الرسالة نت -محمد أبو قمر
علا هدير الشاحنات القادمة من معبر كرم أبو سالم محملة بالسلع بعد رحلة دامت ساعات داخل المعبر الحدودي الى الجنوب من قطاع غزة.
أمام نقطة التفتيش التابعة لشرطة المعبر يتوقف ضجيج الشاحنات قليلا ايذانا بإلقاء نظرة سريعة على محتوياتها ، قبل أن تستكمل مسيرها نحو إنهاء اجراءات الرقابة والتخليص التي تتولاها جهات الاختصاص المختلفة في المعبر.
يوم عمل شاق يقضيه العاملون في معبر كرم أبو سالم غير المؤهل عاشت "الرسالة" جزءا منه، بعدما قررت قوات الاحتلال اعتماده معبرا رئيسا لإدخال البضائع لغزة دون أن تلتفت للأصوات التي ترفض تلك الخطوةـ، نظرا لعجز طاقته الاستيعابية عن سد حاجة السكان, وارتفاع تكاليف النقل بحكم موقعه الحدودي.
طاقة محدودة
لم تكن الطاقة الاستيعابية لمعبر كرم أبو سالم تتجاوز التسعين شاحنة شهريا قبل الحرب الاسرائيلية على غزة، فيما كانت توزع بقية السلع على المعابر التجارية الاخرى لاسيما كارني وصوفا، والكلام يعود الى المهندس حاتم عويضة رئيس الهيئة العامة للمعابر والحدود.
ويشير الى أن كرم ابو سالم كان مخصصا لدخول المساعدات فقط، وتم فتحه استثناء للتخفيف من الضغط على معبر صوفا.
بينما تحدث ناهض شحيبر نائب رئيس جمعية النقل الخاص أن ذات المعبر جاء بديلا عن معبر رفح التجاري، وطاقته محدودة فقط لاستقبال السلع القادمة من مصر فحسب، ومعبري بيت حانون "ايرز" والمنطار "كارني" هما الاساسيان لاستقبال البضائع.
وتظهر البيانات التي يعتمد عليها الرائد حسين عدوان نائب مدير شرطة معبر كرم أبو سالم الى أن الطاقة الاستيعابية له بعد اعتماده بشكل تدريجي لإدخال البضائع، وقبل اغلاق المعابر الاخرى كانت تقدر ما بين ستين الى سبعين شاحنة يوميا، وتضاعف ذلك العدد هذه الايام لأربعة أضعاف.
واتخذ الاحتلال من الدواعي الامنية أعذارا لاعتماد كرم أبو سالم لإدخال البضائع بشكل أساسي واغلاق المعابر الاخرى، وذلك لأنه يقع في منطقة نائية بعيدا عن مناطق الاحتكاك.
وتوجت توجهات الاحتلال لإغلاق جميع المعابر التجارية والابقاء على كرم أبو سالم باتفاق أبرم نهاية العام الماضي بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني الذي تمثله هيئة الشئون المدنية ومدير المعابر بسلطة رام الله، كان يقضي بتحول معبر كرم أبو سالم بدءا من نهاية يناير الماضي كمعبر وحيد لإدخال مختلف أصناف البضائع التي يسمح الاحتلال بوصولها إلى غزة.
رحلة شاقة
في ساعة مبكرة تبدأ رحلة شاقة في معبر كرم أبو سالم يخوضها التجار والعاملين وسائقو الشاحنات خلال أيام العمل التي يقررها الاحتلال.
تمام السادسة والنصف صباحا تصطف الشاحنات على البوابة الخارجية للمعبر بانتظار سماح الطرف الفلسطيني دخولها عند ضبط الساعة مؤشرها على السابعة.
