قائمة الموقع

التحطيب مهنة شتوية تحت النيران الإسرائيلية

2009-11-09T17:25:00+02:00

غزة- ديانا طبيل- الرسالة نت

أجبر الفقر والعوز الذي يلف كثيرا من العائلات الغزية بسبب الحصار المفروض على القطاع، إلى البحث عن مصادر لجلب قوت يومهم حتى لو كانت قديمة.

ويمتهن عشرات الرجال والشبان مهنة التحطيب مطلع كل شتاء خاصة في المناطق الحدودية التي تشهد بين الحين والأخرى عمليات تجريف واسعة للمزارع والحقول الزراعية.

والتحطيب في هذه المناطق يمثل مغامرة كبرى قد تنهي حياة الفرد بسبب انتشار المئات من أبراج المراقبة على الحدود بين قطاع غزة والأراضي والفلسطينية المحتلة عام 1948.

محفوفة بالمخاطر

في شمال بيت لاهيا وعلى أطلال محررة "دوغيت" يسكن محمد أبو درابى (40 عاما) والذي انقطع عن عمله بعد أن جرفت قوات الاحتلال أراضيه الزراعية وأعطبتها بقنابل الفسفور المحرمة دولياً حيث وجد من التحطيب مهنة قد تدر عليه بعض الدخل له ولأسرته.

وقال أبو درابي لـ"الرسالة" مهنة التحطيب مهنة جيدة خاصة أنها لا تحتاج إلى رأس مال فكل ما في الأمر هو تأمين جمع الحطب من الأراضي الزراعية التي جرفها الاحتلال أثناء توغلاته واجتياحاته.

واستدرك قائلاً: "لكنها مهنة محفوفة بالمخاطر كون كافة المناطق التي يوجد بها الحطب هي بالعادة أماكن حدودية لا تبعد عن نقاط المراقبة للعدو الإسرائيلي سوى بعض الأمتار".

ويتابع: "رغم علمنا المسبق بالمخاطر التي قد نواجهها إلى أننا مضطرون لمواجهة فقر الحياة الذي بات ينهش بأكثر من 80 % من العائلات في المناطق الحدودية والتي بالأصل كانت تعتاش من المحاصيل الزراعية والفلاحة بوجه عام، مؤكداً انه يجنى من مهنة التحطيب 50 شيقل إلى جانب احتياجات أسرته من الحطب.

ويستذكر أبو درابى كيف أطلق الجنود النار في الأعوام الماضية باتجاه إحدى قريباته وتدعى ملكة أبو درابى (13 عاما) حيث كانت ترافق والدها في جمع الحطب والذي يمثل كل شيء في حياة أسرتها.

ويضيف: "كان الجنود حينها يتسلون بإطلاق النار لتخويفنا ففقدت ملكة القدرة على الحركة وأصيبت بشلل ثلاثي جراء الصدمة.

ويتفق توفيق عبد ربه (35 عاما) من سكان منطقة شرق جباليا مع أبو درابى بأن مهنة التحطيب مهنة محفوفة بالمخاطر نظراً لوقوع هذه المنطقة في مرمى نيران أبراج المراقبة الإسرائيلية التي تبعد مئات الأمتار فقط واصفاً إياها "بمن يأخذ اللقمة من فم الذئب".

ويضيف عبد ربه: "عندما اذهب إلى التحطيب أصطحب أطفالي وأحيانا زوجتي لإشعار قوات الاحتلال التي تراقب المكان بنية العمل في تلك المنطقة، لكن الخوف والقلق يكاد يقتلني كلما سرحت بخيالي وتخيلت أن جنود الاحتلال قد يستهدفونني وأبنائي.

ويتابع عبد ربه: نسمع دوى إطلاق النار بصورة يومية وفى كثير من الأحيان يسقط الرصاص بالقرب من أماكن تواجدنا بهدف إخافتنا وإرهابنا، مؤكداً أن جميع الذين يعملون في هذه المهنة يضطرون للمجازفة والمغامرة ومواجهة المخاطر في ظل انعدام البدائل والسبل.

مهنة الشتاء

وأوضح عبد ربه أن هذه المهنة مرهونة بقدوم الشتاء فالأغلبية العظمى تحتاج الحطب في فصل الشتاء بهدف التدفئة وتشغيل الأفران الطينية، مضيفاً أن مردوها المادي قد يصل إلى مئة شيقل يومياً وهذا المبلغ يمثل قمة الإغراء للعمل في هذه المهنة رغم كل مخاطرها فهناك بيوت تتمنى أن يكون دخلها اليومي عشر شواقل.

ولجأ سكان القطاع خلال العامين المنصرمين إلى الاعتماد على الحطب جراء وقف سلطات الاحتلال اهالي القطاع بالغاز المنزلي.

من جانبه، يقول عبد الوهاب مزهر (30عاما): "إن مهنة التحطيب شر لابد منه، فهي المهنة الوحيدة التي بإمكانه ممارستها مع نفاد كل سبل الحياة في قطاع غزة.

ويضيف: "لا يقتصر عملي على مناطق معينة فأنا أجوب بعربة الكارو عدة مناطق في اليوم الواحد منها الشريط الحدودي الشمالي والشريط الشرقي واتجه أحيانا إلى مناطق الجنوب كشرقي البريج والمغازى وكافة المناطق الزراعية التي تم تجريفها، في العادة يقوم جنود الاحتلال بعد تجريف الأراضي دفن الأشجار كاملة فأقوم أنا بالحفر والبحث من اجل إخراج الحطب وبيعه.

ويتابع في المناطق القريبة من الحدود اضطر للقيام بحركات جسمانية لإقناع الجنود بأن تواجدي مقصور على جمع الحطب وليس لأي شيء آخر وفى كثير من المرات يطلقون النار على رغم معرفتهم التامة بسبب تواجدي، فالأمر برمته يخضع لمزاج الجندي على برج المراقبة، معرباً عن أمله في رفع الحصار وإدخال مواد البناء حتى يتمكن من العودة إلى عمله في مهنة البناء كونها اقل خطورة ودائمة إذا توفرت خامتها.

 

اخبار ذات صلة