قائمة الموقع

حق العودة .. حلم كبير يسكن قلوب الصغار في غزة

2011-05-14T05:39:00+03:00

الرسالة نت- ميرفت عوف

أسماء طفلة في الحادية عشرة من العمر لديها معلوماتك كافية عن أصول صديقاتها في المدرسة ، البعض قد يعتبر قيامها بتعريف الفتيات بأسمائهن ثم ذكر الأصل الذي تعود له هذه الصديقة أمرا غريبا، لكن الفتاة لا تكتفي بذلك فقد تواصل التميز بين أصل هذه العائلة وغيرها رغم أنها تحمل ذات الكنية.

تبدو هذه الفتاة قمحية اللون ذكية ومدركة أكثر من مجموعتها لحكاية العودة فهي تؤمن أنها تعيش مؤقتا بغزة وأنها ستعود يوما ما إلى قريتها "يبنا" على غير حال الكثير من الأطفال الذين قد يغيب عنهم هذا الشعور، ورغم أن والد أسماء لا يعي تفاصيل النكبة لأنه ولد بعدها تتوق الصغيرة أسماء لسماع كل شيء عن هذه الحدث الكبير" النكبة " وعن "الأصل" ، أحيانا تشعر بالخوف للقصص والراويات المفجعة التي سمعتها عن المذابح وأحيانا تتعلق أكثر بالذكريات الجميلة عن المكان والحياة في قريتها الأصلية.

صديقتها سوسن التي تدرس في الصف السابع بإحدى مدراس الوكالة في مخيم الشاطئ تحب أن تبادلها الحديث عن القرى والحكايات التي سببت هذا التهجير ، ومع اقتراب ذكرى الخامس عشر من أيار تتمتع الفتاة بالمزيد من الحديث من حولها عن حكاية العودة حيث تغذي النشاطات المدرسة التي ستعرض هذا الفضول لديها.

تقول هذه الفتاة:" أحب أن أعود إلى بلدنا الأصيلة ، الحياة هنا المخيم مؤقتة وغير مريحة ، وأنا أعرف أننا سنعود يوما ما على ديارنا وأشعر أن هذا اليوم قريب ، خاصة أن أبي أخبرني أن ما يحدث في العالم شيء جميل وقد بدأ العرب يفيقون من أجل قضياهم المهمة " .

يافا عروس البحر

مع اقتراب الخامس عشر من مايو من كل عام يقرع حلم العودة إلى يافا  "عروس البحر"  قلب الطفل أحمد – 8سنوات – من خانيونس ، ويزداد شوقاً إليها رغم أنه لم يرَّ تفاصيلها إلا في حكايات الجدة ولم يلمس تراب أرضها الخصبة ولم  يشتم رائحة لوزها وبرتقالها وليمونها .

لسان حال أحمد يقول:"أن الأمل بالعودة إلى ديار الأجداد مجرد حلم لكنه أبداً لن ييأس من تحقيقه يوماً وإن قضى أجله فسيحقق حلمه أبناؤه وأحفاده".

وتسكن يافا عروس الساحل الجميلة في مخيلة أحمد وتستوطن لبه، يعرف عنها جمال شاطئ بحرها الساحر الدافئ وحدائق بساتينها المزدحمة بأشجار البرتقال الشهية والعنب والليمون والتين، ويتمنى أن يستعيد أرض جدته التي سلبها المحتلون وشردوا منها أهلها في مذابح عام 48.

كثيراً ما يطلب أحمد من جدته أن تعيده إلى يافا بحكاياتها عن تفاصيل  الحياة فيها قبل التهجير والنزوح فتقص عليه بعضاً من مشاهد حياة الدلال التي عايشتها في يافا مع شقيقتها سعاد، تؤكد له أن الحياة كانت رائعة بحب ودفء مشاعر سكان يافا القديمة وبخاصة " حي العجمي " الذي كانت تقطنه وعائلتها وتشير له أن بلدة يافا القديمة خلت إلا من بعض  السكنات وبقية الأرض كانت على مرمى البصر مزروعة بأشجار البرتقال والعنب والتين والليمون.

يقول أحمد أنه كلما سمع بجمال وروعة وطنه الأصلي ومقارنته مع يعيش عليه الآن يحن إلى أن يشتم رائحة تراب وطن أجداده، ويضيف أنه لن يتنازل عن حلمه بالعودة خاصة وأنه ما زال يحتفظ بمفتاح بيت أجداده .

التعزيز مسئولية جماعية

د. داوود حلس، أستاذ  التربية بالجامعة الإسلامية يبين لنا أن الجهد الأساسي في تعميق حق العودة لدى الطفل الفلسطيني ملقي على الأسرة، ويقول:" الأسرة لها دور كبير في تعزيز ثقافة العودة لدى الطفل الفلسطيني، فالطفل كثيراً ما يستمع من الآباء أو الأجداد عن أيام النكبة، كيفية نزوحهم من الوطن الفلسطيني ، ماذا حدث ، يصف القرية له بجمالها وعاداتها وتقاليدها ".

ويواصل الحديث عن دور الأسرى :" هنا ينشأ الطفل الفلسطيني وهو يعرف أين نبتت جذوره وما الذي أبعده عن موطنه وكيف يعود وحتمية العودة " .

ويتطرق د. حلس إلى أهمية دور المدرسة أيضا في تعزيز حب العودة لدي الطفل فيقول :" أن التعزيز لدى الطفل الفلسطيني بأصوله التاريخية  يجب أن تقوم به المناهج الدراسية "، وهنا ينتقد التربوي حلس فقر المناهج الفلسطينية ووفق دراسات لثقافة العودة،

وأضاف قائلاً:"هناك بعض الأسطر في كتب المواد الاجتماعية أو كتب المطالعة لكنها محدودة" ، مشددا على أن الموضوعات التي يطرحها المعلم من خلال دروس التعليم من شأنها أ تعزز ثقافة العودة لدى الأطفال، وكذلك الأنشطة المدرسية كالإذاعة الصباحية وموضوعات التعبير أو الرحلات المدرسية.

من ناحية أخرى بيَّن د. حلس أن تعزيز ثقافة العودة لدى الأطفال لا يقتصر فقط على الأسرة والمدرسة وإنما يضاف إليه أيضاً دور الإعلام الفلسطيني بأنواعه مؤكداً على دوره الكبير في نشر ثقافة العودة لدى الأطفال ولدى الأسرة من خلال البرامج المختلفة.

وشدد على ضرورة  أن نعزز حق العودة للطفل من ناحية جمالية عن طريق سرد القصص عن واقع الأرض التي اغتصبها الاحتلال ووصف تفاصيل العيش فيها، لافتاً أن تلك القصص تحقق غرض التسلية بالإضافة إلى تعزيز الناحية  الوطنية في نفوس الأطفال، نتمنى أن نشارك جميعاً سواء الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات المجتمع المحلي والإعلام في بناء الإنسان الفلسطيني الذي نريده لمجتمعنا الفلسطيني.

وأكد حلس على إيمانه بأن كل طفل فلسطيني معزز بهذه الثقافة، مدللاً على ذلك بأن الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يتلقون تعليمهم في مدارس تحمل أسماء بلدات أجدادهم التي هجروا منها.

المجدل، وصفد، ويافا، والقسطل مدارس تحمل أسماء بلدات الأجداد وتحتفظ في ذاكرتها بنبذة عن سبب تسمية المدرسة بهذا الاسم.

 

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00