فايز أيوب الشيخ
أفصحت وسائل إعلام محسوبة على حركة فتح، عن الخلافات الفتحاوية الدائرة بين أقطابها وحالة التذمر الشديد التي تسود هذه الأيام الهياكل والأطر القيادية لحركة فتح في قطاع غزة.
ووصفت وسائل إعلامية عديدة تابعة لحركة فتح، الوضع التنظيمي في القطاع بـ"المترهل" بسبب إهمال القيادة العليا للحركة، المتمثلة في اللجنة المركزية، لوضع التنظيم، حسب اتهامات كوادر فتحاوية، مشيرة إلى أن ذلك حدا بأحد الأقاليم للتلويح بالاستقالة وخاصة (اقليم رفح)، فيما يستعد إقليم آخر لجمع تواقيع من كوادر حركية تنادي بالإصلاح.
استقالات جماعية
"الرسالة نت " تحدثت مع أحد أعضاء قيادة إقليم فتح في رفح ويدعى "أبو عمار" الذي اعتبر الاستقالة الجماعية للإقليم الفتحاوي في منطقة أبو يوسف النجار الخطوة الأولى على طريق استقالات جماعية أخرى ستقوم بها الأقاليم الفتحاوية في المدينة، مشيراً إلى أن معظم قيادات الأقاليم في رفح باركت استقالتهم ووعدت بالحذو حذوهم خلال أيام قليلة.
وطالب "أبو عمار" كافة الأقاليم الفتحاوية في قطاع غزة إلى تقديم استقالتها، وذلك لإثبات أن حركة فتح في غزة ليست مرهونة بفتات القيادات الفتحاوية في رام الله، موضحاً أن تحركهم ليس فئويا بقدر ما هو مصلحة للتنظيم بشكل عام في القطاع.
ونقلت وسائل إعلام فتحاوية عن أحد قادة التنظيم بمدينة رفح أنه لوح وزملاؤه في قيادة التنظيم هناك بتقديم استقالاتهم الجماعية أواخر الشهر الجاري إذا لم يحدث أي إصلاح في الوضع التنظيمي بغزة، كما نسبت لذلك القيادي الفتحاوي قوله: "هناك حالة سخط شديدة مفادها تجاهل مطالب الإقليم من قبل القيادة".
اعتصامات واحتجاجات
وعلى الجانب الآخر، يعتصم العشرات من عناصر فتح "تفريغات2005" في ساحة الجندي المجهول في رفح، مطالبين بصرف رواتبهم المقطوعة منذ أكثر من أربعة أعوام.
وقال أحد المعتصمين لـ"الرسالة نت" إن المسئولية المباشرة في عدم تلقيهم رواتبهم حتى الآن تقع على قيادتهم التي هربت من غزة وتقيم حالياً في الضفة والخارج، لافتاً إلى أن هؤلاء يميزون في وساطاتهم بين أبناء فتح ويسهلون مهام أقربائهم على حساب العدد الأكبر من أبناء فتح.
وقال معتصم فتحاوي آخر، أنهم سيجعلوا من ساحة الجندي المجهول "ميداناً للتحرر من قيادة حركة فتح التي أهملتهم ولم تعد تعتني بشئونهم"، مطالباً قيادات وعناصر فتح الموجودين في غزة بمشاركتهم اعتصامهم المتواصل.
القيادة في عالم آخر
ورغم كل ما يعتري المستوى التنظيمي لحركة فتح في قطاع غزة من مشكلات كبيرة، فقد أدعى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، عدم علمه بمجريات الأمور التنظيمية في قطاع غزة.
كما نفى الأحمد لـ"الرسالة نت" علمه بأية استقالات جماعية لأيٍ من أقاليم حركة فتح في غزة، وقال "إنه غير مطلع على الوضع التنظيمي لفتح في غزة إطلاقاً"، مضيفاً "ما أعرفه أننا شكلنا قيادة جديدة لفتح في غزة، ولست مطلعاً على التفاصيل بعدها".