ويسرد تفاصيل العمل اليومي مظهر شحيبر مندوب شركة شحيبر المتوكلة بنقل البضائع من الطرف الاسرائيلي الذي يبعد عن أماكن تواجد ادارة المعبر الفلسطينية ما يزيد عن ثلاثة كيلو مترات، ويمنع الاحتلال غير سائقي شاحنات الشركة من الاقتراب منه.
ينسق التجار ومندوبو شركة النقل مع الطرف الاسرائيلي، حتى يسمح بدخول ثلاثين شخصا من سائقي شركة شحيبر "شاحنات+ مزاليق".
ويقول شحيبر " قبل دخول منطقة نقل البضائع القريبة من الاحتلال، يضطر كل سائق للكشف عن جسده بأوامر من الجنود الذين يراقبون المنطقة بآليات تصوير متقدمة، وبعدها يسمح لهم بممارسة عملهم".
بمنطقة ملاصقة للطرف الاسرائيلي على المعبر خصصت مساحة كبيرة قسمت لثلاث حجرات عملاقة، لكل واحدة منها بوابتان الكترونيتان احداها مطلة على الجانب الاسرائيلي، وأخرى على نظيره الفلسطيني.
وبحسب شهادات القائمين على شركة شحيبر "للرسالة"، فانه في الوقت الذي تفتح فيه البوابة على الجانب الاخر لدخول شاحنات الاحتلال تبقى البوابة المطلة على العاملين مغلقة لحين تفريغ شحناتها كاملة، وملء الحجرة.
وأشاروا الى أن الشاحنات التي تدخل من طرف الاحتلال تمر عبر اشعة تفتيش خوفا من تهريب (ممنوعات) الى غزة بعدما يغادرها السائق نظرا لخطورتها على صحة الانسان.
وفور انتهاء الطرف الاسرائيلي من تفريغ السلع الواردة للقطاع، يُدخل الجنود كلابا بوليسية لتفتيش البضائع مرة أخرى، ومن ثم تغلق البوابة الاسرائيلية تلقائيا، وتفتح من طرف العمال الغزيين.
ويقول شحيبر " هذه اجراءات أمنية يتبعها الاحتلال، ولا نلتقي بالعمال الاسرائيليين، وأثناء تفريغ السلع ينتقل الجانب الاسرائيلي لتعبئة الحجرة الثانية، ومن ثم الثالثة، وهكذا تسير دورة العمل حتى انتهاء اليوم".
وتتولى شركة شحيبر اعادة تحميل البضائع ونقلها بالشاحنات التابعة لها لمسافة تقدر بكيلو متر تحت رقابة الاحتلال، ثم يعيدون تفريغ السلع في منطقة أقرب للطرف الفلسطيني تقدر مساحتها بأربعين دونما، وثم يتولى كل تاجر تحميل السلع الواردة له سواء من خلال شاحناته الخاصة، او تلك التابعة لشركات نقل.
وتحصل شركة شحيبر مقابل نقل كل شاحنة "جار ومجرور" خمسمائة شيقل، فيما تحصل مقابل كل شاحنة "رأس فقط" مائتين وخمسين شيقل.
وتختلف المدة التي يستغرقها تحميل وتفريغ كل شاحنة حسب طبيعة السلعة .
نقل البضائع
وتحتج شركات النقل الخاص على انفراد شركة شحيبر بتولي مهام النقل بين طرفي المعبر، ويقول عويضة أن الشركة كانت تتولى ترتيب وتنظيم حركة النقل في كرم أبو سالم منذ أن كان عمله محدودا، وبقيت على حالها بعد توسيع طاقته.
ويشير عويضة الى أن نظمي مهنا مدير هيئة المعابر في الضفة يريد أن يبقى الحال على ما هو عليه، لكنه أكد أنهم على تواصل مع جمعية شركات النقل الخاص للضغط باتجاه تدوير وتغيير الشركات التي تتولى مهام النقل في المعبر وذلك وفق معايير فنية ومهنية بحتة.
