وكالات- الرسالة نت
تناقش قمة مجموعة الثماني التي يستضيفها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في مدينة «دوفيل» الخميس والجمعة المقبلين، خطة تتضمن اقتراحات تدعو الاقتصادات الكبرى والمؤسسات المالية الدولية إلى مساعدة مصر وتونس على إنعاش اقتصاديهما وتلبية حاجاتهما التمويلية العاجلة الناجمة عن الخسائر الاقتصادية والأعباء المالية لثورات «الربيع العربي».
ويعتزم قادة الدول الصناعية الكبرى التركيز، في جلسة عمل خاصة يحضرها رئيس الوزراء المصري محمد شرف ونظيره التونسي الباجي قائد السبسي، على تطورات المنطقة ما يفسر حرص الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه الأخير على رفع سقف خطة المساعدات التي سُلمت مهمة إعدادها إلى مؤسستي «بريتون وودز»، لـ «مساندة جهود مصر وتونس لضمان استقرار اقتصاديهما وتحديثهما».
ويعكف صندوق النقد والبنك الدولي، على إعداد الخطة المرتقبة بدأب وتكتم شديدين. إلا أن القاهرة وتونس بادرتا إلى الكشف عن حاجاتهما التمويلية العاجلة، بعدما أخذتا في الاعتبار ما أعلنه المدير العام المستقيل للصندوق دومينيك ستروس ـ كان ورئيس البنك روبرت زوليك، من برامج تمويل متاحة لبعض الدول العربية وفي مقدمها تونس ومصر.
وعكست الحاجات التمويلية المعلنة مدى فداحة أعباء الانتفاضتين المصرية والتونسية. فبالنسبة إلى مصر، توقع خبراء الصندوق الذين عقدوا، بمبادرة مصرية، محادثات كثيفة في القاهرة مطلع نيسان (أبريل) الماضي، أن تصل خسائر الاقتصاد المصري هذه السنة، إلى تسعة بلايين دولار. وأشاروا إلى أن هذه الخسائر الناجمة عن تراجع النمو، ستساهم في ارتفاع عجز الموازنة المالية المصرية إلى 9.7 في المئة من الناتج المحلي، ما يعادل 22 بليون دولار.
وعلى رغم أن الناتج المحلي المصري يعادل خمسة أضعاف نظيره التونسي (مقوماً بأسعار صرف الدولار)، إلا أن خسائر الاقتصاد التونسي المحتملة هذا العام والناجمة أيضاً عن تراجع النمو لا تقل فداحة، إذ قدرها خبراء الصندوق بنحو بليون دولار، لافتين إلى احتمال أن تترافق مع ارتفاع عجز الموازنة المالية إلى 4.3 في المئة ليصل بذلك إلى نحو بليوني دولار.
وأعلنت الناطقة باسم الصندوق كاثرين أتكنسون، أن حاجات مصر التمويلية في السنة المالية المقبلة 2012 ، تتراوح بين 10 بلايين دولار و12 بليوناً. وفيما أعلن وزير التجارة التونسي مهدي حواس الجمعة الماضي، أن حاجات تونس في المدى القصير تتراوح بين 10 و14 بليوناً، عزا خبراء الصندوق أعباء موازنة تونس إلى خدمة ديونها خصوصاً الخارجية التي تعادل 50 في المئة (22 بليوناً) من ناتجها المحلي مقارنة بديون خارجية مصرية لا تتعدى نسبتها 14 في المئة (33 بليوناً). ومع تأكيدهم على أن فاتورتي ثورة الياسمين في تونس واللوتس في مصر، وتحديداً تراجع النمو الاقتصادي سيكون موقتاً، يستبعد الصندوق تلبية حاجات التمويل الكاملة لأي من البلدين العربيين، على رغم إعلان ستروس ـ كان في مؤتمر صحافي أخيراً، أن حجم الإقراض المتوقع أن تتمكن المؤسسة من توفيره لمجموعة الدول العربية المستوردة للنفط على مدى سنوات يصل إلى 35 بليون دولار.
وأكدت اتكنسون، أن القاهرة التي تحاشت الاقتراض من الصندوق منذ بداية تسعينات القرن الماضي، ولم تستخدم طوال العقود الثلاثة الأخيرة سوى جزء يسير (20 في المئة) من تمويلات التزمت المؤسسة توفيرها لتمويل 4 برامج اقتصادية بلغت قيمتها الإجمالية 1.8 بليون دولار بالأسعار الحالية، أعلنت نيتها السعي إلى تلبية حاجاتها التمويلية من دول مانحة ومؤسسات مالية دولية يشكل الصندوق واحدة منها.
وأوضحت الناطقة الرسمية، أن تحديد حجم التمويل المتاح لمصر سيكون وفق نتائج محادثات يعقدها فريق من خبراء الصندوق مع المسؤولين في القاهرة قريباً، مشيرة في بيان منفصل أصدره الصندوق إلى أن المساهمة التي تملكها مصر في رأس مال المؤسسة، ويتقرر بموجبها حجم الإقراض السنوي المتاح لها بلغت 580 مليون دولار ما يعادل 944 مليون وحدة من حقوق السحب الخاصة.
ووفق أدبيات الصندوق يختلف حجم الإقراض المتاح لأعضاء المؤسسة الـ187 باختلاف غرض الاقتراض، ويتدرج من 25 في المئة من حصة البلد العضو إلى 100 في المئة ومن ثم إلى 300 في المئة، لكن مجموعة من التسهيلات الائتمانية المستحدثة التي فرضتها ظروف الأزمة المالية قفزت بحجم الاقتراض إلى 15 ضعفاً، كما في حال تمويل البرنامج الاقتصادي الإرلندي وإلى 23 ضعفاً في حال البرتغال وقبلها اليونان.
وأيضاً على صعيد الحاجات التمويلية العاجلة لا يبدو أن الصندوق سيلعب دوراً مهماً في مساندة تونس التي يبلغ حجم ديونها الخارجية الحكومية 15 بليون دولار (34 في المئة من ناتجها المحلي). لكن زوليك أعلن أن البنك يعمل على توفير قروض بقيمة 500 مليون دولار لدعم الموازنة التونسية، كاشفاً عن أن مؤسسات دولية أخرى تشمل صندوق التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي وأطرافاً مانحين يعتزمون تقديم قروض بقيمة 700 مليون دولار للغرض ذاته.
ولم يدع تكتم الصندوق والبنك من مجال لكشف أي من التفاصيل المثيرة التي يمكن أن تتضمنها خطة المساندة المكلفين إعدادها، إلا أن اعتراف مسؤولي البنك بأن الحكومات المصرية المتعاقبة دأبت على رفض اللجوء إلى المؤسسة ما لم تشكل المنح 40 في المئة من كل قرض، يؤكد أن تونس ومصر لن تكونا شديدتي الحرص على مؤتمر قمة يفاقم وضع ديونهما الخارجية.