كرئيس للمجلس التشريعي الفلسطيني؟
- أرجو من الإخوة في رام الله أن يرجعوا إلى التصالح مع الشعب الفلسطيني وان يأخذوا الدروس والعبر من رياح التغيير القوية في المنطقة العربية التي غيرت الكثير من المعادلات وفي طريقها إلى انجاز معادلات جديدة. وفي تقديري كلها تصب في صالح القضية الفلسطينية وفي مصلحة الشعب الفلسطيني حيث وجد.
** دكتور عزيز نقل عن وزير الخارجية المصري الجديد نبيل العربي بان تحقيق المصالحة الفلسطينية على سلم أولوياته وأولويات الحكومة المصرية الجديدة كيف ترى ذلك؟
- نحن نرحب بأي مبادرة تأتي من الحكومة المصرية الجديدة، هذه الحكومة المتوافقة مع إرادة الشعب المصري والتي تنبع في منطلقاتها من المصلحة العربية العليا عامة والمصلحة الفلسطينية بصورة خاصة. فأي جهد يأتي من جانب هذه الحكومة فهو جهد مرحب به، على أن تتقبل الأطراف الفلسطينية هذه الوساطة العربية تقبلا صحيحا بعيدا عن أية املاءات خارجية يمكن أن تتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني لتحرف المسار عن المجرى الطبيعي، الذي الأصل فيه المصالحة واللحمة الوطنية.
** ولكن وأنت رئيس للمجلس التشريعي الفلسطيني واحد قادة حماس بماذا تطالب الحكومة المصرية الجديدة؟
- نحن نرحب بعودة مصر للعب دورها الريادي في قيادة المنطقة العربية كلها باتجاه المصالح العربية والمصالح القومية التي دأبت مصر على الحرص عليها عبر تاريخها الطويل باستثناء الفترة التي حكمت فيها من أنظمة ديكتاتورية لم تكن تسعى في أي صورة من الصور للصالح العام، وبالتالي نحن نرحب بجهود مصر ونفرح كثيرا بأن مصر عادت إلينا وعدنا إليها ونحن كمجلس تشريعي فلسطيني جاهزون لبذل قصار جهودنا لتمتين وترسيخ عرى الإخوة والصداقة بيننا وبين أهلنا في جمهورية مصر العربية.
** ولكن بماذا أنت تطالب الحكومة المصرية كرئيس للمجلس التشريعي الفلسطيني؟
- لست حقيقة أطالب بقدر ما أحب. لان هذه الحكومة أدرى حقيقة بما يتألم منه الشعب الفلسطيني من احتلال وحصار وعدوان على الأرض. والمقدسات تنتهك، وبالتالي هذه الحكومة الوطنية الأصيلة كلنا أمل أن تتوافق كما عهدنا مصر دائما مع مطالب شعوبنا العربية عامة والشعب الفلسطيني بصورة خاصة. لست أطالب بقدر ما اترك لهذه الضمائر الحية أن تتصرف وفق ما تمليه عليها المصلحة العليا لشعوبنا العربية وشعبنا الفلسطيني وأيضا المصالح الخاصة للشعب المصري الشقيق الذي نكن له عبر تاريخنا الحب والود والاحترام والتقدير.