غزة / ديانا طبيل
لا أحد يتحمل صحبة شخص بخيل ، فالطبيعة العربية على وجه العموم والفلسطينية على وجه الخصوص كريمة تتآلف مع من يكرمها ويجاملها, ولكن هل هذا ينطبق على الزوجة؟ هل تستطيع العيش مع زوج بخيل؟ وكيف تتصرف تجاه بخله ؟
رغيف خبز
أماني . ص " 29 عاما" تقول لـ" الرسالة " : ليس هناك أسوأ من أن تتزوج المرأة رجلاً بخيلاً، فيعد عليها وجبات الطعام وحبات الفاكهة ، وماذا حملت في يدها هدية لأهلها والكثير الكثير من التفاصيل الدقيقة التي قد يصدم البعض عند ذكرها .
وتضيف أماني: لم احتمل الاستمرار في حياة قائمة على المادة فقط، تفاصيلها اليومية عبارة عن مشادات وشجارات على رغيف خبز أو حبة بندورة أو على بعض الشواكل أكون قد صرفتها في حاجة ماسة.
وتتابع: طلبت الطلاق لإنهاء تلك المهزلة وكانت قناعتي أنه في بيت أبى لا يحاسبني احد على وجبات طعامي ، مؤكدة أن قرار طلب الطلاق جاء كآخر محاولاتي للنجاة من الضيق والمرارة التي اتسمت بها حياتي على مدار خمس سنوات بعد محاولات عديدة لتغيير سلوكه كلها باءت بالفشل.
في حين تؤكد أم احمد أن صفة البخل من الجينات المتوارثة في عائلة زوجها والتي يصعب تغييرها أو تدميرها فزوجها ووالدته والده وأخوته جميعهم يتسمون بالبخل الشديد واغرب ما في بخلهم أنهم يعتبرون أنفسهم مبذرين وبحاجة إلى خطط لتقليص مصروفاتهم .
وتقول ام احمد: يخصص زوجي مبلغ 300 شيكل شهريا كمصروف للمنزل وعلي أن اشتري منه كافة المستلزمات تكفى لسبعة أشخاص دون أن ينقص شيء ، وكثيرا أناقشه أن هذا المبلغ لا يكاد يكفى لأسبوعين فقط فسرعان ما يطلب منى التواضع والشعور بالنعمة التي حرم منها الآخرون ، مضيفة :" أنا لا أنكر النعمة لكن قلبي يملأه الغيظ حين اشعر بأن اطفالى يشتهون بعضا من الفاكهة ولا استطيع شراءها رغم أن والدهم قد انعم الله عليه بوظيفة مدرس وكالة وبإمكان راتبه أن يكفيهم طيلة الشهر ويفيض" .
بينما تقول سمية . ر " 44 عاما " أنها منذ فترة الخطوبة اكتشفت أن من ارتبطت به شخص بخيل لكنها لم تكن تجرؤ على قول ذلك قبل أكثر من 25 سنة فالمجتمع لا يحترم المرأة ورغباتها وهذا ما يمنعني من طلب الطلاق للتخلص من نار الحياة التي أحياها ،
وتضيف سمية: حياتي على مدار هذه السنين عبارة عن تمضية وقت فقد كرهت زوجي بسبب بخله حتى أن جميع سكان المنطقة ينادون اولادى " بأولاد الكمصان " اى أولاد البخيل ..
بخلاء يمكن إصلاحهم
في هذا السياق يقول الاخصائى الاجتماعي أسامة بركات من برنامج الصحة النفسية أن البخل مرض نفسي وتربوي ويعتبر نوعا من أنواع افتقاد الإحساس بالأمن والأمان ، ولهذا المرض أسباب عدة أهمها تعرض البخيل للحرمان في مرحلة الصغر ، أو أن البخيل بخيل بالفطرة إنسان أناني ويكره العطاء والإنفاق على أهل بيته و ربما على نفسه .
ويضيف بركات: هناك نوع من البخل الحديث ظهر عند المجتمع الغزي بعد أن خرجت المرأة للعمل، وأصبح لها دخل ثابت مما دفع بعض الرجال للامتناع عن الإنفاق حتى تضطر زوجته للصرف بدلا منه على اعتبار أن سماحه بعملها مشروط بتوليها مصاريف الحياة بشكل عام .
وبين بركات ان هذه صورة مرضية وتخالف أسس وتعاليم الدين الإسلامي، فقد خص الدين الرجل وميزه عن المرأة بالإنفاق، فالرجال قوامون على النساء بما أنفقوا، والقوامة هنا مقرونة بالإنفاق والعطاء والحماية وتأمين المستقبل، وعلى الزوج أن يدرك أنه في حالة البخل وعدم الإنفاق على أهل بيته فهو يخالف شرع الله ، مؤكداً أن ثقافة البخل لدى الزوج ستنعكس عليه بخلاً وتقتيراً، فيبدأ يكنز أمواله ولا ينتفع حتى هو بها حتى يصل إلى حالة مرضية دائمة.
ويتابع : عمل الزوج أو الزوجة إنما يأتي لتوفير حياة اقتصادية مستقرة لأبنائهم، يستطيعون معها توفير احتياجاتهم الضرورية، فهم يعملون من أجل بناء أسرة سوية قائمة على أسس إشباع الجانب الاقتصادي والجانب النفسي للأبناء، ولا يمكن إشباع الجانب النفسي إلا إذا كان هناك استقرار اقتصادي وكذلك إشباع الجانب الاجتماعي وهو نوع من التعاون والتوافق بين الأبناء والآباء لإشباع حاجاتهم ".
ويضيف: البخل لا يقتصر على التقتير المادي وعدم تلبية الاحتياجات المادية والضرورية للأسرة لكي تستقر وتسودها علاقات التعاون والتعاضد، بل هناك بخل أخلاقي وعاطفي وإنساني " فالبخيل في المال بخيل في عواطفه ومشاعره تجاه الآخرين، مرجعاً البخل إلى حالة نرجسية تصيب الشخص فيصبح محباً للأشياء و لذاته دون الآخرين مؤكدا أن بعض البخلاء يمكن إصلاحهم وتغييرهم شريطة أن تكون لديهم القابلية للتغيير، وذلك من خلال الدخول في خطة علاج نفسي وتعديل سلوك