طرابلس – الرسالة نت - وكالات
يذكر العرب، واللبنانيون خصوصاً، الحرب الليبية التشادية جيداً. هناك في تلك الصحراء دفن شبان عرب وليبيون دفاعاً عن حرب العقيد "أمين القومية العربية".
في تلك الحرب خرج من يقول لمعمر القذافي إن إدارته المعركة جعلت من الجنود الليبيين لقمة سائغة بين أنياب التشاديين، حيث قضى أكثر من 6 آلاف ضابط وجندي ليبي من أصل 15 ألفا أرسلوا إلى هناك، كما أسر المئات وضاعت أموال الليبيين، أي ما يضاهي مئات الملايين من الدولارات، في الصحراء.
عائلات ليبية كثيرة فقدت رجالها وأخرى أصبح مصير أبنائها مجهولا، فقد أسر عدد كبير من الضباط والجنود، من بينهم قائد الجيش العقيد الركن خليفة بالقاسم حفتر.
هذا الاسم يحفظه الليبيون، فهو الرجل العسكري الذي سجن مع أسرى ليبيين آخرين في سجن عسكري في وسط العاصمة التشادية.
في سجنه قرر حفتر أن وقت الانفصال عن قائده قد حان، وأن المكان مناسب لإقناع العسكريين الأسرى بالتحرك من خارج ليبيا، فأسس في العام 1987 تجمعاً معارضاً مكوناً من ضباط وعسكريين أسروا خلال الحرب، أطلق عليه اسم الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة وألحقه في حزيران العام 1988 بتأسيس "الجيش الوطني الليبي" الجناح العسكري للجبهة بقيادة العقيد حفتر، إلا أن عدداً من الضباط رفضوا صيغة الحل على طريقته، أملا بالعودة إلى الوطن.
الخبرة العسكرية للعقيد حفتر جعلت منه هدفاً لثوار "17 فبراير" العام 2011 الذين أدركوا بعد أسابيع حاجتهم إلى قائد ميداني خبير في إدارة المعارك، وأبعد من ذلك خبير في عقلية "العقيد" في إدارة معاركه.
وكانت «السفير» في عددها الصادر في 10 آذار قد أشارت إلى أن «كواليس الثوار لا تبدي تكتماً شديداً على مجريات الأحداث، ويسمع في دهاليزها في الأيام الأخيرة اسم العقيد خليفة حفتر».
في صفوف الليبيين يبدو الاسم مألوفاً جداً، لا سيما خلال الحرب الليبية ـ التشادية، فقائد الجيش الليبي في تلك المرحلة انشق عن القذافي بعد رفضه لإدارة الأخير للمعارك، وغادر إلى الخارج لينضم إلى المعارضة الليبية.
وبالفعل وصل حفتر إلى ليبـيا منذ أيام آتيـاً من مصـر، حيـث انضم إلى الثـوار في بنـغازي.
ويقال في المدينـة إن الإعـداد يتم حالياً لخطة مواجهة تختلف عن المعارك شبه العشوائية التي خاضها الثوار.
وفي اتصال مع «السفير» يؤكد احد المقربين من قيادة الثورة أن الثوار «انسحبوا تكتيكياً من مدن معينة وأن مفاجأة تحضر في الساعات المقبلة».
يحتاج الليبيون إلى بطل، وبدأ قسم منهم يحيك حول حفتر الروايات، فيروون انه صاحب أول دبابة ليبية اجتازت خط بارليف الشهير في حرب أكتوبر 1973.
إلا أن آخرين يرون فيه مشروعاً أجنبيا نظراً لأنه أمضى سنوات طويلة في الولايات المتحدة.
فبعد تأسيس "الجيش الوطني الليبي" انتقل حفتر ومجموعته من السجن إلى معسكر خارج العاصمة التشادية، إلى أن قام إدريس ديبي ـ أحد القادة الذين ألحقوا الهزيمة بالقوات الليبية سنة 1987ـ بالسيطرة على تشاد في العام 1990.
بعد الانقلاب عاد عدد من الأسرى الليبيين إلى الوطن، فيما نقلت طائرات أميركية عناصر "الجيش الوطني الليبي" الى زائير ومن ثم الى الولايات المتحدة حيث استقر حفتر، وأمضى سنواته الإحد عشرة، حتى أطلت ثورة شباط.
معارضة حفتر من هناك تحديداً جعلته موضع شك لدى جزء يرفض اي تدخل اجنبي، ويرى في ان معارضي الخارج يريدون قطف ثمار ثورة الدماء، كما ويشككون في علاقات العقيد الركن الغربية.
لا يزال الوقت مبكراً لتحديد حجم الفائدة الذي يمكن ان يأتي به حفتر للثورة، لا سيما ان الاحداث العسكرية الميدانية تطورت بشكل دراماتيكي في الايام الاخيرة، اي منذ وصوله الى بنغازي.
ويبقى للايام ان تكشف ما اذا كان الثوار وجدوا ضالتهم في العسكري العتيق، ام ان الضياع الناجم عن غياب المؤسسات سيدوم حتى إشعار آخر، او على الاقل الى حين تأسيس هيكلية عسكرية وأمنية في المدن المحررة.
وفي كل الاحوال، يبقى العقيد حفتر خياراً مطروحاً ليقف وجهاً لوجه امام عقيد خدم تحت امرته يوماً.
المصدر: السفير اللبنانية