وتابع الأحمد تصريحه المقتضب قائلاً "أول مرة أسمع أن هناك شيء اسمه استقالات جماعية، وليس عندي فكرة عن الموضوع إطلاقاً، فهذه قضايا تنظيمية يُفترض أنه لا يعرف بها أحد ولا يتم تداولها عبر الإعلام، وليست بالضرورة أن تكون صحيحة "، على حد تعبيره.
ويدور الحديث عن إطلاق تنظيم فتح - شمال غزة حملة لرفع تواقيع ألف كادر فتحاوي من منطقة عمله، إلى قيادة الحركة، تنادي بإحداث إصلاحات في العمل التنظيمي في قطاع غزة، في خطوة يأمل القائمون عليها أن تكون عنصر ضغط، قبل التحول لخطوة أخرى تتمثل في تقديم استقالة جماعية كتلك التي انتهجها إقليم فتح في مدينة رفح، حسب ما جاء في وسائل فتحاوية عديدة.
مطالب فئوية
من ناحيته، أقر محمد حجازي النائب عن حركة فتح في رفح، بحدوث استقالة جماعية لأحد أقاليم حركة فتح في المدينة، لكنه اعتبرها "احتجاجا على عدم ترتيب أوضاعهم التنظيمية، وأن معناها الابتعاد عن المنصب وليس الابتعاد عن التنظيم"، حسب زعمه.
وأشار حجازي في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون الاستقالة الجماعية جاءت بالتنسيق معهم كنواب عن حركة فتح، على اعتبار أن دورهم نيابي بحت وليس تنظيميا.
وبرر حجازي الصراع الفتحاوي الجاري بأنه خلاف داخل فتح مثل باقي كل الأحزاب في العالم وفيه كر وفر، وأحياناً تكون إلى الأعلى وأحيانا أخرى إلى الأسفل!"، حسب تعبيره.
واعتبر التغيير في قيادة فتح في غزة إلى التغيير للأصلح وليس للأسوأ وأن هذا التغيير يتم بإرادة الفتحاويين وقادة التنظيم وليس ضد السابقين واللاحقين.
وتطرق حجازي إلى جملة المطالب الفئوية التي يعاني منها أبناء حركة فتح في غزة بحكم الانقسام مشيرا إلى أن الاحتجاجات سببتها مشاكل عديدة في غزة متعلقة على سبيل المثال بتفريغات 2005 والعاملين في شركة البحر، الذين لم يتلقوا رواتبهم ويناضلون من أجل لقمة العيش ومن أجل التحرر من الفقر الذي أحل بهم وبعوائلهم".
أوجه أزمة فتح
وفي نظرته التحليلية للواقع الفتحاوي في قطاع غزة، عدد المستشار السياسي لرئيس الوزراء الدكتور يوسف رزقة، أوجه الأزمة التي تعيشها حركة فتح ومنها المتعلقة بالوثائق التي كشفت عنها الجزيرة مؤخراً وكذلك تداعيات سقوط النظام المصري على مجمل الحركة الفتحاوية، مشيراً إلى الصراع الفتحاوي مع فياض، وخاصة فيما يتعلق بتعديل حكومته غير الشرعية.
وأوضح لـ"الرسالة نت" أنه وإزاء كل عوامل التراجع الفتحاوي فقد عبرت الحركة عن نفسها من خلال الاستقالات الجماعية لبعض القيادات من الأقاليم الفتحاوية المختلفة، في غزة تحديداً الذين لا يتلقون مخصصاتهم المالية.
وأضاف رزقة أن قيادة فتح في رام الله تتجاهل القيادات الفتحاوية الموجودة في غزة وكأنها أصبحت من الدرجة الثانية أو الثالثة في هذه المعادلة.
وعزا الاستقالات على مستوى قيادة الإقليم كما حدث في رفح إلى العامل التنظيمي والبنيوي، جنبا إلى جنب مع مجموع العوامل السياسية، ويتمثل ذلك في فقدانهم حقهم في التنظيم وبنيته الهيكلية وحرمانهم من مخصصاتهم بينما يتعرضون، من ناحية أخرى، لضغوط من العناصر الفتحاوية في غزة.