ويضيف عويضة " من غير المعقول أن يتم حصر حق نقل البضائع بين الطرفين بشركة واحدة وتحتكر المهام، وعلى بقية الشركات أن تأخذ دورها".
ويشير الى أن الشق الامني الذي يتذرع به الاحتلال يمكن أن ينطبق على شركات أخرى.
وكانت جمعية شركات النقل الخاص علقت عملها في المعبر في وقت سابق احتجاجا على اغلاق بقية المعابر التجارية من قبل الاحتلال وحصرها في كرم أبو سالم.
وفي هذا الصدد يقول ناهض شحيبر نائب رئيس جمعية النقل الخاص: " نعاني من الاحتكار بالمعبر من طرفين اولهما على الجانب الاسرائيلي المتمثل في شخص "نيسيم جان"، والاخر نظمي مهنا مدير المعابر بسلطة رام الله.
ويتهم شحيبر مهنا بالشراكة مع "جان" الاسرائيلي ويعمل معه بالخفاء لفرض ايجار نقل على الشاحنات، كنظام "خاوة" دون أي وجه حق.
ويشير نائب رئيس الجمعية الى أن مهنا معني ببقاء احتكار شركة واحدة لنقل البضائع بين الطرفين داخل المعبر، وقال عنه " يتعامل مع القضية "بالبزنس" منذ عام 1997 ".
ويؤكد أن مهنا يحصل على نسبة من المال مقابل الاموال التي يتلقاها الطرف الاسرائيلي على نقل البضائع.
وطالب نائب رئيس جمعية النقل الخاص بإلغاء الاحتكار وأن تكون حركة النقل حقا للجميع، وهو ما ينص عليه الاتفاق بين جمعيته والسلطة بداية العام 2007 .
من الجدير بالذكر أن قوات الاحتلال تغلق معبر كرم أبو سالم بين الفترة والاخرى بدواعي تصفها بالأمنية الامر الذي يسبب خسائر كبيرة للتجار على المعبر الوحيد الذي يعمل في قطاع غزة.
مراقبة ومتابعة
بعد نقطة التفتيش القريبة من بوابة معبر رفح مع مصر والخاصة بشرطة كرم أبو سالم ، يمنع دخول غير السائقين والعاملين في جهة متقدمة من المعبر التجاري.
حاولت "الرسالة" التقدم بالمركبة التي تقلها وتحمل اشارة الصحافة برفقة الضابط المشرف على الشرطة العاملة في المكان، لاسيما أن الحديث يدور عن مسافة ثلاثة كيلو مترات يقطعها سائقو الشاحنات للوصول الى نقطة متقدمة داخل المعبر قبل الوصول للطرف الاسرائيلي.
على جانبي الطريق الاسفلتي الطويل تصطف الشاحنات في انتظار السماح لها بالدخول، ويخترق أصوات الشاحنات العائدة من المعبر محملة بالبضائع الهدوء النسبي الذي يعم المكان.
اضطر الضابط خلع قبعته الشرطية، لاسيما أن الاحتلال يمنع دخول أي جهة رسمية من الجانب الفلسطيني للمنطقة، فيما تتولى شركة شحيبر مهام النقل وتنظيم الحركة.
تبدو المساحة خالية على جانبي الطريق المعبد، وتظهر نقاط المراقبة المصرية جلية، فيما أوقف مندوبو شركة النقل سيارة "الرسالة" مرتين وحذروها من الاقتراب أكثر خشية أن يوقف الاحتلال عمل المعبر، اذا شعر بوجود تحرك غريب في المنطقة.
يهرب السائقون من أشعة الشمس الى ظل شاحناتهم، يتسامرون فيما بينهم، ويقص أبو أحمد رحلته اليومية التي تبدأ الساعة الثامنة صباحا عندما يصل بوابة المعبر ويحصل على "كرت أصفر" من شرطة المعبر مدون فيه رقم دخول الشاحنة وتفاصيل مهمتها.
