غزة / مها شهوان
تسللت المتهمة إلى بيت صديقتها التي تثق بها، لنهب كل ما يحتويه من أموال ومصوغات ذهبية كانت تدرك مسبقا مكانها، لاسيما وان المتهمة تعمل مربية أجيال، وصديقتها مديرتها في المدرسة وكانت الأخيرة في إحدى المرات تسرد لمعلماتها مكان وضعها للذهب من منطلق الثقة.
اقتحمت المعلمة بيت صديقتها بحجة أنها متعبة وتريد النوم ، فقد دخلت متوسلة تضع "بربيشا للتزود بالدم" لتؤكد صحة ادعاءاتها.
ابنه الضحية روت القصة امام الشرطة فقد كانت حاضرة وقت الجريمة، قائلة:" جاءتني متوترة ومتعبة تبغي النوم حينها سارعت بإسنادها وإدخالها غرفة أمي ، وجلست بجانبها علها تريد شيء، لكنها طلبت مني المغادرة ملحة كي لا تعطلني عن دراستي ، استجبت لها وخرجت نظراً لعلاقة امي الحميمة والمتطورة ".
وتضيف:" عندما تركتها لوحدها سمعت هاتفها المحمول يرن ثلاث مرات، وكانت تجيب في كل مرة بنفس الجملة " لسه ما صار شيء، يما استني شوية"، مما يتضح أنها كانت تهاتف ابنها"، موضحة أن المعلمة بعد ربع ساعة خرجت من الغرفة بحجة أن ابنها ينتظرها.
تحقيقات الشرطة أثبتت أن من كان ينتظرها في الخارج سائق سيارة أجرة، كانت قد اتصلت عليه المتهمة ليوصلها لبيتها، فحينما حضر السائق للمركز ذكر أن المعلمة كان يبدو عليها التوتر وطلبت منه عدم إخبار احد انه رآها .
بينما اعترفت المجني عليها أمام الشرطة والنيابة، أنها وثقت بصديقتها كثيرا وكانت تطلعها على جميع أسرارها وفي إحدى المرات روت لها أنها تخبئ الذهب في درج سري داخل الخزانة.
لا تموت مسجونة
بعد سماع الشرطة لكافة تفاصيل الجريمة قامت بعرضها على القضاء لينطق بالعدل، فوسط قاعة محكمة بداية غزة انتظر الجميع دخول المتهمة ، وحينما دخلت جلست، فسردوا عليها التهمة الموجهة إليها فأقرت بها، مبينة لهم أنها كانت بحاجة لسداد ديون تراكمت عليها ولم تجد سبيلا سوى سرقة صديقتها، لكنها الآن نادمة على ما اقترفته .
وبعد سماع أقوال المتهمة، طالب وكيل المدانة المحكمة بالتماس الرأفة والرحمة ومراعاة ظروف موكلته باعتبار انه لا سوابق لها ، وكذلك كي لا يؤثر على وظيفتها وسمعتها.
المحكمة أصدرت حكما بسجن المتهمة مدة سنة مع وقف النفاذ ، على آلا يؤثر الحكم على وظيفتها.
رئيس محكمة بداية غزة القاضي اشرف فارس برر الحكم الصادر بالقول:" المعلمة لم ترتكب جرائم سابقة ، بالإضافة إلى أنها مريضة بمرض عضال "السرطان"، وفي هذا الظرف المحكمة تعطي الفرصة للمتهمة لتلاقي ربها تائبة ولا تموت وهي مسجونة .
وأشار إلى أن المتهمة كانت تعمل معلمة وتضررت على المستوى الشخصي وفصلت من عملها وبناءا على ذلك أوقفت العقوبة .
وأكد القاضي أن عقوبة دخول بيت سكني بقصد ارتكاب السرقة عقوبتها كحد أقصى خمس سنوات.
ونصح فارس المواطنين، بعدم فتح أبواب بيوتهم وافشاء اسرارهم لاحد مهما كانت طبيعة العلاقة بينهم، خشية الوقوع في مشاكل ، داعيا كل من تسول له نفسه بالسرقة بتذكر أنه سيدمر سمعته وعائلته ويفقد عمله.
احذر صديقك
بدوره، أكد الاخصائي النفسي د. فوزي أبو عودة، ان السرقة انحطاط أخلاقي واجتماعي ونفسي، مشيرا إلى أن السارق في كثيرا من الأحيان ينظر لمعجلات الأمور قبل خواتيمها السيئة مما يتسبب له بتدمير كبير لمستقبله من خلال شيوع سمعة سيئة عنه.
وأوضح أنه حينما يسرق احد أفراد الأسرة يصبح داخلها خلل وتنزع الثقة الذاتية فيما بينهم وسيشكون في أنفسهم والآخرين ، بالإضافة إلى أنهم سيقطعون علاقاتهم مع العالم الخارجي ، ناصحا المواطنين بالا يعمموا الخطيئة على أفراد العائلة كافة إذا ارتكب احدهم جرم.
وعن طريقة تفكير العائلة التي تعرضت للسرقة، أوضح د. أبو عودة، انها ستفقد الثقة بكافة شرائح المجتمع وستعتقد ان كافة شرائح المجتمع خبيثة.
وفي ختام ملفنا القضائي علينا أن نتخذ من المثل القائل "احذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة " عبرة لنكون واعين لما يدور حولنا .