بيروت – الرسالة نت - وكالات
لليوم الثاني على التوالي، واصل فريق من الخبراء والتقنيين في الجيش اللبناني، الكشف على المنظومة التجسسية التي وضعت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني يدها عليها في محيط بلدة شمع في منطقة صور، على بُعد كيلومترات قليلة من الحدود مع فلسطين المحتلة.
وذلك بعدما تبين أنها ذات تقنية متطورة جدا وتتجاوز في خطورتها وأهميتها منظومتي الباروك وصنين، كونها تتيح لعين العدو أن ترصد في توقيت معين وضمن نطاق جغرافي حيوي الجيش اللبناني والمقاومة وقوات «اليونيفيل» في الخريطة الجنوبية.
ولعل هذا الإنجاز الذي حققته مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وحظي بتنويه قائد الجيش العماد جان قهوجي، يكشف، كما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان «استمرار اسرائيل في خرق السيادة الوطنية والقرار 1701»، ويفتح العيون على مصدر الخطر الحقيقي الذي يتهدد لبنان واللبنانيين، وعلى الحرب الاسرائيلية التجسسية المستمرة وتندرج في سياقها المنظومة التجسسية، وهي الثالثة التي يتم كشفها خلال الأشهر الاخيرة.
وفيما هنأ رئيس الجمهورية قيادة الجيش على هذا الإنجاز، بدأت وزارة الخارجية اللبنانية بإعداد كتاب شكوى ضد إسرائيل باعتبار العمل التجسسي الاسرائيلي يشكل خرقا فاضحا للسيادة اللبنانية وللشرعية الدولية لا سيما للقرار 1701.
في هذه الأثناء، توافرت معطيات من مصادر معنية حول كيفية اكتشاف المنظومة وماهيتها، مفادها أن تقنية معينة مكّنت المقاومة من التقاط ذبذبات في مناطق لبنانية عدة، بدءا من الوادي الفاصل بين بلدتي أنصار والزرارية في قضاء النبطية وصولا الى وادي تبنين في منطقة بنت جبيل، فتمّ إبلاغ مديرية المخابرات في الجيش التي سارعت الى ارسال خبراء فنيين قاموا بعملية مسح للمنطقتين، ولكن من دون العثور على شيء، حيث تبيّن أن تلك الذبذبات مصدرها بعض الأسلاك.
إلا أن الأمر تكرر بعدما التقط أمن المقاومة ذبذبات متقطعة في مرتفعات بلدة شمع في قضاء صور، وتكرر إبلاغ مديرية المخابرات فسارعت الى الكشف على المنطقة فعثرت على المنظومة التجسسية على طرف جبل في منطقة كاشفة واستراتيجية.
وبحسب المصادر نفسها، فإن المنظومة التجسسية وجدت في منطقة عمل القوة الإيطالية العاملة في إطار قوات «اليونيفيل»، وتبين انها تمسك كليا بزاوية خريطة لبنان الجنوبية، بدءا من الساحل الممتد من البياضة الى مدينة صور وصولا الى الناقورة اضافة الى عشرات الكيلومترات في العمق شرقي صور وجنوبها، وهي كناية عن صخرة اصطناعية مصنعة من مادة «فيبر كلاس» من نوع الصخور الاصطناعية ذاتها التي موهت فيها منظومتا الباروك وصنين، «إلا ان الفارق بين المنظومة المكتشفة والمنظومتين السابقتين، هو ان منظومة شمع ترتبط بجهاز تحكم، تتحكم به طائرة استطلاع تشغله اوتوماتيكيا وقت ما تريد.
وبمجرد بدء عمل الكاميرا المنصوبة ضمن المنظومة، تبدأ البث المباشر الى الطائرة التي تخزن بدورها ما يتم التقاطه من صور وأفلام، وعندما تأخذ كامل حاجتها من الصور الحية للقطاع المستهدف بالتصوير تعمد الطائرة الى وقف تشغيل المنظومة».
وأوضحت المصادر أن الغاية من عدم التشغيل المتواصل لتلك المنظومة هو الحؤول دون رصدها عبر الذبذبات وهنا تكمن صعوبة الاكتشاف، «في حين ان المنظومتين السابقتين كانتا تعملان على مدار الساعة». وأشارت الى «التقنية العالية للمنظومة المكتشفة، اذ ان جهاز التحكم الجوي يشغلها مباشرة ويستطيع تحريك الكاميرا في داخلها في الاتجاه الذي يريد».
على أن أخطر ما في منظومة شمع، بحسب المصادر المذكورة، هو ان المنطقة التي تغطيها، تشمل المقر العام لقيادة «اليونيفيل» في الناقورة، «وفي ذلك مؤشر واضح على أن هذا المقر مرصود من الجانب الاسرائيلي بشكل مباشر ومتواصل».
وكشفت المصادر «ان مديرية المخابرات استعانت بكلاب بوليسية مدربة وأجهزة تحسس، وقد شمل عملها مسح جبل شمع بكامله، ولم تخل تلك المهمة من الصعوبة والمخاطر، نظرا للدقة التي اعتمدها العدو في التمويه، ولكون المنظومة يتم التحكم بها من الاسرائيلي ساعة يشاء لكي يمنع أجهزة التحسس من ضبطها من خلال الذبذبات الصادرة عنها».
ولفتت المصادر الانتباه الى ان «العملية أحيطت بسرية تامة بالنظر الى بعد المكان الذي اكتشفت فيه المنظومة وخضوعه لنطاق عمل «اليونيفيل» وقربه من الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة بخلاف المنظومتين السابقتين اللتين اكتشفتا في العمق اللبناني.
وبالنظر ايضا الى الوقت الذي استغرقته عملية الكشف والتفكيك والتي تطلبت جهدا كبيرا لمسح البقعة المستهدفة وكذلك الحاجة الى وقت اكبر لتفكيك المنظومة في ظل الخشية من ان تكون مجهزة للتفجير، إذ تبين لاحقا انها لم تكن كذلك».
ونظرا لخطورة المنظومة التجسسية وأهميتها التقنية، كما قالت المصادر، تم نقلها مباشرة الى مديرية المخابرات في وزارة الدفاع في اليرزة «للكشف الدقيق عليها وصولا الى تحديد تقنياتها وكيفية عملها وإمكاناتها وحجم الخدمات التقنية التي يمكن ان توفرها».