ينتظر أبو أحمد ساعات كي يتسنى تحميل السلع المخصصة له، ويقول " الخدمات غائبة، ولا يوجد دورات مياه داخل المعبر، وحتى لا تتوفر المياه في بعض الاحيان".
في رحلة العودة من المعبر تخضع الشرطة الشاحنات لتفتيش الشرطة ومن ثم يمنحهم موظف الجمارك اذنا بالخروج، وبعدها يتجه السائقون لمندوبي الوزارات المختلفة على المعبر لمراقبة السلع كل حسب تخصصه.
ضبط العمل
وتكمن مهمة شرطة المعابر بترتيب العمل وتنظيمه في حالة دخول الشاحنات وخروجها، ويقول نائب مدير شرطة المعبر الرائد عدوان " نصدر بطاقات لكل من له علاقة بالمعبر سواء السائقين أو المندوبين والتجار، وموظفي الوزارات".
وتخضع الشاحنات لفحص أمني في الصباح لحظة دخولها المعبر، وتفتيش حمولتها عند العودة خوفا من وجود ممنوعات سواء أسلحة أو متفجرات أو مخدرات وما شابه.
ويشير عدوان الى أن ضخامة عدد الشاحنات وزيادتها بشكل تدريجي بسبب تحويل الاحتلال لجميع البضائع الى كرم أبو سالم دفعهم لتفتيش الشاحنات بشكل سريع، الا اذا وصلتهم معلومات عن شاحنات مخالفة فانهم يدققون في حمولتها.
وتخضع حركة الشاحنات لضوابط تتمثل بإذن الخروج الذي يعد ورقة مشتركة بين جميع الوزارات التي لها تواجد على المعبر.
وذكر نائب مدير شرطة المعبر أنهم وفروا قاعدة بيانات لجميع الشركات ذات العلاقة بالمعبر، وأصدروا بطاقات لهم.
وتتواصل الشركات مسبقا مع الوزارات المدنية وتسجل البضائع التي ستستوردها، ولكل منها شاحناتها الخاصة ، ومندوبون يتوجهون للمعبر يتواصلون مع التجار من الطرف الاخر.
وتحصر شرطة المعبر جميع الكميات الواردة يوميا الى غزة.
وتتولى دائرة الامن الجمركي بمعبر كرم أبو سالم الرقابة، ويقول مديرها أحمد المصري " دورنا رقابي فقط، ندقق البيانات ولا نجبي ضرائب، فالبضائع مجمركة من قبل الاحتلال بالتنسيق مع رام الله".
وتطابق دائرة الجمارك الكميات الواردة الى غزة مع المستندات المسجلة مسبقا لدى التجار.
ويؤكد المصري أن الرقابة تساعد على منع تهريب البضائع، لاسيما أن البعض يحاول وضع كميات اضافية على البضائع المسجلة.
وتنص الاتفاقات الاقتصادية المنعقدة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لاسيما باريس على أن الاخير هو المخول بجني الضرائب.
وتُصعب فجوة المسافة بين طرفي المعبر الاسرائيلي والفلسطيني من اجراءات الرقابة والتفتيش على خلاف المعابر التجارية الاخرى التي أغلقها الاحتلال.
ويشدد المصري على أنهم ضبطوا عملية دخول المساعدات الى غزة بعدما حاول البعض استغلالها لاسيما وقت الحرب على غزة عندما اضطرت ادارة المعبر اخلاء المكان.
وقال " كان يمكن البعض استغلال للمساعدات ، كأن يجلبها على اعتبار أنها مساعدات خيرية بهدف التهرب من الضريبة، ومن ثم يبيعها في السوق.
ويوجد على معبر كرم ابو سالم مندوب من وكالة الغوث للإشراف على دخول المواد المخصصة لهم، وذلك في اطار عملية ضبط آلية العمل.
