غزة-عبد الحميد حمدونة
تبدو علامات الدهشة على المواطن الفلسطيني طه مصطفى "58 عاما"، فهو يكاد لا يصدق دخوله إلى غزة عبر معبر رفح جنوب القطاع.
توجه مصطفى وعائلته المكونة من ستة أشخاص إلى غزة مسقط رأسه، بعد غربة استمرت تسعة أعوام في السعودية ليرجع إلى الوطن بين أحضان أهله وأحبائه، لكنه صدم بمعاملة الأمن المصري للمواطنين.
وأخبر مصطفى معاناته لـ" الرسالة نت" : يتواجد مئات البشر على معبر رفح بغرض الدخول إلى غزة، ولكن الأمن المصري يمنعهم ، متسائلا عن سبب منعهم من الدخول إلى وطنهم، فما يحدث على المعبر لا يمكن تخيله من الإجراءات المصرية المهينة لكرامة المواطنين.
و يصف حال المواطنين على المعبر بالسيئة، فهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء لأسابيع طويلة منتظرين فتح المعبر والعودة لبيوتهم.
والجدير ذكره أن معاناة سكان قطاع غزة جراء إغلاق المعابر ما زالت مستمرة منذ منتصف يونيو 2007 عقب الحسم العسكري الذي نفذته حركة حماس في غزة، الأمر الذي أدى إلى تحويل غزة لسجن كبير، فرض على المواطنين العزلة عن العالم الخارجي.
ويشير مصطفى إلى انه وصل العريش متحملا مشاق السفر عدة مرات، وفي كل مرة يمنعهم الأمن المصري من العبور إلى غزة، مؤكدا على أنه أنفق أموالا كثيرة، ولم يتبق معه سوى القليل.
ويقول مصطفى: ما يحدث على معبر رفح أشد قسوة على النفس من نكبة فلسطين، موضحا أن النكبة حدثت من الأعداء، أما إغلاق المعبر يحدث من إخواننا العرب المصريين.
يشار إلى أن المواطنين العالقين على معبر رفح يضطرون إلى المبيت في العراء في الشوارع والحدائق، ويضطرون كذلك إلى بيع جميع متعلّقاتهم الشخصية من هدايا وغيرها بعدما أدّى نفاد أموالهم إلى تركهم الشقق التي كانوا يقطنونها.
وبعد طول انتظار قارب حوالي الشهر، فُتح المعبر قبل أسبوعين وظل مفتوحا لأربعة أيام، ويضيف مصطفى بأن فرحته تلاشت نهائيا مما لاقاه من تعامل سيء على الجانب المصري، مشيرا إلى دخول الأشخاص بشكل سريع يعتمد على الرشوات، ومن يدفع أكثر يدخل أولا.
ويتابع بأنه اضطر لدفع 700$ للجهات المختصة في الجانب المصري من المعبر لكي يدخل بسرعة، وتساءل لماذا ندفع أموالا إضافية مع أن المعبر مفتوحا بالاتجاهين؟!.
وطالب مصطفى مصر بالكف عن هذه المهزلة، وترك معبر رفح مفتوحا دون إغلاقه بحجج واهية، فيكفي الشعب الفلسطيني ما يراه من عدونا الصهيوني.
ابن المواطن طه مصطفى الطفل عبد العزيز "11 عاما" قال للرسالة نت في هذا الصدد: صحيح أن حياة السعودية أكثر رفاهية من حياة أهل غزة، لكن العزة التي يمتلكها أهل غزة تكفي لأن توزع على كافة أهل الأرض، بالإضافة إلى وجوده بجانب أهله، خصوصا أخواته التي لم يرهن قط منذ ولادته.
ها هي معاناة المواطنين المسافرين على معبر رفح تستمر دون أن يحرك أحد من دول العالم الديمقراطي المتحضر ساكنا، ودون أن تبدر أيُّة بادرة حقيقية على المستوى الإقليمي والدولي لوقف معاناة أهلنا العالقين على المعبر الذين يعانون الأمرين وسط ظروف بالغة القسوة والتعقيد وانعدام الإنسانية أمام سمع وبصر العالم أجمع.