الرسالة نت -محمد بلّور
خلف منظاره الطبي عيونٌ مجهدة ,قامته ممشوقة, خصمٌ عنيد, كلماته نارية ولا يؤمن بالمهادنة مع العدو.
أسيرٌ ومبعد , شاعرٌ وطبيبٌ ثائر وقبل كل ذلك قائدٌ ونجمٌ أينما حل وحيثما وجد .
لا يستأذن الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عند اقتحام الذاكرة ,يحتفظ بعبارات خالدة وكلمات مؤثّرة .
يعد الرنتيسي من أشهر مبعدي مرج الزهور الذين أبعدهم الاحتلال سنة 1992 بينما أمضى عدة سنوات في الأسر ما بين سنة 1983-1993 ثم عاودت السلطة الفلسطينية باعتقاله عدة مرات حتى استشهد سنة 2004 .
حياة السجون
زاد الرنتيسي من زاده اليومي في زنازين الاحتلال , قرأ وحفظ القرآن و تعلّم وعلّم الأحكام والتفسير وكتب الشعر ناظما بنفسه ومعارضا لآخرين .أبرز مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين الشيخ حمّاد الحسنات رافق الرنتيسي في السجون وقال إنه مثّل الأب الروحي لبقية الأسرى .وأضاف:"كان دعوة تتحرك دائما يقوم الليل ويمضي وقد أتم حفظ القرآن ونحن في السجن" .
ولازال الحسنات يذكر قصيدة كتبها الرنتيسي عارض فيها قصيدة وزير الأسرى د.عطا الله أبو السبح والتي كانت بعنوان "وغنى الكنار" فتبعه 8 أسرى آخرين عارضوا أبو السبح .
وتابع: "علمت من الشيخ أبو أيمن طه بعد خروجنا من السجن بالقصة فقلت وأكون أنا التاسع فقد كانت القصيدة تحفة فنية وشعرية" .ويجتهد الحسنات الآن في جمع وتأليف كتاب عن "أدب الانتفاضة" وقد جمع للرنتيسي أكثر من 4 قصائد هامة في الكتاب .
أما رئيس المجلس التشريعي د.عزيز دويك فقد عاش مع الرنتيسي في السجن متتبعا تلاوته وحفظه للقرآن وكتابته للشعر .وقال: "راسل إخوانه من زنزانته قائلا أنه استراح من مشاكل كثيرة حتى يشجعهم ويزيد من صمودهم" .
بدوره امتدح المحلل السياسي مصطفى الصوّاف الرنتيسي في حسن إدراكه وتقديره للصحفيين مدركا أهمية دورهم .وكان الصواف من الصحفيين القدامى اللذين احتكوا بالرنتيسي فرأى إصراره ومواقفه القوية كأحد قيادات الشعب الفلسطيني .
وقال إن وصول الرنتيسي لأي قسم من أقسام السجون كان بمثابة تحويله إلى مدرسة في تعليم السياسة والصبر .
مرج الزهور
تعرف العالم على مبعدي مرج الزهور من نافذة الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حين كان ناطقا باسم المبعدين . حمل الرنتيسي حقيبة مهمة في محطة الإبعاد قبض عليها بأنامله كونه الوجه الإعلامي للمبعدين حتى أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد تتبع تصريحاته ودعا من حوله للتعلّم من الرنتيسي.
وقال الحسنات إنه رأى الرنتيسي يجري كل يوم أحاديث ولقاءات صحفية في مخيم الإبعاد .وأضاف:"فاقت البيانات التي أصدرها 500 بيان صحفي كان موفق فيها وقد امتدح تصريحاته الرئيس الأسد وقد كان دائم الحركة في المخيم صباحا ومساء وهو رجل محبوب بسبب معاملته الطيبة" .
أما د.دويك فوصف الرنتيسي في مرج الزهور بأنه من ابرز نجوم المبعدين وقادة الحركة الإسلامية .
التصق دويك بالرنتيسي في كافة اللقاءات الصحفية يترجم تصريحاته للغة الانجليزية أمام الصحفيين الأجانب فرأى فيه رجلا يصنع الأحداث ولا تصنعه الأحداث-كما قال .وأضاف:"كان أسدا هصورا منبريا للدفاع عن الحق مهاجما للباطل لا يعرف المهادنة فهو سريع البديهة".
علقت بذهن دويك ذلك اللقاء الصحفي الذي سأل فيه صحفي نمساوي الرنتيسي إن كان يقبل بوجود الاحتلال على أرضه , فأجابه بنعم ! وعندما حاول تنبيه الرنتيسي خشية عدم فهمة للإجابة مضى الرنتيسي ليقول للصحفي "لماذا لا تقبله أنت على أرضك؟!" .
وتابع:"تعجبت من إجابته وقد رفض الصحفي بقبول الاحتلال على أرضه فعاد الرنتيسي ليقول أليس هذا نفاق سياسي أن تقبل به على غير أرضك ولا تقبل به في بلادك ؟!" .
وامتدح الرنتيسي حين وصفه بسهم في الحق شهم بكافة المعايير مضيفا:"مثله لا يمكن أن يموت كما يموت الآخرون وقد اعتبر نفسه تلميذا للشيخ ياسين حتى لحق به" .
ويرى المحلل الصواف أن الرنتيسي لعب دورا هاما في الإبعاد حيث مثل الوجه الخطابي للمبعدين مع العالم .
وأشار أن قيادته وحنكته تمكنت من تحدي الاحتلال والقضاء على سياسة الإبعاد خارج فلسطين عندما حشّد إخوانه خلف خيار العودة للوطن .
ولازالت فلسطين كلها تردد كلمات الرنتيسي ولم تزد ذكراه التي توافق السابع عشر من إبريل في كل عام المسلمين والفلسطينيين إلا حبا له .