أم الفحم- الرسالة نت
أفاد بحث تحليلي صادر عن مركز الدراسات المعاصرة بالداخل الفلسطيني، أن (إسرائيل) تخشى التحولات الحاصلة بالدول العربية وترى بها تهديدا وجوديا لكيانها، ولهذا فهي تكن العداء لهذه الثورات ومشهد التحول الديمقراطي.
ورصد البحث عاملين جوهريين، وهما النظرية الأمنية والثقافة الاستعمارية، اللذان يدفعان بـ(إسرائيل) والغرب لمعاداة الحراك الشعبي وسيرورة الديمقراطية العربية.
وأشار البحث إلى أن (إسرائيل) والتي قامت على أسس استعمارية احتلالية، لا تؤمن بمنظومة الديمقراطية وحكم الشعوب، كما هو حال أوروبا التي ما زالت تتمتع بعقلية الاستعمار.
وتسعى (إسرائيل) -وفق ما رصده البحث- لتجنيد الإدارة الأميركية للضغط على القيادات العسكرية بالعالم العربي وتحديدا مصر، من أجل ضمان استمرار العلاقات والاتفاقيات والتعاون الأمني.
إفشال الثورات
وقال الباحث السياسي بمركز الدراسات المعاصرة صالح لطفي، إنه "بات واضحا أن (إسرائيل) بمختلف أذرعتها ومؤسساتها وبالتنسيق مع دول غربية، تسعى جاهدة لإفشال الثورات العربية والتحريض عليها والاستخفاف بالشعوب العربية.
وعن أسباب معاداة (إسرائيل) للثورات، تحدث صالح لـ"الجزيرة نت" بالقول إن "الحراك الشعبي غير المسبوق الذي يشهده العالم العربي سيكون له تداعيات وتأثير على مستقبل (إسرائيل) التي فقدت أنظمة حليفة، وبالتالي ابتعدت وقد تغيب كليا عن العمق العربي".
ولفت إلى أن (إسرائيل) ترى بسقوط نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وفقدانها حلفاءها العرب، نقطة تحول جوهرية أحدثت خللا بالتوازن سيؤدي لفقدان التفوق الإسرائيلي والهيمنة الغربية على منطقة الشرق الأوسط.
وبالنسبة للعقلية الإسرائيلية، يؤكد صالح أن الدين بمثابة عامل أساسي وجوهري في بلورة العقلية وصقل الشخصية الإسرائيلية التي تعتمد على الديانة اليهودية وتعتبرها أهم من النظام الديمقراطي، وبالتالي تنشئة جيل عنصري متطرف لا يحترم الآخر ولا يعترف بحقوقه.
تشكيك وتحذير
وشكك باحثون ومحللون سياسيون بالنوايا المعلنة للغرب، بدعم ومساندة الشعوب العربية لنيل الحرية وتحقيق الديمقراطية.
وشددوا على الدور الخفي للغرب وأميركا وحتى (إسرائيل)، والذي يهدف لإجهاض الثورات واغتيال براعم التحول الديمقراطي.
وحذر المحلل السياسي عبد الحكيم مفيد، من مخطط أميركي إسرائيلي يهدف لرسم واقع عربي جديد يتماشى مع مصالحهما.
وأكد أن واشنطن وتل أبيب تريدان استغلال مشهد الثورات لخلق واقع عربي ديمقراطي يبقي على التبعية وانعدام السيادة للأنظمة العربية.
وأشار مفيد إلى أن هذا الواقع سيضمن لـ(إسرائيل) التي تلوح بفزاعة الإسلام، عدم استفادة الحركات الإسلامية والوطنية من مكتسبات الثورات، فهي لديها مخاوف.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن (إسرائيل) لديها مخاوف أمنية متواصلة، وعليه فهي تعادي كل من هو عربي ولم تثق حتى بمن كان حليفا لها.
السيادة والتبعية
ولفت إلى أن تخوف (إسرائيل) الحقيقي، ليس من الثوب الديمقراطي الذي يسعى الغرب حياكته للعرب، وإنما التخوف من أن تتحول هذه الأنظمة لدول ذات سيادة غير تابعة للغرب.
ورغم تقديره للثورات، إلا أن مفيد لا يعول كثيرا على التغيير الحاصل كونه يتم تحت مظلة غربية وأميركية، معتبرا الرهان على التغيير من خلال تعديل الدستور والإصلاحات والانتخابات بأنه خطأ.
ويرى أن مشكلة العالم العربي الأساسية ليست الديمقراطية، بل فقدانه للسيادة وتبعية الأنظمة المطلقة للغرب، معتبرا أن ما يحصل بمصر هو نسخة منقحة عن النظام القديم.
ويخلص مفيد بأن على العالم العربي استعادة سيادته والتحرر من التبعية للغرب وإنهاء الدور النشط لأميركا بالمنطقة، ودعم القيادات الوطنية التي أفرزتها الثورات.
وحذر من الوقوع في فخ مشروع الديمقراطية الأميركي وحليفتها (إسرائيل)، مستشهدا بما حصل بالعراق والسودان والسلطة الفلسطينية من تشرذم وانقسامات والتي حركها الغرب.
وأنهى بالقول إن أميركا تستغل الظروف لاستبدال طريقة الغزو الاستعماري للشرق الأوسط، ولم يستبعد قيامها بتفكيك العالم العربي وتقسيم دوله عبر مشروعها الديمقراطي.