لندن – وكالات
كتب الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر مقالاً في صفحة الرأي في جريدة "انترناشنال هيرالد تربيون" نشر امس الجمعة تحت عنوان "غولدستون وغزة" قال فيه ان على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي البدء فوراً باتخاذ خطوات لاعادة بناء قطاع غزة.
وقال كارتر ان القاضي ريتشارد غولدستون وبعثة الامم المتحدة لتقصي الحقائق في حرب غزة اصدرا تقريراً عن غزة ينتقد بقوة اسرائيل لانتهاكها لحقوق الانسان. واشار الى مناقشة التقرير في الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن احالة التقرير على مجلس الامن الدولي.
وقال كارتر: "في كانون الثاني (يناير) 2009 اطلقت صواريخ بدائية الصنع من غزة نحو بلدات اسرائيلية قريبة، فزرعت اسرائيل الدمار بالقنابل والصواريخ وقوات برية غازية.
وينبغي ان نتذكر ان القاضي غولدستون، الجنوب افريقي، هو من اكثر القضاة في انحاء العالم احتراما، وله سجل ناصع من الحكمة والصدق والنزاهة. كما أنه يهودي ورع ومعروف منذ مدة طويلة بانه مدافع متحمس عن حق اسرائيل في السلام والامن.
وفي نيسان (ابريل) 2008 قمت انا شخصياً بزيارة سديروت وعسقلان وهما بلدتان اسرائيليتان قريبتان بما يكفي لاصابتهما بالصواريخ التي تطلق من داخل (قطاع) غزة. وبينما كنت هناك نددت بتلك الهجمات التي تشن بدون تمييز على المدنيين ، واعتبر تنديد القاضي غولدستون بها تنديداً له ما يبرره.
وبعد مرور سنة من الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة، كنت قادرا على فحص الأضرار التي لحقت بالمنطقة الصغيرة المكتظة بالسكان والمحاطة بسور منيع مع بواباته الخاضعة لرقابة مشددة. ومع معرفتي بمقدرة القوات الإسرائيلية، والتي غالبا ما تستخدم الاسلحة الاميركية لضرب أهداف بدقة بالغة، كان من الصعب فهم أو تفسير تدمير المستشفيات، والمدارس، والسجون، ومرافق الأمم المتحدة، والمصانع الصغيرة وورشات التصليح، ومصانع تجهيز المنتجات الزراعية، وما يقارب من 40000 بيتا.
ودرست لجنة غولدستون عن كثب قضية مقتل 1387 فلسطينيا، ومدى الأضرار التي لحقت بمختلف القطاعات. وكان الاستنتاج أنه تم استهداف المناطق المدنية وان الدمار كان متعمدا. ومرة أخرى كان انتقاد اسرائيل في تقرير غولدستون محقاً.
ودعا التقرير الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهم، من الذين شككوا في مصداقية ودقة التقرير، إلى إجراء تحقيق مستقل خاص بهم. واعلنت قيادة "حماس" ان العمل جار على اجراء التحقيق، ولكن اسرائيل رفضت طلب القاضي غولدستون.
واذا وضعنا هذا الخلاف جانبا، فمن المهم فحص الظروف الحالية والحاجة لمنع المزيد من المعاناة. واطلاق الصواريخ من قطاع غزة اصبح مقيدا إلى حد بعيد، ربما بسبب التيقن من رد الفعل والانتقام الاسرائيلي، ولكن انزال العقاب بـ 1.5 مليون من السكان الفلسطينيين من قطاع غزة ما زال مستمرا.
فمنذ الأشهر العشرة الماضية، لم تسمح إسرائيل بدخول الاسمنت والخشب، والواح الزجاج، أو اي مواد بناء أخرى عبر نقاط العبور الى غزة، ليترك مئات الآلاف من السكان بلا مأوى خلال الشتاء الماضي، حيث عاشوا في بعض الخيام، او تحت أغطية من البلاستيك، أو حشروا في كهوف محفورة تحت حطام منازلهم السابقة. كان الطقس اكثر دفئا عندما كنت هناك بعد عدة أشهر، ولكن وصف المعاناة خلال برد الشتاء كان يدمي القلوب.
شتاء آخر يقترب الآن، ولن يقم الاسرائيليون او المجتمع الدولي باتخاذ اي خطوات للتخفيف من محنة سكان قطاع غزة. وقد عرضت وكالات الأمم المتحدة وقادة المجتمع الأوروبي توفير وسائل لايصال الأموال ومواد البناء مباشرة للمواطنين المحتاجين، متجنبين تماما قيادة حركة "حماس" السياسية. وهؤلاء المسؤولين، سواء في غزة او في دمشق، أكدوا لي أنهم على اسعداد لقبول هذا الترتيب.
ولن تكون هناك أي فرصة لإساءة استخدام مثل هذه المساعدة لادخال الأسلحة او التحصينات العسكرية، أو غير ذلك من الأغراض غير الإنسانية.
وقد أبلغت أخيرا، من قبل العاهل السعودي الملك عبد الله، أنه تعهد بدفع بمليار دولار، وان بعض القادة العرب قدموا مبلغا إضافيا يقدر بـ 300 مليون دولار لهذا الغرض. ليس هناك شك في أن دولاً أخرى من شأنها أيضا أن تقدم بعض الدعم.
ومن دون توجيه اللوم إلى أي من الأطراف المتنازعة، لا بد ان تقوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، باتخاذ خطوات لضمان البدء بإعادة بناء قطاع غزة، من دون أي تأخير. ان صرخات الناس المتجمدين بلا مأوى، تطلب الإغاثة.