الرسالة نت - وكالات
تبنى مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة قرارا بفرض حظر جوي فوق ليبيا، وباتخاذ "كافة الإجراءات اللازمة" لحماية المدنيين، وهو ما يعني إمكانية اللجوء إلى القوة العسكرية لوقف هجمات الكتائب الموالية للعقيد معمر القذافي، وفور إعلان النتيجة اندلعت الاحتفالات في بنغازي ومناطق أخرى بشرق ليبيا.
وصوت لصالح القرار عشرة أعضاء من أصل 15 عضوا يشكلون المجلس، في حين امتنعت عن التصويت خمس دول هي روسيا والصين (من الدول الخمس الدائمة العضوية) وألمانيا، والهند، والبرازيل، بينما لم تصوت أي دولة ضد القرار الذي تبنته فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ولبنان.
ولم تعترض الدول الممتنعة على مبدأ حماية المدنيين، ولكن كانت لديها أسباب وجيهة للامتناع.
فالبرازيل اعتبرت مبدأ الحظر الجوي خاطئ ولن يزيد المشكلة إلا تعقيدا، في حين لم تكن الهند مقتنعة بأن لدى المجلس الصورة الحقيقية لما يجري لاتخاذ القرار، بينما انتقدت روسيا "الروح" التي سادت المفاوضات المغلقة لمجلس الأمن، متسائلة عن كيفية تطبيق القرار، ومدى تماشيه مع الطلب المنبثق عن جامعة الدول العربية.
أفراح بنغازي
ومباشرة بعد إعلان نتيجة التصويت عمت الاحتفالات أنحاء الشرق الليبي ابتهاجا بالقرار، وأطلق سكان بنغازي -الذين تابع الآلاف منهم التصويت على شاشة كبيرة- الألعاب النارية في الهواء، وأطلقوا الأعيرة النارية تعبيرا عن فرحهم.
وسمعت بين المعتصمين في بنغازي نداءات الابتهال والتكبير، ودوت الأناشيد الوطنية والهتافات التي تبشر بقرب انتصارهم في معركتهم ضد كتائب القذافي.
تنفيذ القرار
وبعد إعلان القرار قالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن سوزان رايس إن المجلس أنشأ لجنة لمتابعة قراره بفرض حظر جوي على ليبيا، كما أعلنت كندا أنها سترسل طائرات حربية لتنفيذ القرار.
كما نقلت وكالة رويترز عن مصدر حكومي إيطالي -فضل عدم ذكر اسمه-قوله بعد صدور القرار إن إيطاليا على استعداد لوضع قواعدها العسكرية في تصرف المجلس لتنفيذ الحظر الجوي، واصفا القرار بأنه "تطور إيجابي".
وتعتبر قاعدة سيغونيلا الجوية في صقلية –التي توفر دعما لوجستيا للأسطول الأميركي السادس- إحدى أقرب قواعد حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى ليبيا، وقد تستخدم في أي عملية عسكرية ضد كتائب القذافي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن بلاده مستعدة للعمل على تنفيذ منطقة حظر جوي فوق ليبيا فور موافقة مجلس الأمن الدولي على قرار الحظر.
وأبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للبدء في تنفيذ قرار فرض الحظر الجوي "ضمن صلاحياته وقدراته".
جاء ذلك في بيان مشترك بين رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كاثرين آشتون، رحبا فيه بالقرار وأعلنا تأييدهما التام لـ"مطالبة الأمم المتحدة بوضع حد نهائي لأعمال العنف والهجمات والتجاوزات ضد المدنيين" في ليبيا.
لكن ألمانيا -التي عارضت منذ البداية فرض حظر جوي على ليبيا- قالت على لسان وزير خارجيتها إن قواتها لن تشارك في أي عملية عسكرية في ليبيا، لكن ذلك لن يغير موقفها بأن القذافي يجب أن يوقف الحرب ضد شعبه.
المشاركة العربية
وفي وقت سابق قال مسؤولون في الكونغرس الأميركي إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعد خططا للمشاركة في فرض منطقة الحظر الجوي بمساعدة دول عربية، متوقعين أن يبدأ تطبيق الحظر الجوي الأحد أو الاثنين.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن أحد هؤلاء المسؤولين قوله إن الأردن وقطر والإمارات العربية من بين الدول المرجحة مشاركتها في تطبيق قرار الحظر.
كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي لدى الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه، تأكيده قبل تصويت مجلس الأمن لصالح القرار، أن قطر والإمارات ستشاركان في القوة الدولية لتنفيذ الحظر الجوي.
وفي وقت سابق، قال مبعوث جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة يحيى محمصاني إن قطر والإمارات قد تلعبان دورا في العمليات العسكرية في ليبيا، لكنه قال إنه لا يستطيع تأكيد الأمر.
وكان آلان جوبيه قال قبل التصويت إن بلاده وبريطانيا وبعض الدول العربية وربما الولايات المتحدة مستعدة لـ"اتخاذ إجراء" من أجل تنفيذ القرار، مشددا على أهمية أن تنخرط الدول العربية في التدخل عند ما يحدث ذلك.
ويركز القرار على ضرورة حماية المدنيين، ويستبعد أي تدخل عسكري على الأرض، ويدعو الدول العربية للمشاركة في العمليات العسكرية الجوية.
الموقف الليبي
وفي أول رد رسمي على قرار مجلس الأمن، قال الأمين المساعد في وزارة الخارجية الليبية خالد كعيم في مؤتمر صحفي، إن بلاده ممتنة للدول الخمس التي امتنعت عن التصويت، وإنهم كانوا على تواصل مع بعض الدول الأوروبية وأبلغوها ترحيب ليبيا بأي قرار سيصدر عن المجلس، رغم بعض التحفظات على مسودة القرار.
وأضاف أن ليبيا ترحب بتأكيد القرار ضرورة حماية المدنيين والوحدة الترابية لليبيا، مشددا على أهمية التأكد من أن من وصفهم بالانفصاليين والمتمردين لن يحصلوا على أي دعم، محذرا من أن حصول ذلك يعني دفع الليبيين لقتال بعضهم، على حد قوله.
وأكد أن ليبيا ستتعامل مع القرار بشكل إيجابي، وأنها ستؤكد نيتها هذه من خلال حماية المدنيين في كل أنحاء البلاد وضمان إمداد الدواء والغذاء إليهم، حسب قوله، معربا عن قناعته بأن بلاده لن تتعرض لأي هجوم خارجي بعد صدور قرار الحظر الجوي.
وفي تطور لافت قال كعيم إنهم تحدثوا مع الأمين العام للأمم المتحدة وأبلغوه استعدادهم الفوري لوقف إطلاق النار، ولكنهم يحتاجون إلى طرف محدد لمناقشة هذا الأمر والحديث معه عن التفاصيل التقنية لتطبيقه.