ولفت المصري الى أن أي جمعية تنتظر دخول مساعدات لها عليها التواصل مع وزارة الشئون المدينة بتفاصيل السلع القادمة، التي بدورها تتواصل مع دائرة الجمارك، كي يكون لديها قاعدة بيانات عن جميع السلع الواردة.
وبحسب المصري فان التنظيم الاداري والتدقيق على المعبر أفضل بكثير من أوقات سابقة، مما يسهل ويسرع سير العمل.
عراقيل الاحتلال
وأثارت اجراءات الاحتلال العازمة على اغلاق جميع المعابر نهائيا، واعتماد معبر كرم أبو سالم فقط، سخط التجار وشركات النقل، بسبب عدم تأهل المعبر لاستيعاب الكم الهائل من المواد من جهة، وزيادة تكاليف النقل من جهة أخرى.
ويشتكي السائق أبو محمد من الاجراءات الامنية المعقدة في عمل المعبر على الطرف الاسرائيلي، مما يزيد من ساعات الانتظار في ظل افتقاره للخدمات.
ويقول حاتم عويضة رئيس هيئة المعابر أن المنطقة المخصصة لنقل البضائع من الجانب الاسرائيلي تستوعب ما بين 240-300 شاحنة من شتى الاصناف، مع ان حاجة غزة تقدر ما بين 640-700 شاحنة، أي ما يوفره الاحتلال من تجهيزات لا تتعدى الــــــ40%.
ويرى عويضة أن مشكلة اعتماد كرم أبو سالم كمعبر وحيد متعددة منها أن الاحتلال لا يسمح بإدخال مزيد من التجهيزات اللوجستية على المعبر، وحركة الشاحنات المتزايدة على طريق صلاح الدين غير مؤهل لسير عدد كبير من الشاحنات مما سيتسبب باختناق مروري.
وفي السياق ذاته يشير نائب مدير شرطة المعبر الى أن معلومات رسمية وصلتهم من شركة جورج عقل المسئولة عن نقل الحصمة من الجانب الاسرائيلي بأن الاحتلال يستعد لإدخال الحصمة عبر كرم أبو سالم بدلا من صوفا.
ويبلغ عدد الشاحنات التي تقل الحصمة لمشاريع وكالة الغوث ما بين 60-80 شاحنة يوميا.
ويقول عدوان " سيشكل ذلك ضغطا اضافيا على المعبر، حيث يتوقع أن يبلغ متوسط عدد الشاحنات اليومي التي تمر عبر كرم أبو سالم ما يقارب 350 شاحنة، مما سيزيد من الضغط المروري على شارع صلاح الدين".
لكن عويضة لفت الى أن المنطقة التي يحاول الاحتلال تخصيصها لنقل الحصمة غير مهيأة للعمل بعد.
ويتحدث ناهض شحيبر نائب رئيس جمعية شركات النقل الخاص عن أن اعتماد معبر كرم أبو سالم سيزيد من تكلفة النقل، وستنعكس على زيادة السعر على المستهلك.
ويتابع " في الضفة لا تدفع أية رسوم على نقل البضائع على خلاف غزة، واذا كان الجانب الاسرائيلي يدعي أنه نقل المعبر لحجج أمنية فعليه أن يتحمل التكاليف الاضافية".
ونوه شحيبر الى أن اكبر طاقة استيعابية لمعبر كرم ابو سالم 200-250 شاحنة، بينما كان معبر المنطار يستوعب ما بين 600-700 شاحنة.
ولعل نقل المحروقات عبر ذات المعبر يعد المشكلة الاكبر نظرا لغياب المخازن الخاصة، وتقوم آلية نقله من خلال أنبوب واصل بين شاحنتي النقل المتواجدة على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني مباشرة.
ويقول القائمون على المعبر أن حاجة غزة من الوقود بشكل كامل حتى لو استمروا طوال اليوم إذا بقي النقل بهذه الطريقة.
