غزة/ أمينة زيارة
بينما كان عمال الأنفاق يحاولون استخراج دفعة جديدة من المراوح لصالح إحدى شركات الأجهزة الكهربائية ، تسارعت دقات قلب القائمين على الشركة خوفا من تكسرها وتكبدهم الخسارة دون تعويض.
وأمام غياب البدائل تتدفق الأجهزة الكهربائية المصرية إلى غزة المحاصرة رغم افتقارها للجودة وعدم تلبيتها رغبات المواطنين الذين يجدون أنفسهم مضطرين لاقتنائها.
** تفتقر للجودة
وتعد الأنفاق النافذة الوحيدة على العالم التي يتنفس عبرها التجار كي يعيدوا الحركة إلى السوق المحلي ورغم تلك الايجابيات ، إلا أن مدير محلات اليازجي للأدوات الكهربائية يرى أن بعض تلك الأدوات سواء المنزلية أو الكهربائية تفتقر إلى الجودة ولا يوجد لها ضمانات أو قطع غيار للصيانة لأنها دخلت عبر الأنفاق، وقال: "نطلب من القائمين على الأنفاق مواصفات معينة للأدوات الكهربائية تلبية لحاجة الزبون الذي تعود أن يأخذ بضائع مميزة لكننا فوجئنا في بعض الأحيان بضعف جودتها وعطل جزء كبير منها.
ويعتقد اليازجي أن البضائع المصرية بشكل عام تفتقر للجودة والمواصفات العالية فهي لا تجد لها رواجاً في مصر فيتم الزج بها عبر الأنفاق إلى السوق المحلي خاصة أنهم يعلمون مدى حاجة الشارع إلى مثل هذه المواد ، كما أن الأدوات المنزلية من زجاج وبلاستيك يصل أغلبها مكسورا ولا يمكن إصلاحها فيضطر التجار لتحمل الخسارة.
ويؤكد اليازجي أن افتقار الأدوات المهربة عبر الأنفاق إلى المواصفات المطلوبة والمجازفة بإدخالها رغم احتمال تعرضها للكسر ، عرض التجار لخسارة ، منوها إلى أن سعر الأدوات الكهربائية أصبح مضاعفا على التاجر مما اضطره إلى رفع سعرها في السوق المحلي ، لكنه استدرك بالقول " رغم هذه المعوقات نجد أنفسنا مضطرين إلى استيراد مثل هذه البضائع لأن الشارع الغزي بحاجة لها".
وبحسب المهندس أبو مصعب الذي يمتلك محلاً لبيع وصيانة أجهزة الكمبيوتر فإن البضائع التي تدخل عبر الأنفاق لاسيما الأجهزة الالكترونية جودتها ضعيفة جداً رغم أن سعرها في السوق أقل، إلا أنها تلقى رواجاً بين المواطنين الذين يبحثون عن الأسعار المنخفضة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب .
ويقول أبو مصعب " البضائع المصرية التي تفتقر للجودة غطت على البضائع الأخرى وأضعف كمية المبيعات منها ، مما دفع بعض أصحاب المحلات التي لا تتعامل مع مثل هذه البضائع إلى إغلاق محلاتهم.
ويشير أبو محمد رجب صاحب محل أدوات منزلية امتلأ بالعديد من أنواع المراوح والغسالات الصغيرة وقد بدا عليها غبار الأنفاق إلى أنه للمرة الأولى التي يغامر ويتاجر بمثل هذه الأدوات خاصة أنه كان يركز على الأدوات المنزلية البلاستكية والزجاجية، قال أنه عندما فحص كمية من البضائع التي وصلته وجد بعضها متعطل وتحمل خسارتها ، وتابع " خسارتها أكثر من ربحها".
**المواطن ضحية
من جهتهم اشتكى المواطنون المستهلكون لمثل هذه البضائع بشكل دائم من أعطال تلك الأجهزة التي تفتقد إلى الجودة والضمان وقطع الغيار ، وفي هذا السياق أكد المواطن "شكري ناجي" والذي اشترى مؤخرا مروحة بثلاثمائة شيكل أن سعرها قبل الحصار لم يكن يتجاوز مائة وثمانية شيقل ، وقد تفاجأ بعطل في محركها وتوقفها عن العمل بين الحين والأخر.
وعندما حاول ناجي مراجعة صاحب المحل الذي اشتراها منه كان رده " اشتريتها مني تعمل وقد جربتها أمامك " .
وبحسب المواطن فانه وقع والتاجر ضحية للبضائع المصرية قليلة الجودة، كما لا يوجد قطع غيار لها، موضحا أن شقيقه اشترى ثلاجة جديدة ، ولم يمض عليها عدة أيام حتى توقفت عن التبريد ، وتابع "هذه مشاكل المنتجات المصرية المهربة عبر الأنفاق"، داعياً وزارة الاقتصاد إلى مراقبة دخول مثل هذه الأدوات إلى قطاع غزة حتى لا يقع المواطن ضحية لقلة جودتها.
وأظهرت دراسة بحثية أعدها الباحث محمد حلس من جامعة القدس المفتوحة بعنوان "أثر التجارة عبر أنفاق التهريب على قطاع تكنولوجيا المعلومات في قطاع غزة" استهدفت أربع عشر شركة من شركات تكنولوجيا المعلومات في محافظة غزة أن 94% من مستوردي المنتجات التكنولوجية عبر الإنفاق يؤكدون بأن منتجاتهم تفتقر إلى الجودة والمواصفات المطلوبة، وإن 60% من الفئة المستقصية أجابت بأن شركات قطاع تكنولوجيا المعلومات أصبحت غير مهتمة بدراسة احتياجات السوق، إلى جانب 53 % منها قالت بأن فرص البدائل والخيارات أصبحت محدودة لدى الزبائن في اختيار السلع، وأشارت 65 % من العينة بأن غياب الرقابة على المنتجات ولوازم أجهزة الكمبيوتر التي يتم تهريبها عبر الأنفاق لا تلبي مواصفات المستهلكين و88% من الفئة المستقصية أكدت بان أنفاق التهريب أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل واضح، وأن ما يقوم باستيراد وتهريب الأجهزة غير مؤهلين للتجارة في هذا المجال والذي نتج عنه خلق تضارب كبير في الأسعار، كما وتأثرت مبيعات ما نسبته 77% من العينة نتيجة عدم التزامها بتوفير المنتجات في الوقت المناسب .
كما أوضحت الدراسة أن 53% من الشركات تأثرت مبيعاتها لعدم توفر ضمانات على الأجهزة المهربة عبر الأنفاق فيما تراجعت ما نسبته 59% من العينة علاقاتها مع المؤسسات الرسمية منها الأكاديمية وغيرها نتيجة ظهور علاقة مباشرة بين تجار الأنفاق وتلك المؤسسات، وأشارت 65% من العينة إلى ازدياد المنافسة بين شركات تكنولوجيا المعلومات وظهور حالة من المنافسة غير الطبيعية .
هذا وقد خلصت الدراسة إلى جملة من التوصيات أهمها حث الوزارات والمؤسسات المعنية على وضع نظام رقابة على المواصفات للمنتجات في ظل الحصار الحالي ،ودعوة شركات التكنولوجيا إلى مراجعة سياسات البيع والتعامل والتنسيق فيما بينها ، وحث المؤسسات الرسمية الأكاديمية والتعليمية على التعامل مباشرة مع شركات تكنولوجيا المعلومات.