قائد الطوفان قائد الطوفان

عائلة أبو محمد .. حكاية غربة من ليبيا الى غزة

الرسالة نت - أمل حبيب

كانت قلوبهم ملأى باليقين بأنه لا ملجأ لهم سوى حضن الوطن الغالي.. هربوا من طغيان الحرب ورائحة الموت في ليبيا لاجئين الى موطنهم عله يضمد جراحهم ووجع غربتهم, وأيقنوا بأنه لا يوجد أجمل من الميتة فوق ثرى غزة .. هي حكاية ألم ومعاناة تحمل طابعا خاصا ممزوجا بالإحساس بالغربة في الوطن, وفقدان كل شيء سوى ملابسهم التي  تغطي أجسادهم .

أين أهل الكرم؟؟

بدأت حكاية الألم لعائلة أبو محمد نسج أولى  فصولها في شهر مارس بعدما انتفض الشعب الليبي وفجر الثورة مطالبا بإصلاحات سياسية واقتصادية, فنعتوا بالجرذان وبدأت المواجهات بين قوات القذافي والثوار.

عائلة أبو محمد كانت تقيم في منطقة راس لانوف أكثر المناطق سخونة, حينما اقتحمت قوات القذافي منزلهم محاولة  تجنيد محمد31 عاما وأحمد23 عاما وأمهلتهم أربعا وعشرين ساعة لتنفيذ الاوامر , فخافت الأم على أبنائها من الموت المحقق ففروا هاربين بعد سقوط قذائف مدفعية أمام منزلهم.

وكان لأبو محمد وأبنائه مراكب وشباك صيد فشغلهم الشاغل كان البحر, بشرة البحار أحمد السمراء التي داعبتها أشعة شمس ليبيا تركت أثرها على وجهه فأخبرتنا مدى حبه للبحر والسمك,

وقال أحمد ببسمة لا تفارق محياه :" ما في سمك بغزة " فأجابه فريق ( ألم وأمل ) : بلى .. بس في احتلال ".

"كنت مفكر انو الراحة في بلادي .. لسة ما دقت طعمها " هي كلمات نطق بها وجع أحمد, وتابع بالحديث عن المعاناة التي عايشوها في الهروب والمشي طويلا عبر الطريق الصحراوي قائلا:" تركنا خلفنا أملاكنا وعملنا وبيتنا وأصبحنا بلا مأوى أو عمل أو مال " .

باللكنة الليبية تمنت هبة - 25 عاما - أن تجتمع اسرتها تحت سقف واحد قائلة :"عايزين نلموا حالنا " وتابعت :" يراودني احساسا بين الحين والاخر بالندم للقدوم الى غزة فلا مكان يأوينا ولا مال أو عمل لأشقائي"(...) أتمنى لو يصبح لدينا منزلا من غرفة واحدة " .

توزع أفراد العائلة في بيوت اقاربهم حتى يخففوا العبء , ومضى على لجوء عائلة أبو محمد للقطاع ثلاثة أشهر ولم يدق أحد من الجهات الرسمية أو أهل الخير بابهم ليسألهم عن حاجاتهم وما ينقصهم سوى عدد محدود من الباحثين الاجتماعيين ليدونوا بياناتهم ويرحلون بلا عودة .

هبة حدثت (الرسالة نت ) عن رحلة العذاب و المعاناة التي دامت خمسة عشر يوما في معبر السلوم الواقع على الحدود الليبية المصرية يفترشون الارض بقساوتها ويلتحفون بعضا من أوراق الكرتون.. وبرغم من فصول الألم الا أن هبة كانت تطمئن نفسها بأنها عندما تصل للوطن سوف تنسى الالام , ولكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه فانتاب هبة الشعور بالغربة في موطنها  وخصوصا من ثقل اقامتنا في بيت عمها بالرغم من أنهم لم يشتكوا يوما من اقامتهم.

غريب في بلادي

بدأت علامات الندم جلية على وجه هبة 25 عاما فلم يعد حضن الوطن دافئا كما تقول , (ألم وأمل) كانت تهون على هبة وأهلها والتي بدت عليهم علامات اليأس حين قالوا :" صرنا زي الي ببدأ من الصفر ..لا بيت , لا مال , لا عمل ".

من المحزن أن يشعر الانسان بأنه غريب في بلده والذي يزيد مرارة القلب أن لا يجد من يضمد جراحه ويؤنسه في غربته ماديا ومعنويا.

الحاجة الستينية أم محمد مازالت صور المواجهات ولون الدم حاضرا في ذاكرتها وقالت :" كان أهم شيء بالنسبة لنا هو الهروب من ليبيا والوصول لغزة , لم نأخذ شيئا من ممتلكاتنا  (...) ما كان معنا من المال دفعناه للهروب عن طريق الأنفاق بعدما منعنا من العبور عبر الحدود ".

هاج البحر غضبا مع ثورة الشعب المقهور فابتلع مراكب أبو محمد , أما منزلهم فأصبح ثكنة عسكرية للقذافي ولم يبق لهم شيئا في ليبيا سوى الذكريات .

" كنت متولعة أشوف غزة (...) مش هاين علي أحس بالغربة فيها " هي كلمات نطق بها وجع هبة, أما أحمد فيشعر بالإحراج حينما يضع ابن عمه بعض الشواكل في يده كمصروف, وقال: "نفسي أشتغل وأصرف على أهلي".

ألا يستحق صبر عائلة أبو محمد العائدة الى بلدها أن تجد مأوى أو عملا تعتاش منه .. الحكومة في غزة الكرام .. أهل غزة العظام هي رسالة ألم تحتاج لمن يسمعها ويعيرها اهتماما حتى لا يتسلل اليأس لقلوب أفرادها لعودتها لأرض الوطن .          

 

البث المباشر