وكالات - الرسالة نت
رأى مثقفون فلسطينيون بالمهجر أن الاحتجاجات الفلسطينية التي اندلعت في الذكرى الثالثة والستين للنكبة في العديد من المدن والمخيمات، والزحف على الحدود مع "إسرائيل" في سوريا ولبنان، تمثل مؤشرا على يقظة الشعب الفلسطيني بعد الثورات العربية، وأن ذلك سيمهد لمتغيرات عميقة في صلب القضية الفلسطينية.
وقال الشاعر الفلسطيني الكبير مريد البرغوثي المقيم منذ سنوات بالقاهرة، إن اللاجئين الفلسطينيين أعلنوا "بطريقة جديدة وجريئة أنهم ليسوا ملفا ولا أرقاماً، بل بشر فاعلون في التاريخ وأنهم جغرافيا فلسطين التي لا يحق لسفهاء السياسات الرسمية العربية أن يتلاعبوا بها".
وأكد أن انتفاضات الشعب الفلسطيني موج له ذروة بعد ذروة حتى يزول الاحتلال عن البر والبحر، وعلى السلطة أن لا تنصح شعبنا بل يجب أن تصغي لنصائحه، مضيفا "قلتها طوال السنوات السابقة وأكررها اليوم: النصر ممكن، هذه رسالتنا لمن يريد أن يسمع، ولمن لا يريد".
ربح الثورة
في حين يلفت الشاعر الفلسطيني فخري رطروط المقيم في نيكاراغوا منذ عشر سنوات، إلى أن البوصلة الآن هي في الاتجاه الصحيح نحو العدو الرئيسي، فهناك حاجز كسر, مضيفا أن "مشهد جموع فلسطينية وعربية مدنية على الحدود وإطلاق رصاص إسرائيلي يؤذي إسرائيل دولياً، ويقدم مأساة اللاجئين بطريقة إنسانية وبلا رتوش".
ويتابع "الأمور مرشحة لتصبح انتفاضة ثالثة، رغم أن فلسطينيي الداخل منهكون في ظل غياب القيادة التي قادت الانتفاضة الثانية، والأمر مرتبط بحماقة قد ترتكبها إسرائيل لاستباق إعلان الدولة وخلط الأوراق، حماقة تعلن بداية الانتفاضة الثالثة التي ستكون باهظة الثمن، وما أكثر حماقات إسرائيل وما أطول نفس اللاجئ الفلسطيني".
من جهته أشار الشاعر الفلسطيني الشاب غياث المدهون المقيم بالسويد، إلى أن الفلسطينيين قد وصلوا إلى حالة يصعب معها توقع ردودهم، وهي "نفس الحالة من اليأس والشعور بالضياع التي أفرزها خروج المقاومة من بيروت في بداية الثمانينيات وأدت إلى بدء الانتفاضة الأولى عام ١٩٨٧".
وحسب المدهون يبدو حراك الشباب الفلسطيني على الحدود منظماً وله سيناريو معد مسبقا، وهو ما يعني أن الفلسطينيين قرروا الاستفادة من تجارب الثورات العربية حولهم، والبدء بثورتهم بنفس الأسلوب الذي قام به شباب مصر أو سوريا أو اليمن.
ويؤكد "سيقوم الشعب الفلسطيني بالثورة إن عاجلاً أو آجلاً، طالما أنه لا يزال يعيش دون حقوقه المشروعة، وعلى العالم الغربي أن يصبح جاهزاً لتقبل حقوق الشعب الفلسطيني كباقي شعوب العالم".
معجم الثورات
الكاتب والناقد الفلسطيني نصر جميل شعث المقيم بالنرويج لا يمكنه قراءة حضور القضية الفلسطينية بكل أبعادها وملامح وجهها الحقيقي خارج معجم الثورات العربية، التي وضعت الروح الفلسطينية في أولوياتها وأعادت فلسطين كرمز وكمعنى إلى حضن الوجدان العربي الواسع بعد محاولات النظم العربية تضييق هذا المعنى.
ويقول "اليوم فلسطين قضية وشعباً تعود بهذا الزخم المبشّر بعودة المشروع الفلسطيني إلى الحضن العربي، وما حدث من تدفق لفلسطينيي الشتات على حدود فلسطين التاريخية جعل في الإمكان التمسك بالأمل، والوقوف عند شجاعة هذا التدفق إلى الحدود مع دولة الاحتلال في ممارسة وطنية جمالية".
ويشير ذلك إلى الفرق الجوهري بين عودة طبيعية عبر "السياج" تنطوي على حقّ العودة الطبيعي، وبين عودة مقننة من "بوابات" سياسية ما زال الحديث عن طولها وعرضها واستيعابها التدفق غير واضح في أروقة السياسة الدولية.
وأشار إلى أنه يمكن لانتفاضة ثالثة أن تقوم في ظلّ هذه المتغيرات الجديدة، وبالتزامن مع تركيز الشارع العربي على إسقاط نظم القمع، لكن ما هو مخيف أنّ قيام انتفاضة ثالثة سيسميها الاحتلال حرباً ليستخدم ضدها كلّ حماقاته المعهودة حسب رأيه.
وأكد أن هناك تفاؤلا "مصدره التحول السياسي المصري المشرّف، ودور مصر الرائد في السعي لتحقيق كل ما يخدم استحقاق الدولة الفلسطينية".
تراكم انتفاضات
الشاعر الفلسطيني المقيم بالإمارات سليم البيك قال "أنا ابن مخيم، وأعرف تماماً مدى حضور فلسطين ومفاهيم كالنكبة والعودة والتحرير والحرية في كل تفاصيل الحياة في المخيم، وها هي من جديد تنتقل من "المفاهيم" إلى "الحراك الفعلي"، وهو ما شهدنا إحدى صوره على الحدود مع الوطن وداخل المخيمات في الوطن، وهو ما سيتفعّل أكثر، وسينظّم أكثر".
وتوقّع البيك لهذا الحراك أن يتطوّر "حاملاً تراكمَ 63 عاماً من حالة اللجوء واللاانتماء والترقّب والأمل في المخيمات، ومسلّحاً بمفاهيم الثورة والأمل والحرية، وأن الشعوب إذا تحرّكت تنال مرادها، وهو ما قدّمته الثورات العربية.
وأوضح البيك "لا أميل إلى القطع بين هذه الانتفاضات، بل أرى أن كل حراك فلسطيني مهما اختلفت وتيرته أو طبيعته، يعتبر استمرارية لما سبقه، فالقضية ذاتها، وكذلك الشعب والاحتلال والأرض والأسباب.. هي إذن ثورة فلسطينية واحدة طويلة متّصلة، متفاوتة في شدّتها وتجسّدها وأساليبها من المسلّح إلى الجماهيري السلمي إلى الثقافي إلى السياسي.. فلنسمّها انتفاضة، لكني لا أحب عدّ الانتفاضات"
المصدر/ الجزيرة نت