وبحسب القائمين على دائرة الامن الجمركي فان ادخال الأبقار والاغنام بفترات متباعدة عبر كرم أبو سالم يزيد من الخسائر التي تلحق بالتجار حيث أنها تصل من مسافات بعيدة، وعند محاولات نقلها بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني يموت عدد منها جراء التدافع وصعقها بالكهرباء.
تطوير المعبر
في مشهد آخر من المعبر يحاول سائق شاحنة تقل مجمدات انهاء اجراءات خروجه من المعبر بسرعة بعد ساعات طويلة قضاها بداخله.
ويظهر التقرير الاسبوعي لحركة الشاحنات على معبر كرم أبو سالم ما بين السادس عشر والثاني والعشرين من الشهر الماضي أن مجمل عدد الشاحنات التي وصلت المعبر بلغ ثمانمائة وسبعة عشر شاحنة ، من بينها سبعمائة وست شاحنات مخصصة للبضائع، وتسع وثلاثين للمحروقات، واثنين وسبعين مساعدات انسانية.
ويفيد ذات التقرير أنه تم ادخال أربعين سيارة جديدة الى غزة، فيما سمح الاحتلال بتصدير شاحنة ورود واحدة فقط.
وتكشف الاحصائية الى أن عدد شاحنات المواد الغذائية الأوفر حظا حيث بلغ مائة واثنين وثلاثين، ومن ثم الاعلاف والحبوب بواقع مائة وثمانية وعشرين شاحنة، واللحوم المجمدة بمعدل خمسة وخمسين شاحنة، وأربعة وخمسين شاحنة فواكه.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أعربت عن قلقها الشديد من قرار إسرائيل إغلاق معبر المنطار بصورة نهائية، مطالبة إسرائيل بفتح جميع المعابر مع القطاع وفقا لالتزاماتها الدولية.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن قرار إغلاق كل من معبر المنطار وناحل عوز وصوفا سابقا يدل على سعي الاحتلال لتشديد الحصار ومواصلة تدمير اقتصاد قطاع غزة.
وحذر من عواقب ذلك على تدفق السلع والحاجات الأساسية لسكان القطاع المدنيين.
ويعتبر معبر المنطار، الذي أغلقته إسرائيل، منذ إنشائه في عام 1995، المعبر التجاري الرئيسي لقطاع غزة، وهو الأكبر من حيث القدرة الاستيعابية لتدفق البضائع الواردة وتصدير منتجات القطاع أيضا.
وحسب اتفاقية المعابر المبرمة في نوفمبر 2005، فإن القدرة التشغيلية للمنطار تسمح بتصدير 400 شاحنة يوميا من الخضار والفاكهة والمنتجات الصناعية والتجارية، واستيراد 600 شاحنة يوميا من احتياجات القطاع من السلع والبضائع.
وأمام اصرار الجانب الاسرائيلي على اعتماد معبر كرم أبو سالم بشكل منفرد لإدخال جميع البضائع، تجهز الهيئة العامة للمعابر منطقة بمساحة عشرين دونما تقع الى الغرب من بوابة معبر رفح لتكون مخصصة لاستقبال وتخزين السلع والبضائع، ومحور انطلاق وعودة الشاحنات.
وقال المهندس عويضة "سنتواصل مع جهات دولية لتوفير دعم لإقامة المنطقة ضمن مشروع متكامل.
وأكد أن لدى ادارته مقترحا لتطوير المعبر من خلال تسريع اجراءات التفتيش ومتابعة مرور الشاحنات من الجهة الفلسطينية اذا قرر الاحتلال اعتماده نهائيا كمعبر رئيس، مع تشديده على رفض اجراءات الاحتلال.
في المعبر الحدودي الى أقصى جنوب قطاع غزة بدأت الشمس سحب خيوطها الذهبية ايذانا بطي نهار اليوم، ولا زال يوم العمل الشاق الذي يعيشه عمال المعبر مستمرا...